باسم يوسف شو.. موهبة فنية تتفجر عبر الإنترنت

الثورة حولته من طبيب جراح إلى ممثل كوميدي ساخر

باسم يوسف من طبيب جراح إلى كوميدي يدافع عن الثورة عبر الإنترنت
TT

«من حقك أن تقول رأيك، ومن حقنا أن نسخر منك».. شعار رفعه طبيب القلب د. باسم يوسف لبرنامجه الكوميدي الساخر عبر موقع «يوتيوب»، «باسم يوسف شو» الذي يهدف لإثارة غضب أعداء ثورة 25 يناير، وفي غضون أسبوعين أصبح يمتلك نجومية ضاربة وحقق برنامجه منذ بث أولى حلقاته في 3 مارس (آذار) الماضي، نجاحا إنترنتيا ساحقا على «يوتيوب» حيث شاهد الحلقات 1.979.845، كما أصبح عدد محبي صفحة البرنامج على «فيس بوك» 39.179 ألفا، وهو الرقم الذي يزداد كل ساعة تقريبا بالمئات، ويتم تداول مقاطع الفيديو الخاصة به خلال ثوان معدودة بواسطة آلاف المشاهدين من جميع أنحاء العالم.

يتمتع يوسف بحضور كبير وخفة ظل، ورغم أنه لا يملك خلفية إعلامية ولم يسبق له أن واجه الكاميرا فإنه يقدم تجربة إعلامية جديدة من نوعها بأسلوب متأثر ببرامج التوك شو الكوميدية الأميركية الشهيرة مثل «the late show» الذي يقدمه ديفيد ليترمان، و«the daily show» الذي يقدمه جون ستيوارت.

البرنامج في حلقاته الست، تحدث عن الثورة المصرية والمعالجة الإعلامية لها عبر قنوات التلفزيون المصري وفضائياته، بعرض مقاطع لما تم بثه من أكاذيب مع اندلاع الثورة، ومدة حلقاته تتراوح ما بين 5 دقائق ولا تزيد على 15 دقيقة، ويسخر من النماذج التي قدمها التلفزيون لإرهاب المصريين وتشويه الثورة، كما يخصص حلقاته للسخرية من الفنانين الذين حاولوا مهاجمة الثورة وتجسيدها بأنها مخطط لتدمير مصر وأنها مؤامرات.

استغل باسم يوسف إحدى حجرات عش الزوجية الجديد الذي دخله منذ 5 أشهر فقط، ليحولها إلى استوديو خاص ببرنامجه وبديكورات بسيطة قوامها بعض الصور الفوتوغرافية عن الثورة المصرية، استطاع أن يحقق نجاحا يماثل أشهر البرامج الحوارية على الفضائيات. ويكتب باسم يوسف حلقات البرنامج بنفسه، وينتجه عمرو إسماعيل، وإخراج محمد خليفة، ومونتاج: طارق جبري، وهندسة الصوت: المهندس حلواني، وD.O.P: طارق عبد الحميد.

يتمتع الدكتور باسم رأفت محمد يوسف الشهير بباسم يوسف (37 سنة) بقدر من الثقل العلمي كطبيب، فهو تخرج في كلية الطب عام 1998، وحصل على درجة الدكتوراه في تخصص جراحة القلب والصدر من جامعة القاهرة، وحاليا هو عضو هيئة التدريس بكلية الطب. سافر للعمل بأميركا وأوروبا لمدة سنتين ونصف في إحدى شركات الأجهزة الطبية التي تطور تكنولوجيا زراعة القلب والرئة. ثم عاد إلى مصر للحصول على الدكتوراه، ثم سافر إلى ألمانيا للتدريب على جراحات زراعة القلب والأجهزة المعاونة لعضلة القلب ventricular assist devices. وهو حاصل على زمالة كلية الجراحين البريطانية 2006، وحاصل على رخصة مزاولة الطب بالولايات المتحدة منذ عام 2005. وبالإضافة إلى نجاحه الأكاديمي والعلمي وموهبته الإعلامية المتفجرة يمارس جراح القلب هوايات متعددة منها كرة القدم والعدو والسباحة وتسلق الجبال.

