ميشيل أوباما تعطي درسا في الأناقة الدبلوماسية خلال زيارتها لبريطانيا

زيارة ناجحة ومجموعة أزياء ديمقراطية

TT

عندما دخلت لورا بوش وهيلاري كلينتون البيت الأبيض، لم يتوقع أحد أن تؤثرا على سوق الموضة لا من قريب أو من بعيد، فالأولى تميزت بأسلوب تكساس فيما بقيت الثانية وفية لأسلوب أركنساس، إلا أن الأمر اختلف في حالة ميشيل أوباما القادمة من شيكاغو. فالآمال عقدت عليها منذ البداية لكي تعيد للبيت الأبيض أناقته، خصوصا أن الصورة التي عكستها للجميع هي لامرأة واثقة وجريئة تخاطب جيلا مختلفا من ذلك الذي خاطبته لورا بوش أو هيلاري كلينتون عندما كانتا في البيت الأبيض. كان التوقيت في صالحها من جهة، فالعالم كان متحفزا ومرحبا بالتغيير، ومن جهتها، لم تخيب الآمال، فمنذ اللحظة الأولى لظهورها برهنت أنها، كأي امرأة عصرية، تعشق الموضة ولا تخاف منها. هذا ما تجلى في تعاملها مع ماركات ومصممين غير معروفين، لكن يتمتعون بالابتكار والحس الفني مثل ثاكون وجايسون وو، عوض اللجوء إلى مصممين كبار مثل أوسكار دي لارونتا أو كارولينا هيريرا وغيرهما من المصممين الذين ارتبطوا بسيدات البيت الأبيض سابقا، وهذا ما يجعلها سفيرة أناقة عالمية من الدرجة الأولى، وهذا ما أكده ظهورها مؤخرا في كل من آيرلندا وبريطانيا.

فزيارتها وزوجها باراك أوباما الأخيرة لبريطانيا مثلا كانت ناجحة على كل الأصعدة، حيث استقبلتهما الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب بالكثير من الحفاوة والدفء، إلا أن النجاح الأكبر حققته سيدة البيت الأبيض الأولى، ميشيل، باختيارها الموفق لأزيائها هذه المرة أكثر من المرات السابقة، في دلالة واضحة على أنها أصبحت تتقن الموضة وتوظفها دبلوماسيا بشكل رائع. فأهمية الأزياء في التأثير على رأي الصحافة الشعبية والرأي العام لم يعد أمرا خافيا عليها، خصوصا بعد الانتقادات التي تعرضت لها عندما استقبلت رئيس الوزراء الصيني سابقا في فستان سهرة من تصميم البريطاني ألكسندر ماكوين، أثار حفيظة المصممين الأميركيين واستنكارهم، على أساس أنه لم يكن لديها أي مبرر لكي تلجأ لبريطاني في مناسبة كان عليها أن تستعين فيها بمصمم أميركي أو صيني.

كانت تعرف أنه لا مجال للخطأ هنا، لكن هذا لم يكن يعني أن تتخلى عن أسلوبها الخاص، الذي تبنته منذ دخولها البيت الأبيض. أسلوب يتميز بميلها إلى الألوان المتوهجة والإكسسوارات وأيضا الجرأة في التعامل مع مصممين عالميين، وآخرين غير معروفين على المستوى العالمي.

