«كسرنا البرواز».. معرض كاريكاتيري يؤرخ لثورة 25 يناير

يمزج الرسم بالشعر في مشاهد بصرية ساخرة تجتذب الجمهور

أكثر من ثلاثين لوحة بالأبيض والأسود بحجم متوسط تزين كلا منها مقطوعة شعرية («الشرق الأوسط»)
TT

جرت العادة أن نجد معرضا للكاريكاتير أو للفن التشكيلي أو للصور الفوتوغرافية أو لمزيج بين بعضهما أو جميعها، كما جرت العادة أن نسمع عن ندوة لشاعر أو مجموعة من الشعراء، أو شاعر بصحبة ملحن أو مطرب، لكن أن نجد معرضا للكاريكاتير ترافقه مجموعة من القصائد الشعرية، تعبيرا عن موضوع واحد هو ثورة 25 يناير في مصر، فإن هذا ما لفت جميع زوار معرض «كسرنا البرواز» الذي افتتح مؤخرا في قصر ثقافة الطفل بالقاهرة.

أكثر من ثلاثين لوحة بالأبيض والأسود بحجم متوسط تزين كلا منها مقطوعة شعرية علقت على جدران إحدى قاعات العرض بالقصر، تتناول موضوعات متنوعة تتعلق جميعها بأجواء ثورة 25 يناير في مصر، بدءا بمرحلة ما قبل الثورة وفضح الفساد، مرورا بالأيام الأولى للثورة وحتى المحاكمات الجارية لعناصر النظام ووجوه الفساد، مع الإشادة بدور الحكومة الوطنية الحالية.

يقول الفنان خضر حسن صاحب الأعمال الكاريكاتيرية في المعرض لـ«لشرق الأوسط»: «إن هذا هو معرضي الفردي.. يرى أن الثورة كموضوع لفن الكاريكاتير تستحق العناء من أجل إقامة معرض ذي موضوع واحد أو موضوعات متعددة، لكنها في النهاية تتعلق بالثورة».

وحول دور الكاريكاتير في التعبير عن الثورة يرى حسن أنه الأقوى والأسرع، مشيرا إلى أن الفن التشكيلي على سبيل المثال - كمعبر عن الثورة - ما زال يدور في منطقة الفن النخبوي، بينما الكاريكاتير فن أكثر شعبية.

أما عن فكرة إقامة معرض كاريكاتيري شعري مشترك فيرى أنه إثراء للعمل، وكسر للحالة المعتادة، كما أن المتلقي الذي اعتاد على سماع الشعر في الندوة، وقراءته في الديوان سيجد هنا بعدا مختلفا يثري الحالة البصرية بين التشكيل والكتابة.

ولا يخشى الفنان حسن من أن يعبر هذا المعرض - ضمنيا - عن تخوف الفنان من وصول عمله بمفرده إلى الجماهير، من دون تعليق أو كلمة، مما ألجأه إلى القصيدة، خاصة العامية المصرية منها، لتحقق نوعا من الجذب ولفت الانتباه إلى الأعمال المعروضة. يعلق حسن مؤكدا أن العادة جرت في الصحافة المصرية أن يكتب المؤلف أولا ثم يرسم الفنان ما كتبه سواء في تحقيق صحافي أو عمل كاريكاتيري أو غير ذلك، لكن ما حدث في هذا المعرض هو العكس، فقد قام الشاعر بمشاهدة الرسومات أولا ثم بدأ الكتابة، والأمر كله متعلق بالتجديد في العرض والتلقي.

أما الشاعر الذي اقتسم هذا المعرض مع فنان الكاريكاتير فهو محمود سيف الدين الذي وقع على المقاطع الشعرية باسم الشهرة قطز، وقد أكد أن فكرة هذا المعرض كانت تلقائية مشتركة بينه وبين صديقه نتيجة للرغبة في عمل مشترك ينبع من الثورة المصرية، ومن الحياة اليومية التي كانا يعيشانها، مما جعله يكتب مقاطع ارتجالية.

وحول ما إذا تبادر إلى ذهنه شيء من القلق حيال تركيز الزوار على الأعمال الكاريكاتيرية وإهمال المقاطع الشعرية، أكد سيف الدين أنه يعرف مسبقا أن «البطل» في هذا العمل هو المعرض الكاريكاتيري والرسوم، وأن المقاطع الشعرية تلعب «الدور الثاني»، لكن هذا لم يثنه عن خوض التجربة المتفردة التي يتمنى أن تنتشر من أجل كسر حالة الرتابة في التعامل مع الأعمال الفنية كل على حدة.

أما عن المقاطع الشعرية والتي جاءت بالعامية المصرية عدا مقطعين أو ثلاثة كتبها الشاعر بالفصحى، فأكد سيف الدين على أهمية تناول قضية كبرى مثل ثورة يناير بكافة أشكال الإبداع الممكنة، وإن كان يميل إلى العامية التي يعدها أقرب إلى جمهور المتلقين، خاصة زوار معرض هو للكاريكاتير بالأساس.

وترى منال سعيد (محامية)، إحدى زائرات المعرض أن الفكرة في حد ذاتها جريئة وجديدة، خاصة في المزج بين ما تعودنا قراءته وسماعه، وهو الشعر، وبين ما تعودنا مشاهدته، وهو الكاريكاتير، وهو الأمر الذي تطلب مني وقتا ومجهودا لاستيعاب الفكرة في البداية، وللتوقف أمام كل لوحة فترة أطول للمشاهدة ثم للقراءة، والعودة للمشاهدة مرة أخرى، وهكذا. لكن هذا المعرض في النهاية فكرة جديرة بالاهتمام والتطوير والاستمرار.

ومن الأعمال المميزة في المعرض نجد لوحة تمثل قبضة يد تخرج من برواز صورة بقوة وتحطمه، وهي اللوحة الأساسية المعبرة عن فكرة المعرض، وقد كتب تحتها: « وكلمتين من نار/ الثورة والثوار/ الموت قدر محتوم/ ولا فيشي منه فرار/ بس اللي مات في المواجهة أسد/ أما اللي مات جوه جحره.. فار».