في توجه جديد لجرائم السطو.. اللصوص يسرقون الشعر

يتركون الأموال والشعر الصناعي ويستولون على الطبيعي منه

قالت صاحبة صالون إن من قام بالسطو على صالونها كان يعرف تماما ما يريد («نيويورك تايمز»)
TT

خلع اللصوص قضبان الحديد من النوافذ وعطلوا جهاز الإنذار، وبدلا من أن يذهبوا إلى الخزينة لسرقة الأموال، اتجهوا مباشرة إلى ما هو أثمن: الشعر الطبيعي. وبمجرد انتهاء اللصوص من سرقة صالون تجميل «ماي تريندي بلاس» في هيوستن، اتضح أنهم قد سرقوا نوعا من أغلى أنواع الشعر المستخدم في تطويل الشعر وتكثيفه، تقدر قيمته بـ150.000 دولار. وكانت عملية اقتحام الصالون ما هي إلا حلقة من سلسلة من السرقات حدثت في الآونة الأخيرة، والتي كان بعضها باستخدام العنف، لسرقة هذه المادة المتوافرة على ما يبدو. فخلال الشهرين الماضيين فقط، قام اللصوص الذين يسعون لسرقة الشعر الطبيعي بقتل موردة صالون تجميل في ولاية ميشيغان ونفذوا عمليات سطو في أنحاء متفرقة من البلاد، وسرقوا كميات من الشعر تتعدى قيمته عشرات الآلاف من الدولارات. وقالت ليزا أموسو، وهي صاحبة صالون «ماي تريندي بلاس»: «سمعت عن ذلك من شركتي توريد مختلفتين، والعملاء الذين قالوا (احرسوا مخازن الشعر عندكم، فهناك سلسلة من عمليات سرقة الشع)»، وأضافت أموسو: «الجميع كان يعرف ما يريدونه بالضبط. فهم لم يهتموا بسرقة الشعر الاصطناعي».

ويقول أصحاب المحلات والشرطة إن الشعر المسروق يباع عادة في الشوارع أو على الإنترنت، بما في ذلك شركة «إي باي» الإلكترونية. أما أغلى أنواع الشعر – التي يسعى إليها أكثر اللصوص والعملاء على حد سواء – فهو الشعر المستعار الكامل، الذي على عكس معظم الأنواع الأخرى، يباع بطبقة البشرة الخارجية الصلبة إذا كانت سليمة لأنها تجعل الشعر يبدو طبيعيا ويستمر لفترة أطول. ويعد هذا النوع من الشعر الخاص بالنساء الهنديات هو الأكثر شعبية.

ولكن تطويل الشعر بشعر من هذا النوع يتكلف نحو 200 دولار للحزمة الواحدة، مع العلم أن الشخص العادي يحتاج اثنتين، كما يتم إنفاق مئات الدولارات، وأحيانا الآلاف، في صالونات التجميل لتوصيل هذا الشعر، والذي يتم في كثير من الأحيان عن طريق الخياطة.

وبالإضافة إلى سرقة الـشعر الذي تبلغ قيمته 150.000 دولار من هيوستن هذا الشهر، قام اللصوص مؤخرا بسرقة شعر بقيمة 10.000 دولار من متجر سان دييغو؛ و85.000 دولار من مشروع تجاري في مدينة ميسوري بولاية تكساس، و10.000 دولار من متجر في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، و60.000 دولار من محل في سان ليندرو بولاية كاليفورنيا، وقد تم تقدير قيمة هذه السرقات من قبل أصحاب المتاجر.

ويشعر المسؤولون عن تطبيق القانون بالحيرة من جراء الزيادة المفاجئة في سرقات الشعر وأعمال العنف التي رافقت بعضا منها. وتقول بعض الجهات إنهم لم يكونوا على علم بهذا الاتجاه من قبل، في حين يقول البعض الآخر إنهم علموا مؤخرا بحدوث مثل هذه السرقات. وتقول دنيس بالو، المتحدثة باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تشرف على البيانات المتعلقة بجرائم الممتلكات: «هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها عن تلك السرقات». ومما يدل على مدى سرعة تحول تركيز بعض اللصوص على الشعر، تجربة صالون تجميل «بيوتي وان» في شيكاغو، فقبل عامين ذهب اللصوص لسرقة النقود، ولكن في الشهر الماضي تركوا كل شيء وسرقوا الشعر الذي بلغت قيمته 90 ألف دولار.

وقال المحقق فيتو فيرو من شرطة شيكاغو، الذي يحقق في السرقة التي حدثت في الرابع والعشرين من أبريل (نيسان)، إن بعضا ممن قاموا بسرقة الشعر في المدينة من اللصوص المحترفين يسرقون بناء على طلب العميل. ويقول فيرو: «إنه كمن يقول: أنا أبحث عن سيارة كاديلاك الدورادو موديل عام 1992، ثم يذهب ليبحث عنها». وأظهرت كاميرات المراقبة خارج صالون «بيوتي وان» اللصوص وهم يستخدمون مطرقة وعتلة لكسر القفل وتحميل صناديق من الشعر في سيارة.