ومن الواضح في زيارتها أنها كانت تريد أن تؤكد على ديمقراطيتها وانفتاحها على العالم ككل ودعمها للمواهب الصاعدة أيضا، على العكس من كارلا بروني، زوجة نيكولا ساركوزي، التي تحرص على الظهور في أغلب المناسبات العامة بأزياء من تصميم فرنسي أو إيطالي بحكم جذورها الإيطالية. ميشيل في المقابل، وبمعانقتها لكل الجنسيات، تريد أن تقول إنه لا حدود للموضة، كما لا تريد أن ترضخ لإملاءات أحد باستمتاعها باللعب على المزج بين قطع لمصممين عالميين وأخرى من محلات شعبية تخاطب العامة، وفي كل الحالات تجد صدى طيبا وترفع من المبيعات الأمر الذي يصب في صالح صناع الموضة والعاملين فيها. ثقتها وعدم تحفظها في تجربة كل ما هو جديد يشفعان لها دائما ويجعل لغة الانتقاد خفيفة أو مختفية، وذلك رغم أن كل المديح والإشادة باختياراتها يبقي أجمل ما فيها أنها على المستوى الإنساني مجرد امرأة عادية تصيب وتخطئ. فبغض النظر عن معانقتها مصممين غير معروفين أو ألوان الموضة واتجاهاتها العصرية ضاربة عرض الحائط بالتحفظ الذي ارتبط بسيدات سبقنها إلى البيت الأبيض مثل هيلاري كلينتون ولورا بوش، تقع مثل غيرها أحيانا في مطب الصرعات التي لا تخدمها بالضرورة، وأكبر مثال على هذا، الفستان الذي ظهرت به في اليوم الأول، وهو من تصميم الأميركية باربرا تفانك بتصميم «فينتاج» ضيق عند الصدر وتنورة متسعة نسقته مع جاكت بوليرو بلون وردي. صحيح أنه يخضع لمعايير الموضة الحالية، إلا أنه لم يكن أحسن اختياراتها، على العكس من فستان الكريب الأرجواني البرقوقي مع معطف مفصل بلون أزرق من تصميم روكساندا إلينشيك البريطانية ذات الجذور اليونانية. فهذا المظهر كان أكثر أنوثة بانسيابته وألوانه كما كان أكثر رقيا، أما في حفل العشاء الذي أقامته الملكة على شرفها وزوجها، فقد أدارت الرؤوس فعلا بارتدائها فستانا من حرير الجورجيت الأبيض العاجي، أحد ألوان الموضة الحالية، من تصميم الأميركي توم فورد، نسقته مع قفازات من نفس اللون احتراما للبروتوكول الذي يفضل فيه ارتداء فستان بأكمام.

المثير للانتباه أن دوقة كمبردج، كاثرين ميدلتون، لم تحضر حفل العشاء، بحجة ارتباطات سابقة، الأمر الذي يشكك فيه البعض على أساس أن القرار كان متعمدا خوفا من أن تخطف الأضواء من المناسبة ومن الضيوف، وعلى رأسهم ميشيل أوباما، لكن صور هذه الأخيرة، التي تألقت بجرأتها في اختيار الألوان والتصاميم على حد سواء، استبعد هذه الاحتمالية تماما. فكاثرين ميدلتون لا تتمتع بهذه الثقة في التعامل مع الموضة بعد، ولا تزال متحفظة في اختياراتها، تلعب على المضمون والمألوف لديها بتركيزها على محلات شوارع الموضة عوض مصممين صاعدين يحتاجون إلى دعمها مثلما تفعل ميشيل أوباما. سامنثا كاميرون، زوجة رئيس الوزراء البريطاني، في المقابل ظهرت بفستان للثنائي الشاب «بيتر بيلوتو» مؤكدة دعمها للمصممين البريطانيين ولاعبة دورها كسفيرة لأسبوع لندن للموضة على أحسن وجه. ومع ذلك فإن الخلطة ككل كانت ديمقراطية اجتمعت فيها أناقة المتاجر الشعبية، من خلال محلات «ريس» في حالة كاثرين ميدلتون التي ظهرت بفستان لا يتعدى سعره 175 جنيها إسترلينيا، والمصممين الشباب مثل «روكساندا إلينشيك، باربرا تفانك، «بيتر بيلوتو» والأناقة الراقية من خلال فستان توم فورد في حالة ميشيل أوباما وسامنثا كاميرون. ميشيل أوباما ارتدت فستانا من تصميم توم فورد لحضور حفل العشاء في قصر باكنغهام