فنانة الاستعراض لين رينو تغني على مسرح «أولومبيا» للمرة الأولى

النجمة الفرنسية الثمانينية كانت راقصة في الملاهي وصارت حاملة لأوسمة الشرف

TT

بعد أن تجاوز عمرها الثمانين حولا قررت نجمة الاستعراض لين رينو ألا تدع حياتها تمضي من دون أن تقف، ولو مرة واحدة، للغناء على مسرح «أولومبيا» العريق في باريس. ومن المقرر أن تحيي رينو حفلتين وصفتهما الصحافة بـ«الاستثنائيتين»، مساء غد وبعد غد.

والسياح العرب، الذين كانوا يأخذون إجازة من لندن ويعرجون على باريس، في سبعينات القرن الماضي، ما زالوا يذكرون تلك الشقراء الديناميكية التي كانت تدير الاستعراضات في «كازينو دو باري»، فترقص وتغني وتروي الحكايات فتجعل الليل أقصر وأكثر أنوارا. فماذا ستقدم الشابة الثمانينية في العرض الذي أنتجه منظم حفلات المشاهير جان كلود كامو؟ تقول الأخبار، التي تسربت من وراء ستار المسرح: إن لين رينو ستستعيد عددا من أعذب أغنياتها القديمة، إلى جانب جديدها الذي ستتضمنه أسطوانتها الأخيرة «شارع واشنطن» التي ستصدر في الخريف المقبل عن شركة «وارنر». وينتظر محبو المغنية ذات الابتسامة الساحرة والمواقف المشهودة تلك الأغنيات التي كتبها لها عدد من أبرز الموسيقيين والمؤلفين، أمثال جوليان كلير ومارك لافوان وميشيل ديلبيش. لكن مفاجأة الأسطوانة تكمن في أغنيتين مشتركتين (دويتو)، الأولى مع جوني هاليداي والثانية مع ميلين فارمر.

في السنوات الأخيرة، برزت لين رينو كرئيسة لجمعية محاربة مرض الإيدز في فرنسا، كما تحولت إلى نجمة سينمائية وتلفزيونية، خصوصا دورها البديع في فيلم «مرحبا في بلاد الشتي» الذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما الفرنسية، لكنها ظلت تشعر بأن مسيرتها الفنية ناقصة؛ لأنها لم تقف على خشبة المسرح الغنائي، التي وقف عليها، من قبلُ، كبار الفنانين والفنانات من فرنسا وخارجها. إنه مسرح «أولومبيا» الذي غنت فيه أم كلثوم وقدم فيه عادل إمام مسرحية «الواد سيد الشغال». واحتفاء بها، تابع معدو البرنامج التلفزيوني الشهير «موفد خاص» وقائع تسجيل أسطوانة رينو لكي يخصصوا تقريرا عنها في البرنامج.

من جهته، يستعد النجم ميشيل دروكير، شيخ مقدمي برامج المنوعات في القناة الثانية، لاستضافتها في حلقة مخصصة لها تبث في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

من هي، حقا، هذه الفنانة البالغة من العمر 83 عاما وما زالت تخطط للمستقبل؟ لقد وُلدت في بلدة صغيرة في شمال فرنسا وأحبت الغناء فتقدمت لمسابقة للدخول إلى الكونسرفاتوار في مدينة ليل القريبة من بلدتها. ولفتت الانتباه في تلك المسابقة فحصلت على عمل مع الفرقة الموسيقية لراديو المدينة. وكان اسمها، آنذاك، جاكلين راي، لحين انتقالها إلى العاصمة عام 1945 ولقائها الملحن لولو كاستيه، الفنان الذي كان يكبرها بعشرين عاما والذي سيصبح زوجها لأكثر من نصف قرن، حتى وفاته عام 1995. إنه الرجل الذي اختار لها اسمها الفني الذي سرعان ما اشتهرت به: لين رينو.

سجلت لين، في تلك الفترة، أغنية «كوخي في كندا» التي نالت بها الجائزة الكبرى للأسطوانات. وبعدها تنقلت من نجاح إلى نجاح مع أغنيات مثل: «نجمة الثلوج» و«جنوني الصغير» و«الكلب في الفترينة». وفي عام 1954 بدأت الغناء في مربع «الطاحونة الحمراء» قبل أن تلفت نظر نجم الاستعراض الأميركي بوب هوب فيدعوها للسفر إلى الولايات المتحدة لكي تغني في صالات نيويورك ولوس أنجليس وتشارك في «إد سوليفان شو». وكان من ذكرياتها العزيزة لتلك الفترة غناؤها دويتو مع دين مارتن، بل إن لين كانت أول مغنية فرنسية تغني «الروك أند رول»، قبل هنري سلفادور بسنوات.

عادت رينو إلى فرنسا عام 1959، لتكون مديرة الاستعراض الباذخ في «كازينو دو باري»، لكنها عادت إلى أميركا بعد توقيعها عقدا للغناء مع كازينو «ديونس» في لاس فيغاس، في ستينات القرن الماضي. وفي السبعينات تحولت إلى مقدمة برنامج تلفزيوني، وفي الثمانينات صارت منتجة لبرنامج استعراضي في القناة الفرنسية الثانية، كما بدأت أول أدوارها كممثلة على المسرح. وكان من ذكرياتها لتلك الفترة اشتراكها مع صديقتها المغنية داليدا في أغنية «المساء».

مع حلول التسعينات كانت لين رينو، راقصة الملاهي، قد أصبحت من وجوه العمل الثقافي الملتزم في بلادها وناشطة في جمعيات مكافحة مرض الإيدز الذي كان يحصد الكثيرين من زملائها في الوسط الفني، كما تقلدت وسامين للشرف، لكنها أثارت ضجة قبل فترة وجيزة حين اعترضت، مع رجل الأعمال والمتبرع الكبير بيير بيرجيه، على ذهاب معظم أموال التبرعات إلى برنامج «تليتون» السنوي المخصص لأبحاث الأمراض النادرة. وكان رأيها أن ذلك يحجب الأموال عن الأبحاث الساعية لإيجاد علاج لمرض الإيدز. وبعد أن عُرفت عنها مناصرتها للرئيس السابق جاك شيراك وغنائها في تجمعاته الانتخابية، فإنها لم تعبر عن تأييدها للرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، بل وقفت مع عمدة باريس الاشتراكي برتران ديلانوييه في الانتخابات البلدية الأخيرة. وتم انتخابها مستشارة لبلدية الضاحية التي تقيم فيها وعضوا في المجلس الاستشاري لمؤسسة «ساساكاوا» الفرنسية - اليابانية.