البصرة: عبارات تهريب النفط تتحول إلى مقاه عائمة

شباب المدينة يجدون على ظهرها متنفسا لتدخين النرجيلة واحتساء الشاي

مجموعة من شباب البصرة يقضون أمسية سعيدة على ظهر عبارة في شط العرب (رويترز)
TT

تحولت العبارات التي اعتادت تهريب النفط الخام والأسلحة والناس عبر شط العرب خلال الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003 في الفترة الأخيرة إلى مقاه عائمة، بينما يستعيد شاطئ الشط في البصرة دوره كبقعة ساخنة لحياة الليل.

ويجد من يسايرون صيحات العصر في مدينة البصرة متنفسا في تدخين النرجيلة أو احتساء الشاي في أمسية ربيعية دافئة على قارب كان يستخدم في وقت من الأوقات لتهريب النفط، حسب تقرير لوكالة «رويترز». وقال مصطفى صادق بينما كان جالسا هو وصديقاه على أحد هذه القوارب: «هذا المكان الذي نجلس فيه كان مكانا لعبارات تهريب النفط والغاز. لقد كان مكانا معزولا. لكنه الآن أصبح مكانا للتسلية لطيفا للغاية. نقضي أمسيات رائعة هنا».

وساعدت حملة أمنية شنتها الحكومة على الميليشيات عام 2008 في استعادة الشعور بالحياة الطبيعية في البصرة إحدى أكثر مدن العراق سكانا والمركز الجنوبي لصناعة النفط المزدهرة بالبلاد. والبصرة مركز مهم للشركات الأجنبية التي تنشئ فروعا في محاولة لتجديد حقول النفط المتداعية ومنبع لمليارات الدولارات من الإيرادات الحكومية اللازمة لإعادة البناء بعد سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية الدولية.

وشط العرب هو ممر مائي تشكل من التقاء نهري دجلة والفرات عند القرنة ويمتد لمسافة 184 كيلومترا حتى يصب في الخليج. وعربد مهربو البصرة في الأجواء الفوضوية التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. فقد كانوا يشترون النفط من العصابات التي كانت تسرق الخام من الأنابيب وتحمله في الناقلات. وكان ينقل النفط المسروق إلى عبارات في شط العرب التي كانت تبحر به إلى الخليج حيث يباع في الكويت أو إيران أو إلى سفن في البحر. ومع سيطرة المهربين على شاطئ البصرة كانت رائحة النفط تفوح في الهواء. والآن تخيم رائحة اللحم المشوي والنرجيلة والتبغ ذو النكهات العطرية على الشاطئ.

وقالت زهرة البجاري رئيسة لجنة السياحة والآثار بمجلس محافظة البصرة: «شط العرب وشاطئه يعتبران من أهم الأماكن السياحية في البصرة. التغيير الذي نراه الآن في استخدام هذه العبارات يخدم البصرة ويحسن الأوضاع الاقتصادية فيها».

وحول مستثمرون محليون شواطئ شط العرب إلى أماكن تسلية وترفيه مائية. فقد حول أحدهم عبارة إلى قاعة زفاف في حين حولت أخرى إلى قاعات اجتماعات. وطليت بعض السفن متعددة الطوابق بألوان زاهية وزينت أسطحها بالأضواء. كما زودت الممرات والأسطح التي ازدحمت بالطاولات والكراسي بمكيفات الهواء. وفازت شركة محلية بعقد قيمته 12.5 مليون دولار لبناء فندق عائم ومطعم ومتاجر.

ويتوجه معلم يدعى عباس علي إلى البصرة من مدينة تبعد عنها كثيرا باتجاه الغرب ليدخن النرجيلة ويقضي وقتا مع أصدقائه. وقال علي: «أشعر بالسعادة عندما أرى هذه الأماكن. نأتي إلى هنا لنقضي ساعتين لنشعر بالراحة في هذا الجو الجميل ثم نعود في وقت متأخر ونحن في حالة استرخاء شديد».