كبسولات دم صناعية قادرة على نقل الأكسجين

تقنية نانوية لإنتاج دم صناعي لكافة الفئات

يعتقد العلماء أن واحدة في الأقل من كل 2000 قنينة دم محفوظ تحتوي على لويحات دم ملوثة بالبكتيريا ولا وجود لفحص أكيد يمكن أن يؤكد وجود هذه الجراثيم في الدم (أ.ب)
TT

تصبح حياة الإنسان مهددة عادة حينما يفقد لترا ونصف اللتر من الدم أثناء إجراء عملية جراحية أو بسبب حادث كبير، وهو ما يجعل عمليات نقل الدم ضرورية لإنقاذ الحياة.

المشكلة هي أن احتياطي الدم، في المستشفيات أو في بنوك الدم، يتناقص كل يوم، وترتفع معه نسب التلوث ومضي تاريخ الاستهلاك. وهذا قد يؤدي إلى كارثة في حالة تعرض العشرات إلى حادث خطير. وطبيعي تتعقد الأمور وتزداد المشكلات خلال البحث عن فئات دم متطابقة في هذه الحالات.

من بين محاولات إنتاج دم صناعي للبشر، وفق مختلف طرق التحضير، يبدو أن البروفسور توماس فيتيش قد توصل إلى نتيجة إيجابية رغم أنه يتحدث عن الحاجة إلى 5 - 10 سنوات كي يكون الدم الصناعي، المحضر بمساعدة التقنية النانوية، جاهزا للاستعمال.

هناك طرق سابقة بحثت عن بديل صناعي للدم واستخدمت مواد كيميائية بحتة في محاولة تأهيل المحلول لنقل الدم، لكنها فشلت. منها محاولة استخدام فلوريد الهيدروجين «بيرفلوركاربونات»، لكن هذه المادة لم تثبت كفاءة بالارتباط طويلا بذرات الأوكسجين ونقلها، رغم أنها زادت من قدرة ذوبان الأكسجين دم المتلقي. استخدام المحاليل الحليبية العالقة فشل أيضا لأنها تقوى لفترة قصيرة فقط على نقل الدم ثم تفقد هذه الخاصية بسرعة بسبب التأكسد المستمر.

البروفسور فيتيش، من جامعة ماربورغ الألمانية، يحاول منذ سنوات استخدام الدم البشري المحفوظ، الذي انتهت فترة استعماله، أو دم بعض الحيوانات، كوسيط لنقل كريات دم حمراء مصنوعة من الهيموغلوبين. ويقول فيتيش إنه نجح في صنع أغلفة للهيموغلوبين من كريات نانوية تم إنتاجها باستخدام رغوة معدنية. وثبت أن هذه الأغلفة الصناعية نفاذة للأكسجين ولا تبلى بسهولة، الأمر الذي يجعلها مناسبة للاستخدام في البلازما.

والدم سهل التحضير، ولا يحتاج سوى إلى ترشيح كريات الدم القديمة من الدم واستبدال كبسولات الدم الحمراء الصناعية بها. كما أنه من الممكن التحكم في فترة حفظه، وضمان عدم تعرضه للتلوث مختبريا. ثبت أيضا من خلال التجارب على الحيوانات أن الجسم يتقبله، كما أن الأعراض الجانبية الناجمة عن استخدامه قليلة. وهو دم يصلح لكل فئات الدم حينما يكون الدم القديم المستخدم كمحلول من فئة O الأكثر انتشارا.

ويعتقد العلماء أن واحدة في الأقل من كل 2000 قنينة دم محفوظ تحتوي على لويحات دم Thrombocytes ملوثة بالبكتيريا، ولا وجود لفحص أكيد يمكن أن يؤكد وجود هذه الجراثيم في الدم. وكشفت دراسة بريطانية أجريت حول الموت بسبب الدم المحفوظ بين 1995 - 2000، أن 12.5 في المائة من هذه الحالات حدثت بسبب تلوث الدماء المحفوظة بالبكتيريا والفيروسات.

أما حالات الاشتباه في نقل الدم، أو نقل دم من فئة معينة إلى فئة مخالفة، فليست نادرة الحدوث، لكن الدم الصناعي يمكن أن يقضي على هذه الظاهرة. وتنخفض نسبة هذا الاشتباه على المستوى العالمي إلى 1 لكل 10 آلاف حالة، لكنها تبقى خطرة حسب رأي العلماء.

وسيعمل علماء ماربورغ خلال التجارب المقبلة على تزويد الكبسولات النانوية الدموية الناقلة للأوكسجين بشيء من المرونة كي يضمنوا عدم تكسرها بسرعة. وهذا ممكن، حسب رأيهم، من خلال إحداث تغييرات في الرغوة المعدنية المستخدمة في صناعة الكبسولات. إذ إنه من المعروف أن كريات الدم الحمراء قادرة على تكييف نفسها للمرور من خلال أوعية دموية يقل نصف قطرها عن نصف قطر الكرية نفسها. وتستطيع كريات الدم الحمراء تغيير شكلها خلال أجزاء من الثانية كما يفعل الماء، لكنها تتصلب بوجه عوامل أخرى مثل التعرض إلى توتر كهربائي عال.

وتعين البنية المرنة في الحفاظ على دورة حياة الكريات التي تمتد نحو 120 يوما ضد ما قد تواجهه من صدمات ومؤثرات خلال دوراتها التي تقدر كمسافة بنحو 400 كلم داخل جسم الإنسان.