مهرجان كان السينمائي الدولي (3): أيام «كان».. القيمة الحقيقية للسعفة الذهبية

كان: محمد رُضا

جودي فوستر
TT

في الوقت الذي يبعث فيه افتتاح «كان» البهجة في القلوب، والرغبة في الشعور بأننا في مطلع دورة من أكثر دورات المهرجان جودة، هناك جدال حول القيمة الفعلية للسعفة الذهبية بالنسبة إلى الفيلم أو الشخص الفائز بها. هل هي، عمليا، مهمة؟ كيف يستطيع الفيلم الاستفادة منها على نطاق عالمي؟ هل تخدم الفيلم في «شباك التذاكر»؟ وماذا عن المخرج أو الممثل أو الكاتب الذي يفوز بها، كيف تفيده؟

مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» كتبت شيئا في هذا الصدد، وذكرت أن السعفة لا تترجم بالضرورة إلى أرباح مادية، لكنها «بالتأكيد تساعد» على النجاح عالميا. وللتدليل ذكرت مثال فيلم مايكل مور الوثائقي «فهرنهايت 9/11»، الذي حصد السعفة سنة 2004 وفوقها نحو 222 مليون دولار من الإيرادات العالمية. ومن ناحية أخرى، فإن الفيلم الفائز في العام الماضي، تضيف المجلة «العم بونمي الذي يستطيع أن يتذكر حياته السابقة» لم ينجز أكثر من مليون دولار حول العالم.

المشكلة في هذا الاعتبار هي أنه لا يوجد ما يؤكد أن سبب نجاح الفيلم الأول أو إخفاق الفيلم الثاني له علاقة بنيل السعفة. الأكثر احتمالا أن فيلم مايكل مور استفاد من عاملين: الأول هو أن المخرج معروف جدا كصاحب قضية معادية للحرب التي قامت بها الحكومة الأميركية في العراق، والثاني أن الفيلم خرج في رحى ارتفاع الحملة المعادية لجورج دبليو بوش.

والأكثر احتمالا أيضا أن فيلم «العم بونمي» لأبيشاتبونغ وبراسيتاكول لم يكن لينجح حتى لو حصل على عشر سعفات مربوطة معا في صندوق هدية مع باقة ورد أحمر.

بكلمات أخرى وصريحة: السعفة لا علاقة لها بـ«شباك التذاكر». لا تفيد الفيلم عمليا إلا على صعيد محدود جدا حين يتم عرضه في بلد المنشأ أو - في أفضل الأحوال - في دولة قليلة متجانسة الثقافة. وبالنسبة للسينمائي، الفوز بالسعفة أفضل بقليل من فوز الفيلم بها، لأنه سيدخل التاريخ على نحو مختلف. إنه ليس سلعة تجارية (أو هكذا من المفترض به أن يكون) ولا تستطيع أن ترفع أو تهبط بأجره، مما يعني أن فائدتها فنية ومعنوية.

هناك من سيذكر أن فيلم رومان بولانسكي «عازف البيانو» الفائز بالسعفة سنة 2002 جمع 120 مليون دولار، مما يعني أن الكلام السابق ليس صحيحا؟.. لكن من الذي قال إن هذا المبلغ ناتج عن فوز الفيلم بالسعفة الذهبية وليس بسبب فوزه بالأوسكار؟

ذات مرة، حين فاز كونتين تارانتينو بالسعفة الذهبية عن فيلمه «بالب فيكشن» سنة 2004، وبعد عودته إلى نيويورك دخلت عليه الممثلة أوما ثورمان ووجدته يرقص التانغو مع الجائزة. قال لها من دون أن يتوقف «هل تعرفين أي قائمة من الناس هي أفضل من قائمة من فازوا بالسعفة؟ قائمة أولئك الذين لم يفوزوا». ربما هي حكمة غامضة، لكن اسأل كاميرون وسبيلبرغ ومايكل باي أو بيتر جاكسون إذا ما كانوا مستعدين لاستبدال النجاح التجاري بسعفة ذهبية، أم لا.. وستجد الجواب مفعما.

جودي فوستر جاءت هذه المرة إلى «كان» مع «السنجاب» خارج المسابقة لكن في مستوى الأهمية مع أي فيلم مشترك داخلها، تأتي المغامرة الإخراجية الجديدة للممثلة المعروفة جودي فوستر، متمثلة بدراما عاصفة بعنوان «السنجاب» حول زوج مصاب بحالة انهيار نفسي. في الفيلم نرى انتقال رجل أعمال متخصص في تسويق الألعاب من الوضع النفسي الطبيعي إلى الانهيار الكامل تبعا لخسارته عمله. ونتابع نتيجة ذلك لا على وضعه الخاص فقط، بل على وضعه العائلي أيضا.