وفي الأسابيع الأخيرة، تم بيع مجموعات من وصلات الشعر يصل سعرها إلى نحو 80 دولارا أو 100 دولار مقابل مبلغ ضئيل قدره 25 دولارا. وكان يتم بيع هذه المجموعات من الشعر من خلال سيارات في مناطق «باي أريا» ولوس أنجليس وفيلادلفيا وهيوستن. ويمكن بيع الشعر في صالونات تجميل ومحلات مثل تلك التي يتم سرقتها.

وقالت أموسو: «إنهم يبيعون الشعر إلى المصممين الذين يعملون من منازلهم، ويبيعونه في الشوارع ومن السيارات. الناس الذين لا يريدون دفع الأسعار الحقيقية سوف يشترونه من هؤلاء اللصوص. إنها مثل بيع الـ(دي في دي) غير القانوني أو النقود المزيفة، لكن الفرق الوحيد هو أن هذا المنتج جيد». ومنذ وقت ليس ببعيد، كانت أغاني الهيب هوب والكوميديون ممثلو الكوميديا يقللون من قدر النساء اللاتي يستخدمن وصلات الشعر، ولكن لم يعد الأمر كذلك، حيث نمت هذه الظاهرة وانضم إليها المشاهير، ومرضى السرطان كذلك.

وارتفعت الأسعار بشكل كبير، حيث ارتفعت نوعية الشعر وندرة الشعر الذي عليه إقبال كبير. وعادة ما يأتي الشعر الكامل من النساء الهنديات اللاتي يحلقن رؤوسهن كدلالة على السيطرة على نزعة الغرور بداخلهم.

يقول نيل ليستر، أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة ولاية أريزونا الذي كتب عن العرق والنوع وسياسة الشعر، إن زيادة الطلب على وصلات الشعر الطبيعي وارتفاع أسعاره جعل من عمليات سرقته أمرا حتميا. ويضيف: «إنه أمر يتعلق بالعصور والأزمنة. الناس تتجه إلى المشاريع التجارية وبالنظر لارتفاع أسعار الشعر الطبيعي، لا عجب من أن يبيع الناس الشعر كما يبيعون أشياء مثل الحقائب المقلدة في شارع كانال ستريت». لكن مع زيادة الأرباح، يتزايد العنف كما تقول الشرطة. فقد قتل جاي شين، صاحب متجر «سانرايز بيوتي سابلي» في ديربورن بولاية ميشيغان على أيدي مسلحين، سرقوا 80 حقيبة من وصلات الشعر تقدر قيمتها بنحو 10 آلاف دولار في 15 مارس (آذار)، وتم إلقاء القبض على شابين. ويتم الإبلاغ عن السرقات حتى في حالة سرقة كمية صغيرة من الشعر. ففي ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، استخدمت فتاة تبلغ من العمر 16 عاما بخاخ فلفل ضد عامل العام الماضي لسرقة وصلات شعر. وفي لاوتاون بولاية أوكلاهوما قالت الشرطة إن أحد العملاء هربت من المتجر بعد سرقة بعض وصلات الشعر، بينما تعلق صاحب المحل بغطاء سيارتها الأمامي. ودفع الخطر الذي تتعرض له صالونات التجميل ومراكز التوريد تعيين رجال أمن واستخدام الزجاج المقاوم للرصاص، بل والطلب من العملاء إظهار الهوية الشخصية قبل السماح بدخولهم إلى الغرف الخلفية لاختيار ما يريدونه من وصلات شعر.

لكن لم تمنع كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار غالية الثمن سرقة مخزن الشعر في «هير ديفيس ديستريبيوترز»، وهو صالون تجميل في سان ليندرو بولاية كاليفورنيا. وبلغت قيمة الشعر الذي تمت سرقته من الصالون 60 ألف دولار الشهر الماضي. وتقول ديفيس آن، صاحبة الصالون، إن اللصوص تمكنوا من تفادي شاشات المراقبة والكاميرات الرقمية وموظف خزينة النقود. وتوضح قائلة: «إنهم كانوا يريدون سرقة أغلى ما أملك من وصلات الشعر الطويلة». وقالت إن الشعر غير القانوني يباع في كل مكان، مشيرة إلى أن بعضهم جاء إلى صالونها يعرضون تلك الوصلات على العملاء والبعض الآخر كان يعرضها عليها في الشارع. وتضيف: «ليس هذا أمرا جيدا، فأنا أشعر بالخوف».

* خدمة «نيويورك تايمز»