أصالة تدعم الثوار في سوريا وشقيقها يتبرأ منها

في خطوة جاءت متأخرة ولكنها خلّفت أصداء واسعة

أصالة
TT

كان لافتا موقف الفنانة أصالة نصري مما يحصل في سوريا، سواء من ناحية مضمونه أم ناحية التعليقات التي جاءت ردا عليه خاصة من شقيقتها ريم وشقيقها أيهم.

على مستوى المضمون يبدو موقف أصالة، المطربة السورية الأكثر انتشارا في الوطن العربي، لافتا؛ لأنه جاء متأخرا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأنها واحدة من بين الفنانين السوريين القلائل الذين تبنوا موقفا ضد النظام السوري. ومن المعروف أن أصالة متزوجة من المخرج الفلسطيني طارق العريان، وتقيم معه في مصر، ولذلك اختارت «بوابة الشباب» وهو موقع تابع لصحيفة «الأهرام» لتعلن عن موقفها حول الاحتجاجات التي تحصل في بلدها، حيث قالت إنها ترفض السفر إلى سوريا للمشاركة مع الفنانين السوريين في ما وصفته بـ«تمثيليات دعم نظام بشار الأسد». وأضافت: «ليتني بين الثوار لأهتف معهم بالحرية». وأضافت: «كيف لي أن لا أشعر بأهلي، ولا أرى ما يحدث، ولا أسمع صراخهم الذي زلزل قلبي وعقلي وكاد يخترق روحي»، مشددة على أنها تقف إلى جانب الثوار لكنها أقل شجاعةً منهم بسبب تفكيرها في ما يحمله جسدها من روحين صغيرين، إضافة إلى طفليها اللذين يحتاجان رعايتها في مصر التي اختارتها وطنًا بديلا لها.

وخاطبت أصالة الثوار قائلةً: «إن غدًا لكم أيها الثوار الأحرار والعزة لمن يطالب بها والكرامة لنا من دمائكم التي طهرت ماضينا وحاضرنا والإصرار سيرسم طريق المستقبل لأولادنا الذين سيفخرون بكم وسيكتبونكم في دفاترهم، ويتخيلون لكم ملامح تشبه الملائكة»..

وتابعت: «كل واحد منكم مهما كثرتم مكانه في وجدان كل حر منا، ليتني معكم لأصرخ (حرية) بكل صوتي، ولو كانت تلك آخر كلمة سأنطق بها، ليتني معكم لأنادي (الله) بنفس يختزل كل إيماني، علنا نخترق بأصواتنا أسماعهم فيخافون منه، ليتني معكم لأنادي «سوريا» فلقد اشتقت إليها، وأعلم أنني إن حرمت منها اليوم، فحتمًا ستحتضنني وإياكم غدًا عروسًا حرة أبية».

أول الردود على موقف أصالة جاءت على لسان شقيقتها ريم نصري التي أشارت إلى أنها ضد تصريحات شقيقتها، مضيفة أنه لا يوجد في سوريا ثورة ولا ثوار بل مجموعة من المخربين. وتابعت بحسب جريدة «الأخبار» اللبنانية: «نحن كسوريين نستطيع أن نحكم على الأمر برمته من داخل سوريا، ما نحتاج إليه هو المزيد من الإصلاحات، والإصلاح يحتاج إلى حوار لا إلى ثورة»، معتبرة أن «أصالة حكمت على الأمور على نحو مفرط في العاطفية وعليها أن تراجع حساباتها من جديد».

الرد الثاني على أصالة كان من شقيقها الإعلامي أيهم نصري الذي قال في اتصال هاتفي مع قناة «الدنيا» السورية إنه غير متأكد من تصريحات شقيقته بشأن الأحداث التي تشهدها سوريا حاليا وفيما لو تأكد من صدقيتها فإنه مصّر على تبرؤه منها، معتبرا أن «هذه التصريحات ستؤثر سلبا على أصالة لأنها لم تصل إلى ما هي عليه حاليا إلا من خلال الدعم الذي قدمه لها الرئيس الراحل حافظ الأسد». وعند مقاطعته من قبل المذيع فيما لو كان على علم بصحة البيان أم لا، رد أيهم قائلا إنه مقيم في القاهرة وبما أن التصريح موجود في جريدة حكومية لها مصداقية كبيرة فهذا يرجح صحة الكلام، مؤكدا أنه سيقاضيها إذا كان الكلام المنشور غير صحيح، ومضيفا أنه «مصرّ على تبرؤه من أصالة نصري تماما»، وموضحا أن «الرئيس الراحل حافظ الأسد كان له فضل كبير على أصالة وعلى عائلة نصري وله مواقف عظيمة مع كثير من الفنانين السوريين، ومضيفا أنه إعلامي وعمل في محطات إعلامية كبرى ويعرف كيف تصاغ الجمل حسب التعليمات التي تأتي من سياسة المحطات، مشيرا إلى أن ما تشهده سوريا هو مؤامرة، معبرا عن أمنيته في أن «يتصدى الإعلام السوري لها».