جودي تمثل شخصية الزوجة التي تحاول إنقاذ عائلتها وبيتها الزوجي من تبعات ذلك الوضع. وهي عالجت الحكاية من زوايا مختلفة (اقرأ النقد أدناه)، تقترب من الكوميديا تارة ومن العاطفة المحضة تارة أخرى، ثم تفترق عنهما لملاحظات اجتماعية مختلفة.

المقابلة التالية مع الممثلة والمخرجة جودي فوستر تتناول الفيلم وسبب اهتمامها بإنجازه، ثم إصرارها على الممثل ميل غيبسون ليقوم ببطولة الفيلم، وإذا ما كان ذلك عرّض فيلمها إلى مشكلات تسويقية بسبب ما تبدى من انهيار فعلي مر به الممثل في مطلع هذا العام.

* تم عرض هذا الفيلم في السادس من هذا الشهر في الولايات المتحدة، لكنه لم ينجز نجاحا تجاريا. هل من سبب تجدينه مقبولا؟

- هناك أكثر من سبب. نحن في فترة من الصعب فيها نجاح أفلام تتعامل مع مواضيع جادة. هذا النجاح يحدث في أحيان قليلة، وأعتقد أنها تزداد تباعدا مع الأيام واستمرار السينما في تقديم أفلام تهدف إلى عكس ذلك تماما.. إلى الإلهاء والترفيه من دون قيمة. أعتقد أن هذا أثر على الفيلم. لكن بالطبع هناك مسألة أخرى أعتقد أنك تنتظر مني أن أتحدث فيها وهي إذا ما كان وجود ميل غيبسون أثر سلبا على النجاح. الحقيقة أنني لا أعتقد أنه فعل ذلك. مع طغيان الجمهور الذي وصفته من الذي يستطيع أن يؤكد أن الفيلم كان سينجح لو كان مع ممثل آخر؟

* لماذا أصررت على ميل غيبسون لبطولة الفيلم وهو الذي كان بدأ يواجه أوضاعا شخصية غير مناسبة؟

- أولا، يجب أن تثيرنا مسألة الإعلام. في السابق لم يكن الإعلام مؤثرا في توجيه المتلقي كما هو الحال اليوم. الآن الرغبة في صنع خبر من أي مفارقة وبيعه والاستفادة منه أصبحت هي الأمر السائد بصرف النظر عما يمر به الشخص المعني. لا حدود للإعلام حاليا، وهو يقبل على كل ما من شأنه تسويق الخبر والمؤسسة التي تقوم به. سبب اهتمامي بميل غيبسون يعود إلى أنه ممثل رفيع الشأن بالدرجة الأولى، ويجب أن نفرق بين الممثل وموهبته من ناحية وبينه وبين حياته الشخصية من ناحية أخرى. ميل غيبسون ممثل مدهش، وأنا أحب العمل معه. وأعتقد أن جميع من مثل أو عرف ميل غيبسون يشاركني هذا الرأي. إنه يحتفظ بمزيج من الخفة والحكمة وهذا ما كنت أبحث عنه في الشخصية التي أقدمها في الفيلم. وأنا أفهم المناخ الذي مر به ورغبته في التغير وأحترم صراحته وشجاعته.

* في الفيلم يظهر غيبسون مع لعبة سنجاب، لكن هل أستطيع أن أسألك لماذا سنجاب وليس ما يمثل حيوانا آخر؟

- السنجاب يرمز إلى الرغبة في الابتكار. مثل شخصية والتر (غيبسون) الذي يجد نفسه مرتبطا بحياته في الغابة، وهو دائم الابتكار في كيفية الحصول على قوته وكيف يحمي نفسه. وهو ربما يسقط في الاختبار في أي لحظة، وهذا ما يحدث مع والتر تماما.

* حين قابلتك سابقا بمناسبة فيلم «الشجاعة» سنة 2007 سألتك عن السبب الذي من أجله تنجذبين إلى الأدوار التي تتطلب شخصية قوية.. هنا الحال ذاته.. أنت امرأة قوية في هذا الفيلم أيضا لكن من جوانب جديدة..

- أحب هذه الشخصيات. طبعا مثلت سواها أيضا من قبل، لكني أعتقد أنني في فترة من العمر لم أعد أر نفسي فيها كثيرة الاهتمام بالأدوار الخفيفة، ليس من قبيل عدم رغبتي يوما في تمثيل أحدها، لكن لأن عندي شعورا بأن هذه الفترة من حياتي هي فترة غنية بالشؤون الاجتماعية والسياسية التي لا تترك لي الكثير من الرغبة في فعل أي شيء آخر.

