القضاء البريطاني يسعى لوضع ضوابط لمنع «أكاذيب» المواقع الاجتماعية

«تويتر» جعلت قرارات المحاكم بمنع نشر مواد في وسائل الإعلام التقليدية مجرد حبر على ورق

TT

هناك شبه إجماع على أن المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«لينك إن» التي يستخدمها مئات الملايين من المشتركين أصبحت تشكل ثورة حقيقية اجتماعية وإعلامية، وأنها أصبحت خارجة عن معظم القوانين السابقة كما نعرفها والتي كانت تنظم العلاقة بين المؤسسات المختلفة في أي بلد ما.

وباستثناء بعض السلوكيات التي تعتبرها المواقع غير لائقة مثل نشر صور إباحية على المواقع أو استخدامات لغوية قد تكون غير لائقة، فبإمكان المشترك وضع معلومات غير صحيحة ونشر اتهامات للآخرين دون رقيب، وهذا لم يكن ممكنا في طرق النشر السابقة.

لكن القضاة في بريطانيا يحاولون تغيير كل هذا بعد أن تبين أن القوانين المعمول بها والتي تحظر على وسائل الإعلام التقليدية من صحف وجرائد وقنوات تلفزيونية نشر بعض الفضائح الشخصية للمشاهير، بعد حصولهم على قرار يمنع الإدلاء بأسماء أشخاص تمنعهم من فضح أسمائهم، أصبحت غير مجدية.

وفي الأيام الماضية دار نقاش حاد في بريطانيا حول حصول المشاهير على أحكام مكلفة جدا من محاكم تمنع مثلا شخصا من نشر قصته في صحيفة بريطانية حول علاقة غرامية أقامها مع أحد نجوم كرة القدم أو ممثل أو سياسي أو نجم إعلامي. النقاش الدائر في بريطانيا جعل البعض يقول إن فضائح الأغنياء يمكن التستر عليها لأنهم قادرون على الحصول على هذا النوع من الحظر المكلف جدا.

لكن جاءت المواقع الاجتماعية مثل «تويتر» لتغير كل هذا وتثبت أن القوانين السابقة أصبحت غير سارية المفعول.

في هذه الأثناء، علق اللورد فالكونر، وزير العدل البريطاني في الحكومة العمالية السابقة، على ضجة ما ينشر في موقع التواصل الاجتماعي، بالقول إن من الصعوبة أن يكون للحظر القضائي أي فعالية في مجال النشر عبر «تويتر» بعد كشف هويات من يحتمون به.

وتابع فالكونر في تصريح قبل أسبوع لصحيفة «الديلي ميل» قوله: «عند بلوغ نقطة تعد دليلا وعندما يصبح الكل على بينة من هوية صاحب الحظر القضائي، لا يعود للحظر أي معنى». وأردف: «يبدو لي أنه سيكون من العسير جدا الوثوق بأن حظرا من هذا النوع سيكون ملزما».

ولهذا شن في الأمس كبير قضاة بريطانيا حملة على هذه المواقع بعد أن تبين أن ما يصدره من قوانين حول نشر الفضائح الشخصية أصبح مجرد حبر على ورق. وطالب اللورد القاضي بأن توضع أحكام تمنع نشر الأكاذيب على المواقع، والتي بسبب أعداد المشتركين يتداولها الملايين من الناس حول العالم. وشبه كبير القضاة الموضوع مثل نشر صور إباحية للأطفال، وهذا ما تمنع نشره هذه المواقع.

بعد قضايا «فيس بوك» وتسريبات «ويكيليكس»، فرض موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» نفسه على الأخبار في بريطانيا، في أعقاب توجيه تحذير إلى امرأة بأنها تواجه عقوبة السجن لانتهاكها حظرا قضائيا يمنعها من إعلان اسم شخصية عامة سحبت منها ابنتها هيئة الرعاية الاجتماعية الحكومية. وطبقا لوسائل الإعلام البريطانية، المرأة نشرت أسماء أصحاب العلاقة على الموقع متحدية الحظر الذي سبق أن فرضه المجلس المحلي لحماية حياتهم الخاصة.

من ناحية ثانية، صرحت شخصية نسائية اجتماعية بريطانية بارزة في صحيفة «مترو» أنها متضايقة جدا مما نشر عن وجود علاقة حميمة خاصة تربطها بمعلق تلفزيوني، لأنها أصلا كاذبة تماما ولأن من شأنها إثارة إزعاج لابنيها. وتابعت جمايما خان مطلقة لاعب كرة الكريكيت الباكستاني عمران خان، بعدما استخدمت موقع «تويتر» نفسه لدحض المزاعم: «إنها لم تلجأ إلى الحصول على حظر قضائي لمنع النشر».

وكان ماكس موزلي، المدير السابق البارز في رياضة سباقات السيارات، قد علّق بعد فترة قصيرة من خسارته قضيته أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإجبار الصحف على تنبيه الناس قبل الكشف عن أسرارهم الخاصة، أن ما ينشر على «تويتر» أشبه ما يكون بثرثرة في مقهى «وهو أمر مختلف تماما عما ينشر في الصحف الكبرى».

وطالب بعض أعضاء البرلمان البريطاني ومن شتى الأحزاب الممثلة فيه أول من أمس أن ينظم حوار جاد حول الموضوع لأن هناك تخبطا في القوانين وأصبح لا جدوى له بسبب ما ينشر على المواقع الاجتماعية.