يطرح يوسف توجه البرنامج قائلا «نحن نؤمن بالديمقراطية والتعبير عن الرأي. من حقك تقول رأيك ومن حقنا أن نتريق عليك. ولأننا نؤمن بالتسامح وإعطاء فرصة أخرى لكل من أخطأ ولعب في دماغ الشعب، فنحن بدورنا على استعداد للتسامح معكم، بس بعد ما نلعب في دماغكم إحنا كمان. ولذلك إلى كل من أخطأ في حق الشعب المصري بتضليله والضحك عليه نهدي لكم هذا البرنامج ونتمنى أن يحوز غضبكم وعلى الله تحسوا على دمكم».

وبتهكم شديد، يحيي باسم يوسف في أولى حلقات برنامجه صاحب فكرة إشاعة «أن المتظاهرين يحصلون على وجبة كنتاكي و50 جنيها»، معتبرا أنه دفع المزيد من الجماهير للانضمام للثوار. ويسخر من أحد الحلول التي كان يتم تداولها في مهد الثورة، وهو تجويع المتظاهرين واستخدام خراطيم المياه والحصار حتى يعلنوا استسلامهم.

يقول باسم يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «البرنامج أول تجربة لي، ولم تكن لي صلة مطلقا بالوسط الإعلامي، وهي أول مرة أواجه الكاميرا، ولم تكن فكرة البرنامج في ذهني، خاصة أنني كنت أستعد للعمل والإقامة بكليفلاند في أميركا للعمل بأحد المستشفيات هناك، ولكن مع تفجر الثورة علمت من أستاذي جراح القلب الكبير الدكتور طارق حلمي أن المستشفى الميداني يحتاج للأطباء فذهبت وشاركت يوم 29 يناير (كانون الثاني)، شاهدت هناك أناسا فقدوا أعينهم وفاضت أرواحهم مضحين من أجل نجاح ثورتهم، وبعد انتهاء الثورة فكرت مع مجموعة من أصدقائي في إنتاج حلقات منخفضة التكاليف على الإنترنت نتحدث فيها عن ما شاهدناه على القنوات الإخبارية طوال ليالي الثورة، باعتبارها توثيقا لما حدث خلال 18 يوما.

لم نكن نتوقع نجاح البرنامج، وأن يذيع صيته بمجرد إطلاقه عبر الإنترنت، وتوقعنا أن يلقى رواجا في غضون عام، إلا أن البرنامج حقق نسبة مشاهدة نحو مليون ونصف خلال أسبوعين، وهو ما شجعنا ودفعنا لتقديم المزيد، ونحن نتقبل أي مقترحات من المشاهدين سواء على مستوى التقنيات أو الأفكار».

ويضيف «أتلقى طلبات من زوار صفحتي على (فيس بوك) أو على موقع (يوتيوب) بحلقات خاصة مثلا عن لاعبي كرة القدم، وتامر حسني ومرتضى منصور، وغيرهم. وأتلقى في بعض الأحيان اتهامات بأني خائف من تجسيد شخصيات بعينها، لكن هي مسألة وقت وكيفية كتابة حلقة مميزة». ويعتزم باسم يوسف تقديم حلقة عن عبود الزمر وحلقة عن الزعيم الليبي معمر القذافي.

وحول وضع مصر بعد الثورة، يقول د. باسم «المشكلة أننا نتعجل في أحداث التغيير لقد نجحت الثورة، ولكن نحتاج لبعض الوقت للتعافي من إزالة الورم»، واصفا مصر بـ«مريض السرطان الذي يحتاج إلى علاجات كيميائية وإشعاعية للقضاء على الخلايا السرطانية».

وبروح الدعابة التي يتمتع بها لا يستبعد باسم يوسف ترشيح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية، متهكما على طوفان الأسماء التي تطرح نفسها لتولي هذا المنصب السياسي. ويؤكد يوسف أن الحلقة القادمة «ستكون دسمة وسنخرج فيها عن النمط المعتاد، لأني أشعر أن علينا مسؤولية لإبداء رأينا في ما يحدث في مصر. وأؤكد بشدة على أن الهدف ليس تعقب أشخاص أو بناء مجد على حساب أحد، بل هدف البرنامج رؤية الأشياء من منظور مختلف».