جامعة سعودية تعزز الديمقراطية بمسابقة انتخابية بين طلابها

تختار نجمها سنويا.. واتجاه لاستنساخها بشطر الطالبات

المرشحون يؤدون اختبار القدرات («الشرق الأوسط»)
TT

17 من طلابها صنفوا واختيروا نجوما لكلياتهم، وركضوا في كل اتجاه داخل حرمها الأكاديمي ولم يتركوا فجا ولا سبيلا إلا وسلكوه، فالظفر بنجومية جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وهي الجامعة التي يتجاوز عدد طلابها وطالباتها منتظمين ومنتسبين 100 ألف، يعتبر مغنما ومكسبا يتجاوز الجائزة الثمينة جدا إلى الفرص الوظيفية الكبيرة والشهرة الواسعة.

وتعزيزا لثقافة الانتخاب والديمقراطية وإشعالا للمنافسة بين وحدات الجامعة وكلياتها تقيم الجامعة - للعام الخامس على التوالي - فعاليات مسابقة «نجم الجامعة» الذي يختار من خلال عملية معقدة تتألف من مراحل مختلفة ومن خلال تسلسل يبدأ بالتميز الدراسي وينتهي بالجولة الانتخابية.

عن آلية المسابقة قال أحمد الزغبي مدير إدارة النشاط الطلابي بالجامعة، لـ«الشرق الأوسط» إنه وفي الفصل الدراسي الأول من كل عام تجري كليات الجامعة، كل على حدة، مسابقة لاختيار نجم خاص بها، ويشترط فيه ابتداء أن يتجاوز معدله التراكمي 3.75 من 5 درجات، ثم تتم مسابقة بين المرشحين في كل كلية على حدة في سياق شبيه بالمسابقة النهائية. وأكمل شرحه قائلا «يتنافس 17 طالبا ممثلين لكلياتهم، وتسعى هنا كل كلية إلى تحقيق مرشحها للقب، وهو المرشح الذي يتمكن من استيفاء المعايير التي تتلخص في المعدل التراكمي الذي يحدد 20 في المائة من الدرجة النهائية، ثم نفس النسبة لمشاركات المرشح في الأنشطة داخل الكلية والجامعة عبر الأندية الطلابية واللجان العامة».

وعن الـ60 في المائة المتبقية أوضح الزغبي أن «40 في المائة منها توزع مناصفة بين مسابقة ثقافية وتصويت، وتوزع 20 في المائة مناصفة كذلك بين اختبار للقدرات العامة وما سمته الجامعة «التميز» وهو الذي يتعلق بحفظ الطلاب للقرآن الكريم أو ما يتعلق بالشعر والأدب والابتكارات العلمية والمشاركات البحثية».

وكنتيجة للفوز بالنجومية، أوضح الزغبي أن الكلية الفائزة تحصل على درع المسابقة، التي سبق أن دخلت أدراج كليتي الهندسة والاقتصاد مرتين لكل منهما، فيما يحصل الطالب الفائز على سيارة، ويمنح كل من المشاركين جوائز وشهادات لفوزهم بنجومية كلياتهم.

وضمن المسابقة تتيح الجامعة للطلاب الـ17 تنظيم حملات انتخابية من أجل ترشيحهم للنجومية من قبل جميع طلاب الجامعة المنتظمين والمنتسبين والذين يصوتون لمرشحهم المفضل إلكترونيا.

وتتم مساعدة كل حملة انتخابية بمبلغ 266 دولارا أميركيا من أجل إعداد المطبوعات الخاصة بحملته، وفي هذا السياق سألت «الشرق الأوسط» المهندس سامي الزهراني، مرشح كلية الهندسة للعام قبل الماضي والذي حصل على المركز الثاني في نهاية المسابقة عن ذلك، فأجاب: «مع ما يقدم من الجامعة مشكورة بفكرة المسابقة وما يتبعها - وهو ما سماه مناخا ديمقراطيا - فإنني استطعت الحصول على دعم إحدى الجهات الربحية، من أجل حملة انتخابية أجدى شملت موقعا إلكترونيا يتضمن تعريفا بآلية المسابقة والتصويت، وسيرتي الذاتية ووعودي الانتخابية التي شملت تأسيس أول مجلس طلابي منتخب يكون صوتا ناطقا باسم الطلاب أمام إدارة الجامعة».

