«روائع آثار السعودية» يحط الرحال في الإرميتاج الروسي

بعد نجاحه في باريس وبرشلونة.. الأمير سلطان بن سلمان يفتتحه في مدينة سانت بطرسبرغ

الامير سلطان بن سلمان أثناء زيارة تفقدية للمعرض
TT

يحط معرض «روائع آثار السعودية عبر العصور» رحاله، اليوم الاثنين، على أرض متحف الإرميتاج في مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا، بعد أن كانت العاصمة الفرنسية، وبرشلونة الإسبانية على موعد معه، مشكلتين محطتين للمعرض السعودي العالمي في وقت مضى.

ويشهد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، رفع ستار المعرض، بحضور وزير الثقافة الروسي ألكسندر أفدييف، بتعاون بين الهيئة في المملكة ومتحف الإرميتاج في روسيا.

واعتبر الأمير سلطان بن سلمان وجود المعرض في دولة كبرى كروسيا علامة مميزة على اهتمام العالم بالبعد الحضاري للمملكة، الذي تم إبرازه في السنوات الأخيرة.

كان الأمير سلطان قد قام، صباح أول من أمس السبت، بزيارة تفقدية للمعرض، وكان في استقباله مدير متحف الإرميتاج ميخائيل بيتروفسكي، وسفير المملكة لدى روسيا علي حسين جعفر، ونائب رئيس الهيئة للآثار والمتاحف الدكتور علي بن إبراهيم الغبان، وعدد من المسؤولين في المتحف وسفارة المملكة في روسيا وفريق الهيئة العامة للسياحة والآثار المشارك في تنظيم المعرض.

وعقد الأمير سلطان اجتماعا مع مدير متحف الإرميتاج ميخائيل بيتروفسكي تناول تعزيز التعاون بين الهيئة والمتحف في مجال معارض الآثار.

وقد أعرب مدير متحف الإرميتاج عن شكره وتقديره لما سماها الفرصة العظيمة لاستضافة قطع أثرية فريدة ومميزة من الآثار السعودية.

وأشار إلى أن هذا المعرض يهم الجمهور وأيضا العلماء الذين يتطلعون لإكمال عقد الدراسات الأثرية لجزيرة العرب من خلال اطلاعهم على أهم المواقع الأثرية الموجودة في المملكة.

وأشاد بالتنوع الحضاري الذي تتميز به المملكة، وقال إنه لا تمكن دراسة الحضارة الإنسانية إلا بعد الاطلاع على تاريخ الجزيرة العربية، وهذا المعرض هو هدية للعالم أجمع.

وأعرب عن اهتمامه بإقامة معرض زائر لموجودات الإرميتاج من القطع الإسلامية في المتحف الوطني بالرياض.

من جانبه، عبر الأمير سلطان بن سلمان، في الاجتماع، عن تقديره لتعاون متحف الإرميتاج المميز مع الهيئة وحرصه واهتمامه باستضافة هذا المعرض، معربا عن اعتزازه بما سمعه من المسؤولين في متحف الإرميتاج من إشادة واهتمام كبير بقطع المعرض، وما تمثله من قيمة تاريخية، وما تكشفه من معلومات مجهولة عن تاريخ المملكة وحضاراتها المتعاقبة وإسهامها الحضاري والإنساني على مر العصور.

وأكد أن الحضارة الإسلامية شكلت نقلة تاريخية مهمة، مشيرا إلى أنه لا يمكن تناول تاريخ الحضارة الإسلامية من دون البدء من مركز انطلاق هذه الحضارة في الجزيرة العربية.

ونوه بدور المعرض في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة وروسيا، الذي يعكس تلاقي الحضارتين العربية والروسية، ويكشف عن جانب من التواصل التاريخي والحضاري بينهما.

ثم قام الأمير سلطان بجولة في المعرض تفقد خلالها تجهيز المعرض والإعداد لحفل الافتتاح، واستمع للمسؤولين من متحف الإرميتاج عن مرئياتهم عن المعرض؛ حيث أكدوا له اهتمامهم بهذا المعرض وحرصهم على استضافته انطلاقا من القيمة التاريخية الكبيرة التي تمثلها قطع المعرض، متوقعين أن يشهد إقبالا كبيرا من الجمهور المتعطش للتعرف على تاريخ وحضارات الجزيرة العربية.

ويحوي المعرض 347 قطعة أثرية، من القطع المعروضة في المتحف الوطني في الرياض، ومتحف جامعة الملك سعود، ودارة الملك عبد العزيز، وعددا من متاحف المملكة المختلفة، إضافة إلى قطع عُثر عليها في التنقيبات الأثرية الحديثة.

