بيروت تحيي مهرجان الموسيقى والفن الدولي الأوّل

على امتداد ثلاثة أسابيع وبمشاركة فرق موسيقية عربية وعالمية

فرقة «فريد الأطرش» اللبنانية خلال إحيائها أمسية في «مهرجان بيروت للموسيقى»
TT

افتتح موسم المهرجانات في لبنان باكرا هذا العام، وكانت الانطلاقة من وسط بيروت حيث يتحوّل قلب العاصمة إلى نهار على امتداد ثلاثة أسابيع متتالية يستقطب محبّي الفن من مختلف المناطق اللبنانية في ليالي «مهرجان بيروت للموسيقى والفن الدولي» الأول.

إذا استثنينا التوقيت الذي لم يكن مشجّعا كثيرا لأسباب لبنانية وعربية لم تكن في الحسبان حين وضع منظمو المشروع مخطّطهم، فيبدو أن هذا المهرجان إذا أكمل طريقه نحو الاستمرارية السنوية سيسجّل خرقا مهمّا في لائحة المهرجانات اللبنانية لا سيما لناحية اختيار الفرق المشاركة والتي لها وقعها في عالم الموسيقى والفن العربي والغربي. ومع مهرجان الربيع البيروتي الذي يشارك فيه أكثر من 200 فنان عربي وأجنبي، سيكون فضاء العاصمة على موعد مع حدث فني ثقافي وستكون الطرقات أيضا إحدى محطّاته اليومية وذلك من خلال عروض فنية متنقّلة إضافة إلى عروض خاصة بالأطفال في موازاة تنظيم مهرجان فني من نوع آخر يحمل عنوان «ميادين» تشرف على إدارته وتنظيمه غادة واكد ويرتكز حول موضوع الساحات والميادين والباحات العامة وكيفية الاستفادة منها، بينما سيقوم فنانون وطلاب من لبنان والعالم بعرض لوحاتهم، وذلك على امتداد ثلاثة أسابيع بدأت في 19 مايو (أيار) وستختتم في 12 يونيو (حزيران) الحالي. أما فيما يتعلّق بالسهرات الفنية فهي بدورها كانت قد انطلقت احتفالاتها مع ما أطلق عليها «قرية الموسيقى» بلياليها المتتالية التي اجتمع فيها 45 فرقة موسيقية غربية ولبنانية خطت خطواتها الأولى في عالم الموسيقى والغناء، وستكون هذه القرية بابا يستطيع أعضاؤها من خلاله إيصال صوتهم ومواهبهم إلى أكبر شريحة ممكنة من اللبنانيين إضافة إلى أنّها ستشكّل فرصة للاندماج الفني العربي والغربي.

أما الانطلاقة الأكبر لمهرجان بيروت فكانت في قاعة الواجهة البحرية في (بيال) حيث أحيت 11 فرقة موسيقية عربية وغربية 9 ليال متنوّعة، وكانت البداية مع «آل مكاي» من فرقة earth wind and fire وفرقة Sister Sledge الغنائية الاستعراضية المؤلفة من أربع شقيقات أميركيات، ومغني الروك رودجر هودجسن، وكانت الليلة الثالثة مع الفنان العراقي الهام المدفعي والرابعة مع اللبنانيتين سمية بعلبكي وناتشا أسمر لتأتي بعدهما الفنانة السورية الأرمنية لينا شماميان التي عرفت بإعادة إحياء التراث الغنائي الشعبي المشرقي. كما سيكون محبو عازف الغيتار الشهير «آل دي ميولا» على موعد معه في أمسية صاخبة قبل أن تحيي تانيا قسيّيس المعروفة بغنائها الذي يجمع بين الأوبرالي الغربي والشرقي أمسيتها. أما ختامها الشرقي فسيكون مسكا مع الفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي سيقدّم تحية من خلال أغنياته إلى الثوّار في الدول العربية، فيما الختام الغربي سيكون في أمسية موسيقية مع «غوران بريغوفيتش».

وفي حين من المتأمّل أن يكون لمهرجان بيروت الأول وقعه في العاصمة اللبنانية على وقع الأوضاع المحلية العربية المتأزّمة، يقول أحد المنظمين فادي غزاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار هذا التوقيت يعود إلى ميزة الطقس التي يتمتّع بها لبنان في هذه الفترة بالدرجة الأولى بعيدا عن الحر والبرد إضافة إلى أنّ فصل الصيف صار له مواعيد ثابتة مع مهرجانات أخرى». ويلفت غزاوي إلى أنّ اختيار الفرق الفنية المشاركة ارتكز على أهمية الأعمال التي تقدّمها وتنوّعها والتي ترتكز في بعض منها على تلك الثورية أمثال مارسيل خليفة وإلهام المدفعي في مرحلة مثل هذه المرحلة التي يمرّ بها العالم العربي. ويضيف: «إن قيمة هذا المهرجان تكمن في أنّه يجمع بين فرق عالمية وفرق لبنانية لشباب استطاعوا أن يتركوا بصمة في عالم الفن، ونطمح بالتالي ليصبح مهرجانا سنويا ينافس أهمّ المهرجانات إلى جانب تلك التي تنظّم في لبنان، معتبرا أن الوقت قد حان لتوسيع آفاقنا والانطلاق في المرحلة التي تعزز الاندماج الثقافي والموسيقي وإعطاء الفرق الموسيقية منبرا لإيصال أعمالها على اختلاف هوياتها الموسيقية وهذا ما سيقدّمه مهرجان بيروت».

من جهته، اعتبر جان كاسبيان، أحد المنظمين، «أنّ الهدف من مهرجان بيروت هو وضع الثقافة الموسيقية مرّة جديدة في واجهة الاهتمامات اليومية وتحويل بيروت إلى عاصمة الفن والموسيقى وهي بذلك تستحق أن يكون فيها مهرجانها الخاص وها نحن بدأنا بالخطوة الأولى».

ولا ينفي غزاوي الصعاب التي واجهت منظمي المهرجان الذي ينظّم برعاية وزارة السياحة اللبنانية وبالتنسيق وبالتعاون مع شركة سوليدير، لا سيّما لجهة التمويل في هذه المرحلة الدقيقة، لكنه يقول: «اتّخذنا قرارنا للمضي قدما في المشروع رغم بعض المشكلات وهو سيشكّل خطوة أولى لمهرجانات مقبلة».