من المعروف أنه منذ أن انطلقت الاحتجاجات في سوريا دشن ناشطون سوريون على «فيس بوك» صفحة بعنوان: «قائمة العار، لن ننساكم»، خصصت لرصد المواقف تجاه الثورة السلمية في سوريا، وضمت صورا وأسماء لشخصيات فنية شهيرة مثل دريد لحام، جورج وسوف، جمال سليمان، سلاف فواخرجي، عباس النوري، رشيد عساف، وكثيرين غيرهم ممن اعتبروا أن بلدهم يتعرض للمؤامرة، فما كان من الكاتب والسيناريست حكم البابا، إلا أن طالبهم بدعم مطالب الشعب السوري في الحرية، وقال في رسالة من على صفحته في «فيس بوك»: «أطالبكم بالصمت، على الأقل إن لم تكن لديكم القدرة على مساندة الثورة، بدلا من شتمها وتخوين أشخاص يواجهون الموت بصدور عارية». ومنح البابا لرسالته عنوان: «شعبكم يتظاهر ويموت من أجل الحرية»، وقال موجها الحديث إلى نجوم الفن: «من العيب أن يكون حديثكم عن مؤامرة خارجية وعصابات مسلحة، وأنتم تعرفون أن المخابرات هي التي تعتقل وتعذب وتقتل».

في المقابل كانت الفنانة منى واصف، ورشا شربتجي، ويارا صبري، وكنده علوش، والكاتبان ريم مشهدي، وخالد خليفة، من بين الفنانين الذين وقعوا على بيان فكّ الحصار عن درعا وحمل عنوان «نداء عاجل للحكومة السورية من أجل فك الحصار عن درعا» وجاءهم الرد سريعا من بعض الزملاء، من بينهم سعيد مينه، وزهير عبد الكريم وزوجته الممثلة سوزان الصالح، والمخرج هشام شربتجي، الذي قال بكل صراحة: «لا أنفي عن هذا البيان تهمة الخيانة»! ولكن بعد أيام قليلة ألغى الفنانون الموقعون على البيان كل ما جاء في البيان السابق و«اعترفوا» بأنهم «تأثّروا بالإعلام المحرّض والكاذب»، ووجهوا تحية إلى الجيش والرئيس السوري.

أما الفنان جمال سليمان فانتقد وضعه على القائمة السوداء السورية للفنانين وأكد أن موقفه واضح منذ أول يوم، وأنه مع المظاهرات السلمية والإصلاحية التي تهدف إلى تحسين أحوال البلاد، ولكنه ضد المظاهرات التي تقوم على أساس طائفي، مطالبا بتوحيد الصف والمطالب وحشد الطاقات للخروج بسوريا أقوى من تلك الأزمة. كما نفى سليمان امتلاكه لأي حساب على موقع «فيس بوك» الشهير، وذلك بعد ظهور أكثر من حساب يحمل اسمه ويتواصل مع الجمهور حاملا صفته ويبث الفتنة بين السوريين في تلك الأوقات الحرجة، مؤكدا على أنه سيتعامل مع هذا الشخص بالطرق القانونية كي يصبح عبرة لأي ممن يفكر في انتحال شخصية فنان في المستقبل.

يذكر أنه عقدت جلسة خلال الأيام الماضية، للتشاور حول الأوضاع في سوريا، ضمت إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، 35 نجما وممثلا ومخرجا سوريا، بينهم دريد لحام، وبسام كوسا، وسلوم حداد، وأيمن زيدان، وعباس النوري، وباسم ياخور، وعمر حجو، والليث حجو، ونضال سيجري، وتيم حسن، وسلاف فواخرجي، وسوزان نجم الدين، ونقيبة الفنانين السوريين فادية خطاب، الذين قدموا اقتراحات لخروج سوريا من الأزمة، فطالب سلوم حداد الذي تعرّض لإطلاق نار خلال الأحداث، بمحاسبة المسؤولين الفاسدين، كما تحدث عن مكامن الخلل في البلد وضرورة تسريع خطوات الإصلاح، بينما تحدث مصطفى الخاني عن ضرورة إعادة حالة الطوارئ بسبب ما تشهده سوريا حاليا، مما استدعى تدخّل الفنان نضال سيجري الذي اعتبر أن الشارع السوري لا يحتمل هذه الخطوات، وخصوصا أنّ رفع حالة الطوارئ كان إحدى خطوات الإصلاح المهمة. فيما طالبت سلاف فواخرجي من الرئيس أن يوصي شركات الإنتاج بعدم التعامل مع المموّلين الخليجيين بسبب مواقفهم من الأحداث في سوريا، مما استدعى تدخلا من باسم ياخور الذي لفت إلى أنّ ذلك خطأ كبير. من جهته طلب الرئيس من الفنانين أن يعكسوا صورة المجتمع من خلال أعمالهم، مؤكدا أنه لن يتراجع عن الخطوات الإصلاحية التي بدأ فيها.