افتتاح 6 مقابر فرعونية في منطقة سقارة للزيارات السياحية بعد ترميمها

تتضمن مقبرة «حور محب» وأخرى لوزير خزانة «توت عنخ آمون»

شملت عملية صيانة المقابر إجراء ترميم دقيق ومعماري وإعادة تركيب بعض القطع الأثرية (أ.ب)
TT

في محاولة لجذب الحركة السياحية إلى مصر، قام الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار المصري، أمس (الاثنين) بافتتاح ست مقابر خاصة بكبار رجال الدولة والوزراء الفراعنة، ترجع إلى عصر الدولة الحديثة، وذلك بعد إعدادها للزيارة السياحية عقب انتهاء عمليات صيانتها وترميمها.

والمقابر الست هي مقبرة «حور محب» الذي كان وزيرا ثم ملكا بنهاية الأسرة 18، ومقبرة «مايا» وهو وزير خزانة الملك «توت عنخ آمون»، ومقبرة «مري نيت» خادم معبد «آتون» في عهد الملك «اخناتون»، ومقبرة «بايي» وابنه «راعيا» والذي كان مشرفا على حريم الملك «توت عنخ آمون»، ومقبرة «بتاح إم ويا» أحد أهم كبار رجال البلاط الملكي في عصر الأسرة 18، ومقبرة «تيا وتيا» أحد موظفي عصر الملك «رمسيس الثاني».

وشملت عملية صيانة المقابر إجراء ترميم دقيق ومعماري وإعادة تركيب بعض القطع الأثرية بمكانها في المقبرة، وتغطية أسقف جميع المقابر لحماية جدرانها ونقوشها من التلف، بهدف حماية بعض الجدران عبر إضافة ألواح زجاجية خاصة في مقبرتي «مايا» و«تيا» للحفاظ على نقوشهما وألوانهما من الزيارة.

كما تضمنت الإضافات تركيب أبواب خشبية ومعدنية لحماية المقبرة، وتحديد خط سير زيارة المقابر من خلال اللوحات الإرشادية المقامة عند مداخل تلك المقابر، وعمل ممشى حجري للوصول لكل مقبرة وتسهيل الزيارة، كما تم تركيب أسوار من الأسلاك كحماية للجبانة الأثرية.

ومن أروع المقابر التي تم افتتاحها للزيارة مقبرة «حور محب»، الذي عرف عنه مهارته في القيادة العسكرية، فكان قائدا للجيش قبل أن يكون ملكا، ويمكن للزائر الوصول إليها من جانب جنوب الطريق الصاعد للمجموعة الهرمية في سقارة.

ولهذه المقبرة أهمية خاصة، كونها شاهدة على أسلوب العمارنة في النقش ويظهر في تخطيطها أنها نفذت لتكون معبدا جنائزيا حيث يتشابه تخطيطها مع عناصر المعبد، فهي تتكون من صرح ضخم بلغ ارتفاعه 7 أمتار على جانبيه برجان وسطحه غير منقوش.

وكانت الموضوعات التي تنقش على هذا الصرح موضوعات ملكية، وفي الركن الشمالي الغربي من الفناء المفتوح بئر عميق يؤدي إلى حجرات دفن في مستويين الأول على مسافة 9 أمتار والآخر على مسافة 17 متر، وهي لقاضي يسمي «خوي - ور» من الأسرة السادسة.

معظم مناظر المقبرة موجودة في متاحف أوروبا حيث يظهر على الحائط الجنوبي للفناء الأول منظر استقبال «حور محب» للوفود الأجنبية كما تظهر شرفة التجلي.

وكانت داخل المقبرة لوحة كبيرة يظهر فيها «حور محب» يتقرب إلى «رع حور أختي» و«تحوت وماعت» وأسفله نص هيروغليفي طويل، غير أنه تم نقل هذه اللوحة إلى المتحف البريطاني عام 1835.

والمقبرة تعرضت للعديد من عوامل التلف والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالطبيعة الجيولوجية للمنطقة خاصة في المقابر المحفورة في الصخر.

فيما يعرف عن صاحب مقبرة «تيا وتيا»، أنه كان موظفا إداريا تزوج إحدى شقيقات الملك «رمسيس الثاني» ويحتمل أن تلك المقبرة حفرت في العام 20 من حكم «رمسيس الثاني»، غير أنه تم اكتشافها في عام 1982م، بواسطة البعثة الإنجليزية الهولندية برئاسة العالم البريطاني «جيفري مارتن».

وتتكون المقبرة من فناء أمامي مبلط يؤدي عبر مقصورة صغيرة إلى بوابة ضخمة ومنها إلى فناء مفتوح، يوجد بمنتصف الجانب الغربي منه بوابة تؤدي إلى فناء آخر كبير ذي أعمدة بعضها مربع والآخر دائري، وبمنتصفه توجد بئر عميقة تؤدي إلى حجرة الدفن، كما توجد حجرة أخرى ذات عمودين ومحاطة بحجرات جانبية.

ومن أهم مناظر المقبرة منظر على الحائط الشمالي للفناء المفتوح يصور الزوج «تيا» وهو يرفع عمود الجد ويتعبد إلى «إيزيس»، وفي منظر آخر يبرز تعبده وزوجته «تيا» حيث يقدمان القرابين لكل من «أوزوريس وحورس وإيزيس واتوم».