سامي الزهراني الذي اجتاز بثقة – على حد تعبيره - مرحلة الفرز في كليته عاد ليؤكد على أن انتظامه منذ التحاقه بالجامعة في نادي عشائر الجوالة، أحد أكبر الأندية الطلابية، كان رمانة الميزان في دعمه أثناء عملية التصويت، إذ ينتسب الطلاب المنضمون للنادي إلى كليات مختلفة وتربطهم علاقات مميزة وذات أثر بكثير من طلاب الجامعة منتسبين ومنتظمين.

مدير النشاط الطلابي في جامعة الملك عبد العزيز، لخص لـ«الشرق الأوسط» أهداف المسابقة في الكشف عن مواهب الطلاب وقدراتهم، وإكسابهم مهارات الحوار والاتصال، وإذكاء روح التنافس بين الطلاب بالإضافة إلى تشجيع الكليات للنهوض بالنشاط اللاصفي.

وأشار إلى أنها نفس الأسباب التي تدعوهم للعمل هذه الأيام من أجل إعداد نسخة من المسابقة في شطر الطالبات بأن توجد نجمة سنوية لجامعة الملك عبد العزيز.

مرحلة الترشح في المسابقة تعد الأكثر إثارة، واللافت أن كلية الآداب أكثر كليات الجامعة في عدد الطلاب، لم تفز حتى الآن بالنجومية في الأعوام الأربعة السابقة، وهو الأمر الذي يعكس لدى مدير النشاط الطلابي ثقافة الطلاب الانتخابية، إذ يذهبون في اتجاه من يرونه الأجدر بالنجومية لا من ينتمي إلى كلياتهم غالبا.

وتتحول جدران المباني داخل الجامعة خلال فترة الترشيح إلى ألواح إعلانية كبرى للمرشحين، وإلى صفحات من سيرهم الذاتية، كما تتحول أروقة الجامعة إلى منتديات صغرى يستعرض فيها فريق عمل كل حملة انتخابية مرشحهم لجلب أكبر عدد من الأصوات له.

ويستعرض علي جذنان القحطاني مدير الحملة الانتخابية للمحامي صهيب عسيلان الفائز بالجائزة العام الماضي، قصة تلك الحملة وما تبعها بقوله «تحتاج عملية التسويق للمرشح إلى جهد كبير وتعتمد على علاقات أعضاء فريق العمل بالطلاب ومهاراتهم وشهرتهم داخل أروقة الحرم الأكاديمي، كما تعتمد على تعدد الوسائل المستخدمة في ذلك، فقد كنا نضطر إلى الوجود في كثير من المحافل والمناسبات داخل الجامعة وكذلك في ردهات الكليات المختلفة لساعات طويلة».

وأشار جذنان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي كـ«فيس بوك» في حملات كتلك، حيث تم استخدامها بشكل فعال في التواصل مع عدد أكبر من الناخبين. وأخيرا اعتبر مدير الحملة الانتخابية لنجم العام الماضي المسابقة فرصة لصقل شخصيات وقدرات شريحة واسعة داخل الجامعة من نجم ومرشحين وناخبين وأعضاء فرق انتخابية ومسؤولين في الجامعة، كما نوه بدورها في التعريف بطلاب الجامعة خارج أسوارها.

من جهته وفي أحد اجتماعاته مع الطلاب الـ17، شدد عبد الله مهرجي عميد شؤون الطلاب بالجامعة، على أن معايير المسابقة تحقق أقصى درجات العدالة والمساواة بين المشاركين، وأن أعضاء اللجنة المشرفة عليها ينتمون إلى كليات مختلفة في الجامعة لنفي المحاباة داخل المسابقة ولتحقيق هدف تخريج طلبة مميزين يمثلون جامعتهم بشكل مميز أكاديميا في مؤسسات التعليم العالمية، ومهنيا في سوق العمل.