شابان ألمانيان يبتكران حقيبة مدرسية «صحية»

توزع الوزن على الظهر بالتساوي وتقي الطفل من آلام الظهر

الحقيبة المدرسية الصحية («الشرق الأوسط»)
TT

كالعادة، وكما هي الحال عند اقتراب فترة انتهاء العام الدراسي وبدء العام الدراسي الجديد، يشتد النقاش بين الأطباء حول دور الحقيبة المدرسية في إصابة أطفال المدارس الصغار بآلام الظهر وبانحرافات العمود الفقري التي قد تظهر فيما بعد، أي في مرحلة النضوج.

وإذ يعتقد بعض الباحثين أن ثقل الحقيبة يؤثر على عود الطفل الطري ويخلف آثارا مستقبلية على صحته، يرى البعض الآخر خطل هذا الكلام ويلقون لائمة آلام الظهر بين الأطفال، التي ما انفكت تتسع كظاهرة عامة، على قلة الحركة والجلوس الطويل أمام الكومبيوتر وأجهزة الألعاب الإلكترونية، بمعنى أنهم يعتبرون ثقل الحقيبة عاملا إضافيا لا أكثر في تفاقم هذه الظاهرة.

ووزن الصحافيون الألمان مرة الحقائب التي يحملها الأطفال في طريقهم إلى المدارس فوجدوا أن وزن بعضها يزيد على خمسة كيلوغرامات. ويتألف وزن الحقيبة الكامل من الحقيبة نفسها والكتب والدفاتر والقرطاسية إضافة إلى صندوق الساندويتشات والمشروبات والألعاب وحذاء الرياضة.. إلخ. والمشكلة لا تتعلق هنا بوزن الأشياء الموجودة داخل الحقيبة، وإنما بطريقة توزيع ثقلها في الحقيبة. ويمكن لاختلال الوزن داخل حقيبة الظهر أن يطلق أول بوادر الانحراف في العمود الفقري للطفل.

الشابان الألمانيان فلوريان ميشائيليشكو (26 سنة) وسفين اوليفر بنك (25 سنة)، اللذان يعيشان في بيت مشترك مع طلبة آخرين، نجحا في تصميم أول حقيبة لأطفال المدارس تتولى بنفسها توزيع الوزن بشكل متساو على ظهر الطفل. وذكر ميشائيليشكو أن الفكرة واتتهما بينما كانا يناقشان موضوع تأثير الحقيبة المدرسية على ظهر أخ لإحدى زميلاتهما في البيت المشترك.

أطلق الشابان على الحقيبة اسم «ارجوباج Ergobag» للتدليل على دورها في توزيع الوزن على الجسم وفي مساعدة الطفل في الحفاظ على قامته المنتصبة. ومادة الحقيبة رؤوفة بالبيئة إلى حد بعيد لأن المادة الخارجية مصنوعة من مادة تستخدم قناني البلاستيك البيئي الجديد المدورة، بينما تتألف مواد وجيوب داخل الحقيبة من الكتان والمواد الأخرى غير الضارة بالبيئة. ويقول الشابان إنهما استفادا من تقنية توزيع الوزن في حقائب الظهر المستخدمة في الجيش الألماني، وعند متسلقي الجبال، لصناعة حقيبتهما «الصحية». وزود الشابان قعر الحقيبة بحزام من مادة حساسة للوزن تتحرك وتميل كي توزع الوزن بالتساوي داخل الحقيبة.

والحقيبة ذات ألوان جميلة، تتراوح بين الوردي والبنفسجي للبنات، والأزرق والأحمر والأصفر للبنين، وتزينها صور الحيوانات والديناصورات والزهور، ولا تختلف في متانتها عن منتجات أفضل ماركات الحقائب. وهي مزودة بكيس إضافي للتجهيزات الرياضية، ومزودة بعدة سحابات تمكن الطفل من تصغير أو تكبير حجم الحقيبة، حسب الحاجة، أو التلاعب بشكلها يوميا. ويقول بنك عن متانتها «يمكن للطفل أن يشتريها مرة واحدة لينهي بها المدرسة الابتدائية، فهي تشترى مرة واحدة من قبل التلاميذ، كما تشتري العروس ثوب عرسها لمرة واحدة».

نالت الحقيبة براءة الاختراع بسرعة، وتمت تزكيتها من الدوائر الصحية الألمانية، ونالت عدة جوائز من المدارس. أنتج الشابان أول حقيبة منها في فبراير (شباط) 2010، لكنهما باعا حتى الآن أكثر من 12 ألف حقيبة. وهناك 90 محلا معروفا يبيعها الآن في ألمانيا، ويعتقد الشابان إمكانية توزيعها على 800 محل لبيع اللوازم المدرسية مع دخول شهر أغسطس (آب) القادم، أي مع بدء العام الدراسي الجديد 2011-2012.

الإنتاج داخل الشقة في حي ايهنرفيلد الكولوني تحول إلى إنتاج صغير في ورشة صغيرة في نفس الحي. ويعمل الآن 20 عاملا على إنتاج حقائب «ارجوباج» للشركة الصغيرة التي أسسها الشابان. مع ملاحظة أن على الشابين توسيع معملهما بسرعة لأن الطلبات محجوزة. ويقول ميشائيليشكو إنهما تلقيا طلبات من المجر وكوريا الجنوبية وفيتنام وسويسرا والنمسا. ويعتقد الشابان أن من الممكن أن تشكل «ارجوباج» حصة كبيرة من سوق حقائب المدارس خلال 5 سنوات.

يذكر أن الباحثين الألمان أعدوا دراسة تقول إن قامة ثلث الأطفال بين 12-14 سنة قد تضررت بفعل عدة عوامل ليست الحقيبة المدرسية سوى عامل بينها. وذكر البروفسور فريدهيلم هيبر من جامعة أولم، أنه استطاع كشف تضرر العمود الفقري في 19 في المائة من الأطفال بعمر ست سنوات. وفسر أسباب ذلك بقلة الحركة (90 في المائة) والجلوس الطويل أمام التلفزيون والكومبيوتر على الكراسي المخصصة لذلك، والجلسة غير الصحية، وأخيرا ثقل وزن الحقائب المدرسية. عموما يحمل الأطفال الصغار عادة حقائب تشكل 5.7 في المائة من أوزان أجسادهم في حين يحمل الأطفال الأكبر سنا حقائب يشكل وزنها 11.4 في المائة من أوزان أجسادهم، وعلى الوالدين رعاية ألا يشكل وزن الحقيبة أكثر من 5 في المائة من وزن الطفل تحت 8 سنوات.

وكانت المجلة الأكاديمية الأميركية للجراحة والعظام قد نشرت بعض التوصيات إلى تلاميذ المدارس بهدف تقليل مخاطر الحقيبة المدرسية على ظهورهم. وتنص التوصيات دائما على اختيار حقائب مدرسية ذات سيور مبطنة بالقطن، ومزودة بحزام آخر للبطن يوزع شيئا من ثقل الحقيبة على العمود الفقري. وينبغي أن يكون وزن الحقيبة الأساسي قريبا أو ملاصقا للجسم، بمعنى وضع الأشياء الثقيلة في جزء الحقيبة الملاصق للجسد وليس في الجيوب. ويفضل الخبراء الأميركان أيضا حقائب ظهر مدرسية مزودة بعجلات صغيرة كحقائب السفر، حيث تمنح التلميذ الفرصة لسحبها أحيانا بدلا من حملها باستمرار.