أرشيف نادر يؤرخ لدار الكسوة في مصر

يضم مجموعة من الصور والكتب والمعدات جمعت على مدى 40 عاما

TT

في مزاد سوذبيز «السفر، الأطلس، الخرائط والتاريخ الطبيعي» دائما ما يكون هناك ما يجذب النظر؛ فالمخطوطات القديمة والصور التاريخية لها سحرها الذي يجذب الكثيرين للتوجه لمقر الدار للمعاينة حتى لو لم يكن ذلك بغرض الشراء، فهم يجدون في تلك الزيارة متعة كبيرة، فالمعروضات هنا نادرة، وتعتبر هذه هي الفرصة الوحيدة للاستمتاع بها في هذه المرحلة التي تفصل انتقالها من يد جامع للمخطوطات إلى يد آخر.

ومن ضمن المجموعة الضخمة التي تعرض للبيع غدا الثلاثاء، بمقر الدار بوسط لندن، تظهر مجموعة أرشيفية نادرة تتعلق كلها بعملية إنتاج كسوة الكعبة التي كانت تتم في دار الكسوة بالقاهرة. ويشتمل المعرض على باقة واسعة ومتنوعة من قوالب التطريز الأصلية والأعمال الفنية التي أنتجتها الدار، ومن خلال أرشيف يسطر تاريخ نصف قرن، نستطيع رؤية وجوه بعض هؤلاء الصناع خلال تطريزهم لقطع الكسوة.

المجموعة التي قام أحد جامعي المخطوطات بجمعها على مدار أربعين عاما تظهر في الأسواق العالمية لأول مرة وتعتبر أكبر أرشيف معروف يتم عرضه في مزاد علني يتعلق بإنتاج كسوة الكعبة.

وحسب ما قال ريتشارد فاتوريني، نائب مدير قسم الكتب والمخطوطات في الدار، فإن أهمية عرض المجموعة في الوقت الحالي يمكن ربطها بالمعرض الضخم الذي يعد له المتحف البريطاني ويخصصه للحج، ويتوقع أن يفتتح في بداية العام المقبل. يقول فاتوريني: «هذه المجموعة مهمة جدا للمتحف البريطاني، فهي تضم مادة خصبة لا يملك مثلها، وأتوقع أن يقوم المسؤولون عن معرض الحج بطلب استعارة الأرشيف من المشتري للاستعانة به في المعرض المقبل، وهذا في رأيي يمنح المجموعة بُعدا تقديريا إضافيا».

المجموعة تضم 16 نموذجا تطريزيا وتصميمات مرسومة بالألوان المائية ومثلها نادر الظهور في الأسواق العالمية كما يقول فاتوريني: «رأينا نماذج قليلة مشابهة عُرضت في أوقات متفرقة على مدى الـ40 عاما الماضية؛ فهي نادرة جدا».. الصور المصاحبة للأرشيف تؤرخ للعاملين في دار الكسوة وتسجل أسماءهم أيضا، وذلك أيضا من الأمور النادرة، فعادة ما تسلط الأضواء على ما تنتجه الدار لا على العاملين خلف الستار، ولعل تلك الصور التي تصور العمل في الدار تضيف «بعدا إنسانيا» آخر للمجموعة، على حد تعبير فاتوريني «فعادة ما يطوي النسيان هؤلاء الحرفيين».

والمعروف أن التحاق الحرفيين في الدار كان يخضع لعملية انتقاء صارمة، فكان يتطلب من الحرفي الذي يرغب في العمل بالدار أن يكون صاحب سجل مهني مميز وممن عرف عنهم الكفاءة والدقة والباع الطويل في مجال التصميم والتطريز والزخرفة.

الأرشيف يضم، إلى جانب الصور والنماذج، قطعا من الكسوة وبعض خيوط الفضة التي كانت تستخدم في التطريز، إلى جانب بعض المعدات التي كانت تستخدم في ذلك الوقت. هناك أيضا بعض الميداليات التي فاز بها هؤلاء الحرفيون عن عملهم في معارض عالمية أقيمت في باريس وبلجيكا، كما يضم أيضا تشكيلات من المعدن وعددا من الكتب والمعروضات المتعلقة بالحج وتشمل القرآن الكريم بحجم صغير يعود إلى أوائل القرن العشرين ومجموعة من العملات المعدنية (1927 - 1956).

الأرشيف عموما يؤرخ لمراحل تصميم وإنتاج كسوة الكعبة المشرفة، ويذكر أن دار الكسوة بالقاهرة قامت بإنتاج المتعلقات التطريزية الفاخرة والنسج المزخرفة بالآيات القرآنية التي غطت جدران الكعبة بين عامي 1818 و1961.

وتتراوح القيمة الإجمالية للمجموعة بين 60 ألفا و80 ألف جنيه إسترليني.

ويضم المزاد صورتين للرحالة المصري المعروف محمد سعودي، وهما من بواكير الصور التي رصدت موكب المحمل في القاهرة وسُجلت صور لحملات الحجيج العائدة من مكة المكرمة.

كما يضم المزاد أيضا كتابا صدر عام 1931 لمصور القصر الملكي رياض شحاتة، وعددا من الصحف التي أرخت للحج عبر الفترة من أواخر القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين.

أما الجزء الثاني من الأرشيف الضخم فيتعلق في الغالب بالمحمل والحج؛ فهناك عدد من الشهادات التي كانت تمنح للحجاج لإثبات إتمامهم للفريضة، وعدد من البطاقات البريدية التي كانت تباع للحجاج في مكة والمدينة.

وإلى جانب الأرشيف الذي يعتبر من أهم أقسام المزاد يوجد عدد من الكتب التي تناولت الحج وتاريخ الجزيرة العربية، ومنها كتاب مصور لصادق بيه، وهو من أوائل المصورين الذين سجلوا للحج.. يُذكر أن مجموعة من الصور التي التقطها صادق بيه قد بيعت في مزاد علني عام 1998 بمبلغ قياسي وصل إلى مليون وربع المليون جنيه إسترليني.