وتغطي قطع المعرض الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر الدولة السعودية، وقد تمت إضافة 27 قطعة أثرية إلى المجموعة السابقة التي عرضت في فرنسا وإسبانيا، البالغ عددها 320 قطعة.

من جهته، أكد الدكتور علي الغبان، نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار للآثار والمتاحف، أن المعرض اكتسب مكانة عالمية وشهرة في الأوساط العلمية والثقافية، في أعقاب النجاح الكبير الذي حققه في باريس وبرشلونة، مشيرا إلى أن المتاحف والمعارض العالمية في تلك الدول هي التي قامت بطلب استضافة المعرض وتحمل التكاليف، مما يعكس الأهمية التاريخية والحضارية للمملكة، والقيمة الكبيرة للقطع الأثرية لهذا المعرض، التي تُعرض للمرة الأولى بهذا الحجم والتنوع خارج المملكة.

وأبان أن قطع المعرض نُقلت بالكامل من مؤسسة لاكاشيا في برشلونة إلى متحف الإرميتاج، الذي يتحمل تكاليف النقل والعرض، منوها بما وجده المعرض، أثناء إقامته في فرنسا وإسبانيا، من إقبال واسع واهتمام إعلامي كبير، بالإضافة إلى الاحتفاء به من قبل المتخصصين والمعنيين بالآثار والمتاحف على مستوى العالم.

ونوه الغبان بما يحظى به المعرض من اهتمام من رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان، الذي يعمل على تذليل العقبات ويتابع تفاصيل الإعداد للمعرض ويخصص من وقته وجهده الكثير لدعم المعرض الذي يعتبر حلقة في سلسلة النجاحات التي حققها لإبراز قيمة الآثار السعودية محليا وعالميا.

وأكد أهمية المعرض من ناحية التعريف بالبعد الحضاري للمملكة، وما تمتلكه من مخزون تراثي وما تقوم عليه من حضارات متعاقبة، مشيرا إلى أن قطع المعرض اختيرت لتعكس المشاركة الفاعلة لإنسان هذه الأرض عبر العصور في صنع التاريخ الإنساني، ودوره في الاقتصاد العالمي عبر العصور والتأثير في الحضارات، انطلاقا من الموقع الجغرافي المميز للجزيرة العربية التي كانت محورا رئيسيا في مجال العلاقات السلمية والثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب، وجسرا للتواصل الحضاري بينهما.

المعرض سيشهد، على هامشه، عددا من الفعاليات الثقافية المصاحبة؛ حيث ستقام في يومه الثاني 3 محاضرات تتناول الجانب الأثري والتراثي في المملكة، الأولى تندرج تحت عنوان «الحضارات الضاربة في القدم بالمملكة»، يلقيها نائب الرئيس العام للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور علي الغبان، وتندرج الثانية تحت عنوان «التراث العمراني في المملكة»، يلقيها الدكتور مشاري النعيم، أستاذ النقد المعماري بجامعة الدمام، والمحاضرة الثالثة تحت عنوان «مواقع التراث العمراني العالمي في المملكة» يلقيها الدكتور عبد الله السعود، مدير عام المتحف الوطني بالرياض.

وسيقام على هامش المعرض جناح للأفلام الوثائقية عن المملكة، يتم فيه عرض أفلام إعلامية تبرز تاريخ المملكة وحضارتها تم إنتاجها من خلال هيئة السياحة والآثار ووزارة الثقافة والإعلام، كما يقام معرض إعلامي مصغر تشارك فيه هيئة السياحة ووزارة الثقافة والإعلام بمجموعة كبيرة من الصور والكتب عن المملكة.

وستصاحب حفل افتتاح المعرض وأيامه الثلاثة الأولى عروض فلكلورية سعودية يشهدها متحف الإرميتاج، تشارك بها وزارة الثقافة والإعلام من خلال الفرق الشعبية التي ستقدم ألوانا فلكلورية من مناطق المملكة؛ حيث ستقدم أول عرض على مسرح متحف الإرميتاج في اليوم الثاني للمعرض، بينما ستقوم بعض الفرق، بعد الافتتاح، بتقديم عروضها للجمهور في مسرح خصص لها في الحديقة العامة بالمتحف.

ويعتبر متحف الإرميتاج بروسيا المحطة الثالثة للمعرض، الذي صدرت الموافقة على انتقاله إلى عدد من المدن الأوروبية والأميركية، وذلك بعد متحف اللوفر بباريس، الذي اختتم فيه المعرض في 27 سبتمبر (أيلول) 2010، ومؤسسة لاكاشيا في إسبانيا التي اختتم فيها المعرض في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.