سلطان بن سلمان: دول الخليج تتكئ على إرث حضاري عظيم.. هو مصدر وحدتها وترابطها

قال إن قضية الآثار تمر بمنعطف خطير.. وتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه المواطن الحارس الأول لها

الأمير سلطان بن سلمان متحدثا في حفل الافتتاح («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن دول مجلس التعاون تتكئ على إرث تاريخي وحضاري عظيم من خلال ما تختزنه من آثار ذات قيمة عالية، موضحا أن الإرث المشترك أساس هام لتضامن دول المنطقة وتواصلها الحضاري والتاريخي.

وأبان في الكلمة التي ألقاها أمس الاثنين، خلال رعايته حفل افتتاح الملتقى الثاني عشر لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في فندق الإنتركونتيننتال بالرياض، أن هيئة السياحة تقوم بتطبيق برنامج وطني كبير يرعاه رجل التاريخ والحضارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبمساندة ولي العهد، والنائب الثاني، يتمثل في إبراز البعد الحضاري للمملكة، مؤكدا على ضرورة الاعتناء بالبعد الحضاري حتى يكون بعدا أصيلا ضمن الأبعاد الثلاثة، الإسلامي والاقتصادي والسياسي، وأن هذا البعد الحضاري يصبح أيضا بعدا أصيلا واضحا، وتكون العناية به عناية ليست فقط مكتوبة، أو عناية للمتخصصين، ولكنها عناية من الجميع. ونوه الأمير سلطان باهتمام الدولة بالمحافظة على الآثار مشيرا إلى الأمر السامي بإصدار تنظيم متكامل لحماية شاملة للآثار الإسلامية في المملكة والعناية بها، وإيقاف أي نوع من العبث فيها أو تداولها، وتوجيه هيئة السياحة بمسح هذه الآثار علميا في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وأبرز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أهمية تفاعل كافة فئات المجتمع مع الآثار ومعايشتهم لها وارتباطهم بها، وألا تكون حصرا على المختصين والمهتمين فقط، وقال «يجب أن يستمر عملنا كمهتمين بالآثار بنفس الوتيرة السابقة التي كنا نسير عليها، وهي وتيرة أن هذا تخصص، وأن قضية الآثار تمر بمنعطف خطير جدا مع انتشار الناس في المواقع، ومع انتشار المعلومات عن الآثار عن طريق الإنترنت وغيرها من مصادر المعلومات». وأضاف الأمير سلطان بن سلمان: «نريد أن نخرج الآثار من حفرة الآثار، ولا أقصد إخراجها وعرضها في المتاحف، وإنما ربطها بالمواطن ويكون هو الحارس الأول لها، والبعد عن وضع التسوير والحراسات على مواقع الآثار، بل لا بد أن يكون المواطن واعيا بالآثار الوطنية، يستطيع أن يعيش تجربة واقعية معاشة في المواقع التراثية». لافتا إلى أن «هيئة السياحة والآثار تقوم بذلك من خلال تأهيل القرى التراثية، وتأهيل قصور الدولة، وتهيئتها ليتعايش معها المواطن الفرد مع أسرته، ويستوعبوا التاريخ بطريقة جديدة تفاعلية وليست علمية مركزة خاصة بالمتخصصين فقط».

من جانبه، أشاد الدكتور فهد السماري الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز بالجهود الكبيرة التي يبذلها الأمير سلطان بن سلمان وما زال يبذلها في تطوير أعمال هيئة السياحة في المملكة حتى أثمرت نتائج طيبة مشهودة، والجهود المبذولة أيضا للحفاظ على تراث المملكة وآثارها الخالدة، والرفع من قيمتها التاريخية، وتسجيلها في المحافل العالمية التي تعنى بالآثار والتراث.

ولفت إلى أن التاريخ هو مخزون الأمة الذي يملأ حاضرها شموخا وعزة، ويشرق في مستقبلها أملا وضياء، كما أن الآثار جذور نبتت معها قيم راسخة، ومنجزات خالدة، شاهدة على عصور بادت، وتحكي عبرا وعظات من زمن تولى، ويبقى دور المؤرخ والأثري دورا محوريا في كل هذا الفضاء الرحب، بما ينجزه من بحوث قيمة، ودراسات واعية، تستند إلى البراهين القاطعة، والحجج السديدة.

وقال السماري إن ما تواجهه المنطقة من تحديات يحتم على المختصين من المؤرخين والآثاريين أن يضطلعوا بواجبهم نحو منطقتهم بالرد على المغالطات، وتفنيد وتحريف الحقائق والأسماء، ليكون ذلك إسهاما منهم في المصالح العليا لمنطقتهم وأمتهم، وسدا للثغرة، وأداء لحق مجتمعاتهم عليهم.

في حين، أوضح الدكتور أحمد الزيلعي أمين عام جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن السياحة في بلادنا من أصعب المهام وأشقها على أفذاذ الرجال، إلا أن همم الأمير سلطان بن سلمان تغلبت على مختلف الصعاب، وأسست في وقت قياسي جهازا كبيرا، مشيرا إلى أن ضم قطاع الآثار إلى السياحة وتقلد الأمير سلطان مهام القطاعين فكان الرجل المناسب في المكان المناسب.

ولفت إلى أن الجمعية التي تأسست قبل 15 عاما تعمل دون انقطاع في ظل الأهداف العليا لمجلس التعاون الخليجي. وتسهم في حدود إمكاناتها المتاحة في العمل الخليجي المشترك الذي هو غاية الخليجيين جمعيا، وهذا مبعث تفهم الأمانة والوكلاء والمسؤولين عن الآثار بدول المجلس الذين قرروا في اجتماعهم بالرياض قبل 4 سنوات دعم الجمعية من خلال استضافت ملتقياتها السنوية بالتناوب بين دولهم.

في نهاية الحفل قدم الدكتور السماري قطعة أثرية مقدمة للدارة من الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، حيث تشرفت الدارة بتقديمها للأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة تقديرا لجهود الهيئة وتعاونها مع الدارة لخدمة التراث والمحافظة على مصادره وإيداعها في المتحف الوطني.

كما تم خلال الملتقى تكريم الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز في حفل الافتتاح تقديرا لما يبذله من جهود في خدمة التاريخ والآثار والتراث العمراني، وما حققه قطاع السياحة والآثار في عهده من قفزات وتطور.