أما على الحائط الغربي فيظهر حملة القرابين حاملين منتجاتهم ويجرون الأضاحي تجاه مقصورة الشعائر، وقد صورت وجوه تلك الأضاحي بصورة كاريكاتيرية مضحكة. أما مقصورة «أبيس» فقد حملت جدرانها المنظر الشهير الحج إلى أبيدوس في صعيد مصر.

ومن بين المقابر التي تم افتتاحها أيضا مقبرة «مايا»، وتنسب إلى وزير الخزانة في عصر الملك «توت عنخ آمون»، وحامل المروحة على يمين الملك، اكتشفت هذه المقبرة البعثة الإنجليزية الهولندية برئاسة «جيفري مارتن»، ويتشابه تخطيط المقبرة مع مثيلتها للقائد «حور محب» في سقارة، وتتكون من فناء أمامي يؤدي إلى صرح ضخم يؤدي بدوره إلى فناء خارجي.

في منتصف الجهة الغربية من المقبرة صف من الأعمدة، تؤدي إلى حجرتين للتخزين وإلى حجرة التمثال، وهي تؤدي بدورها إلى فناء آخر داخلي تحيط به الأعمدة من جميع الجهات وبمنتصفه بئر تؤدي إلى حجرة الدفن، كما يؤدي ذلك الفناء إلى حجرتين متتاليتين للقرابين ويوجد بالحجرة الأولى عمودان وبجانب الحجرتين يوجد مقصورتان.

والزائر للمقبرة، تشده مناظرها، والتي تصور صاحبها واقفا وممسكا صولجان السلطة، وقد التف حول عنقه عدد غير عادي من القلادات الذهبية، وخلفه يقف أخوه وأمامه زوجته ميريت وأمها ترحبان به داخل المقبرة، كما توجد مناظر تمثل حملة القرابين.

أما على الحائط الشمالي للصرح فيلاحظ الزائر ظهور «مايا» وزوجته يتعبدان لـ«أوزوريس» وأمامه أولاد «حورس» الأربعة بأحجام صغيرة، وأسفل ذلك المنظر صور حملة القرابين في تسعة صفوف.

أما مقبرة «بايي» وابنه «راعيا»، فالأول هو المشرف على حريم الملك «توت عنخ آمون» من الأسرة الثامنة عشرة، وابنه «راعيا» بدأ حياته بالعمل في الجيش ثم خلف أباه كمشرف على الحريم الملكي.

تم بناء المقبرة فيما بين عامي 1333 ق.م و1314 ق.م واكتشفها «لبسيوس» عام 1828 الذي أخذ لوحتين منقوشتين من هذه المقبرة إلى متحف برلين، وأعيد اكتشاف المقبرة عام 1994 عن طريق البعثة المشتركة من جمعية الاستكشافات المصرية بلندن.

والمقبرة صغيرة الحجم مبنية من الطوب اللبن وكسيت بلوحات من الحجر الجيري، فيما تم تنفيذ نقوش عليها وتحتوى هذه المقبرة على مناظر هامة تمثل تقديم القرابين وغيرها. والزائر لها يجد مدخلها مسقوفا، وتجاور المدخل مقصورة من الناحية الشرقية وفناء للأعمدة، وقام «راعيا» بإضافة الفناء الأمامي ليزيد من ساحات حجرة الدفن.

أما مقبرة «مري نيت»، فترجع إلى عهد الملك «أمنحتب الرابع» وتم الكشف عنها في عام 2001 بواسطة البعثة الهولندية الإنجليزية المشتركة برئاسة «جيفري مارتن».

صاحب المقبرة شغل منصب خادم معبد «آتون»، وهو الكاهن الأول لمعبد «نيت»، وله أسماء أخرى نقشت داخل المقبرة منها «مري رع» و«مري». والمقبرة شيدت من الطوب اللبن وكسيت جدرانها بكتل من الحجر الجيري المزين بالنقوش، بينما تم رصفها بالحجر الجيري أيضا.

وبدخول الزائر إليها يشاهد نقشا يصور صاحب المقبرة في وضع الدخول والخروج من وإلى المقبرة، وهو ممسك بعصا طويلة بطول الجسم وذلك على الكتف اليمنى، بينما يراه الزائر في وضع تعبدي على كتف المدخل الأيسر وفى الأسفل وعلى الجانبين يرى حاملي القرابين.

المقبرة الأخيرة التي تم إضافتها للزيارة السياحية مقبرة «بتاح إم ويا»، وتم الكشف عنها عن طريق البعثة الهولندية الإنجليزية المشتركة برئاسة «جيفري مارتن».

ويعد «إم ويا» من أهم كبار رجال البلاط الملكي في عصر الأسرة 18، وعلى الرغم من عدم العثور على اسم فرعون بعينه في المقبرة، إلا أن الآثاريين يؤكدون أنها تتميز بنوع من النمط الفني والنقوش الغائرة المميزة للفن الأتوني، حيث تم تشييد المقبرة خلال عهد الملك «إخناتون».

ويحمل صاحب المقبرة العديد من الألقاب منها «حامل أختام الشمال» و«الساقي الملكي»، وشيدت المقبرة من الطوب اللبن وكسيت جدرانها بكتل من الحجر الجيري.

ومن أهم مناظر المقبرة، منظر فريد لصاحبها يبدو فيه أنه نازل لتوه من عربته التي تجرها الخيول أمام منزله وهو يتحدث إلى اثنين من كبار موظفيه، بالإضافة إلى منظر فريد آخر لقردين صورا أسفل كرسي الزوجة وهما يأكلان البلح والتين في شكل ينم عن الحرية والجمال.