* هناك تعليق اجتماعي في «السنجاب» لكنه غير ممتد لطرح القضية التي يوحي بها الفيلم: تأثير خسارة الزوج لعمله على حياته النفسية والعاطفية..

- لكن هذا هو الحد الذي لا بد من الوقوف عنده، فالفيلم لا ينوي أن يبحث في قضية واحدة لأبعد من ذلك. إنه ليس عن الوضع الاقتصادي، ولو أن هذا الوضع واحد من الأسباب التي أدت بوالتر إلى الجنون. اكتفيت بالقدر المطلوب لأن الوضع الإنساني هو الذي أردت الحديث فيه.

* شيء آخر يلتقي فيه «السنجاب» مع أفلامك الأخرى هو تقديم امرأة خائفة.. هنا هي خائفة على عائلتها، في «الشجاعة» كانت خائفة على نفسها، وفي «غرفة الفزع» على عائلتها مرة أخرى.. هل تعيشين في الواقع مثل هذه الحالة؟

- هذه ملاحظة مهمة، لكني لم أفكر فيها على هذا النحو. بالطبع أنا أخاف، وأعتقد أن الخوف أمر منتشر وشائع بيننا جميعا في هذا العصر. لكني لا أعيش تحت ضغطه.. ولا أشعر به دائما. وفي الأفلام التي مثلتها فإن الأمومة غالبا هي التي تدفع بالشخصية التي أمثلها للدفاع عن نفسها بأسلحة المعتدين.

* قبل هذا الفيلم كان لديك مشروع مثير عن المخرجة الألمانية ليني روثنتشال. هل تمنعت عنه بسبب الأصوات المناهضة التي تعتبرها مخرجة نازية؟

- هذا حدث فعلا، لكني ما زلت مصرة على الفيلم إن لم يكن الآن ففي المستقبل. المشروع من وجهة نظري بحث في حياة امرأة مارست الإخراج خلال الفترة النازية، وقد تكون نازية وقد لا تكون، وهي كما تعلم نفت أن تكون. بالنسبة لي، موقفنا ضد النازيين لم يمنعنا من إنتاج أفلام حول هتلر. لا أعتقد أن أحدا سعى لتجميله، لكن هناك أفلاما أرادت البحث في الحقيقة وإدانته بناء على تلك الحقائق. أعتقد أنني لن أتخل عن هذه الرغبة في إنجاز هذا الفيلم. الشخصية ذاتها مثيرة عندي كثيرا. لكن السبب الأهم في التأخير ناتج عن أن فيلما كهذا يتطلب إمكانيات كبيرة لا تتاح سريعا.

* روبرت دي نيرو سيحكم بالعدل

* أعلن الممثل روبرت دي نيرو أنه ينظر إلى عمله كرئيس للجنة التحكيم بجدية مطلقة «أعرف من خبرتي العملية أن السينما تحتمل وجهات نظر متعددة، لذلك فإن الحكم على الفيلم عليه أن يكون ديمقراطيا وليس تحت أي ضغط أو حسابات».

جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي أقيم له ولأعضاء لجنة التحكيم (وبينهم الممثل البريطاني غود لو، والممثلة الأميركية أوما ثورمان)، والذي شهد حشدا ضخما من الصحافيين دارت معظم أسئلتهم حول كيف سيحكم الممثل المعروف على الأفلام التي ستعرض عليه.. «سألت (الرئيس) جيل جاكوب و(المدير الفني) تييري فرينو إذا ما كانت هناك تعليمات معينة علينا اتباعها، لكنهما تركا المسألة لنا وهي ببساطة أن نشاهد الأفلام ونتحدث عنها ثم نصوت وننتخب الفائز تبعا لتصويت ديمقراطي تام».

محاولة مدير المؤتمر الصحافي، هنري بيهار، لإثارة قدر من الترفيه باءت بالفشل ولم تسجل رد فعل إيجابيا يذكر، إذ سأل الممثل «هل تتكلم معي؟»، وهي عبارة كررها دي نيرو في فيلم مارتن سكورسيزي «سائق التاكسي» وهو يقف أمام المرآة ويسأل نفسه. رد فعل الممثل أن عبس قليلا وقال «لا»، مما جعل النكتة ترتد على مطلقها.

وحين سأله ناقد «ماذا ستفعل إذا ما التقيت بمخرج لم ينل الجائزة وسألك عن السبب»، أجاب «إذا بعد شهر أو أكثر من الآن التقيت بمخرج سألني عن السبب في عدم فوزه سأقول له: فيلمك كان أفضل الأفلام، لكنه لم ينل الأصوات الكافية».

باقي أعضاء لجنة التحكيم هم المخرج التشادي محمد صالح هارون، والمنتجة الصينية نانسون شي، والممثلة الأرجنتينية مارتينا غوسمن، والكاتبة والناقدة النرويجية لين أولمان، والمخرج الصيني/ الأميركي جوني تو، والمخرج الفرنسي أوليفييه أوساياس.

* أفلام اليوم أفلام من إخراج نساء:

جمال نائم – (Sleeping Beauty) إخراج: جوليا لي تمثيل: إميلي براونينغ، ريتشل بلايك، بيتر كارول دراما - أستراليا (المسابقة) تقييم الناقد:

2* (من خمسة)

* لوسي فتاة شابة تشتغل في أشياء كثيرة غير متجانسة: إنها تعمل في مكتب لشركة نهارا، وفي مقهى مساء، وعاهرة تحت الطلب ليلا. كذلك فإن أصحابها ومعارفها ليسوا في سوية واحدة: هناك الشاب الذي لا يستطيع التعبير عن حبه إلا كلاما، والشاب وصديقته اللذان تشاركهما لوسي السكن، وبضع شخصيات أخرى يدخلون ويخرجون على نحو رتيب إلى حياتها ومن دون أثر يُذكر لا في تلك الحياة ولا في الدراما التي تحاول المخرجة الأسترالية لي توفيرها في فيلمها الأول هذا.

حين تقرر لوسي الاتصال بمؤسسة تديرها امرأة اسمها كلارا (ريتشل بلايك) وتعمل في تأمين فتيات لخدمة الزبائن، فإن دوافعها غير واضحة لأن خلفيتها ليست مؤسسة جيدا. هل كل فتاة تحتاج إلى العمل تجد أن الطريق إلى الحياة المادية هو هذا الطريق وحده؟.. أم أن في ماضي لوسي دوافع جنسية مكبوتة تحاول التعبير عنها عبر ممارسة هذا النشاط؟ كلارا تؤكد لها، بعدما قبلتها لجمالها، أن أحدا من الزبائن لن يتمادى في ممارسته معها، وهي تعرف زبائنها وواثقة منهم، فهم مجموعة من المسنين الذين يعيشون حالات من الأوهام العاطفية وأحدهم لا يرغب أكثر من الاستغراق في النوم لجانبها. شرط كلارا الوحيد هو أن تتناول لوسي نوعا من شاي الأعشاب الذي سيجعلها تنام في سبات عميق بحيث لن ترى من يدخل غرفتها من الزبائن. مهما كانت أهمية ذلك، فإن شيئا من الترجمة الفعلية لهذه الأهمية غير وارد في الفيلم.

الحبكة تبدو قريبة من رواية غابريال غارسيا ماركيز «مذكرات عاهراتي الكئيبات»، كذلك الجو العام للفيلم القائم على مشاهد محددة الأطر لا تسمح بكثير من التجاوب لا مع وضع البطلة (لذلك لن تثير الشخصية أي إعجاب أو تعاطف) ولا مع محيطها (الذي سيبقى خياليا من دون مؤازرة فنية أو واقعية). الأكثر من ذلك ضررا للفيلم هو أن نظافته الصورية تبدو مصطنعة. تلك الكادرات العريضة و - غالبا - البعيدة (إذ تخلق حاجزا بين المشاهد وما يتماثل أمامه) كفيلة أيضا بتغريبه عن مشكلات هي أساسا غير واضحة المعالم. بذلك ينجح الفيلم في إطار وضع واحد: إشاعة البرود في الفيلم كما في تلك العلاقة المفترضة بينه وبين المتلقي.

المخرجة هي صاحبة قلم روائي، لكن لمن لم يقرأ شيئا مما كتبته (كما الحال هنا) فإن سبر غور التأثير الأدبي على المحاولة السينمائية مستحيل. ما هو مؤكد أنه إذا ما كانت كتابات جوليا لي مثل هذا الفيلم من حيث استخدامها الحركات المحدودة والشخصيات المقطوعة من أسبابها، فإن الفيلم حين ذاك يأتي منسجما مع قصور محتمل في الصياغة ومفهوم زمني/ مكاني لا يتعاطى مع الواقع ويفتقر في الوقت ذاته إلى الخيال.

«بوليس» - (Polisse) إخراج: مايووَن تمثيل: كارين فيارد، مارينا فوا، مايون دراما - فرنسا (المسابقة) تقييم الناقد: 3* (من خمسة)

* تختصر المخرجة اسمها إلى مايووَن، لكنها لا تختصر كثيرا في رغبتها في الحديث عن فرقة من رجال ونساء الشرطة الفرنسية تنتمي إلى «وحدة البوليس المكلفة بحماية الأطفال». إذا ما كانت غاية المخرجة توجيه الأنظار إلى تلك الوحدة الباذلة في سبيل حماية الأطفال والأحداث، فإنها تنجز هذا الهدف جيدا ولو بشكل متعب، فعلى أكثر من ساعتين مشحونتين بالمعايشة المتواصلة وبرصد حالات الرجال والنساء المتقلبة بين الخوف على وضع إنساني فالت، والانقلاب إلى الذات العاطفية بحثا عن قرار، وبين البذل في سبيل تحقيق العدالة حيثما كانت مطلوبة، نمضي الوقت المطلوب ثم أكثر منه. ما كان يمكن سرده في ساعة ونصف الساعة يمتد متعرجا بين الحالات وغير قادر على إضافة جديد فعلي لساعتين وسبع دقائق. الفرقة التي نتعرف عليها تتألف من إيريس (مارينا فوا) ونادين (كارين فيارد) وماثيو (نيكولاس دوفوشيلي) وبالو (فريدريك بييرو) من بين آخرين. المخرجة تكشف حالاتهم الشخصية خلال رصد وقائع يومية لأعمالهم. هذا النوع من المعايشة شوهد مرارا وتكرارا في مسلسلات تلفزيونية (بدءا من «هيل ستريت بلوز») والمخرجة لا تأتي بجديد هنا. ما تنجح فيه كثيرا وما يمد الفيلم بملامسات إنسانية حقيقة أنها تؤم تلك المشاهد المفترض بها عكس ما تمر به بعض شخصياتها من متاعب خاصة، سواء أكانت هذه الشخصيات ضمن القوة البوليسية التي هي موضوع الفيلم أو من الضحايا الذين يبحثون عن حلول اجتماعية ثم يكفون عن هذا البحث حالما يدركون العقبات التي تحول دونها.

المعالجة واقعية، وكذلك إدارة المخرجة لشخصياتها. ما لا لزوم له هو الكاميرا المحمولة، كما لو أن اهتزازها وتحركها الدائم شرطان لإتمام الواقعية بالضرورة. في هذا الإطار، ينضم فيلم «بوليس» إلى تلك الأعمال التي لا تخلط بين المعايشة وأسلوب الكاميرا المحمولة فقط، بل تضيع على الفيلم التأسيس الفني الصحيح.

أخبار «كان»

* بوادر انطلاقة جديدة للسينما التونسية مجسدة في الأفلام التونسية التي باتت جاهزة للعرض، ومن بينها فيلم وثائقي طويل عن الناقد والمؤرخ السينمائي الراحل الطاهر الشريعة الذي توفي العام الماضي وكان أحد مؤسسي مهرجان قرطاج السينمائي.

* غير بعيد عن موقع السينما التونسية تنتشر مكاتب عربية أخرى كالمغربية والأردنية والمصرية، وكلها مشغولة بالترويج للحركة السينمائية كل في بلدها. بعضها حمل أفلاما منجزة للعروض التسويقية، وبعضها الآخر يحمل دعوات لاعتماد البلد كمكان تصوير.

* الأخوان واينستاين قاما بشراء حقوق توزيع الفيلم الصيني الجديد «تنين» قبل عرضه العالمي الأول في قسم «عروض منتصف الليل». الفيلم من نوع المغامرات التاريخية من المخرج بيتر هو سون الذي تمرس في هذا النوع من الأفلام سابقا.

* الممثلة سلمى حايك وصلت إلى «كان» كجزء من الحملة الترويجية لفيلم أنيميشن فرنسي بعنوان «دملة في القدم». العنوان الغريب لفيلم رسوم متحركة من اختيار المخرج ماثيو ديماي، ابن المخرج الراحل جاك ديماي من زوجته المخرجة أغنيس فاردا.

* المخرجة البريطانية لين رامزي وصلت إلى «كان» بصحبة فيلمها «نحتاج لنتكلم عن كيفن»، وبطلا الفيلم تيلدا سوانتون وجون س. رايلي. المخرجة إضافة لعدد من المخرجات المشتركات في هذا المهرجان بقوة.