يوميات بطل مصري في بلاد التنين الصيني

النجولي أول عربي يفوز بكأس أفضل لاعب بدوري جامعة فودان لكرة السلة

النجولي حاملا كأس البطولة وشهادة أحسن لاعب («الشرق الأوسط»)
TT

تضم جامعة فودان الصينية بمدينة شنغهاي المئات من الطلاب الأجانب المتوافدين عليها لاستكمال دراستهم الجامعية، أو للحصول على منح دراسية في الدراسات العليا، فجامعة فودان تحتل مركزا متقدما في قائمة أفضل مائة جامعة في العالم.

ومن بين مئات الدارسين الأجانب، ينفرد محمود النجولي بكونه الطالب المصري الوحيد بالجامعة الصينية الشهيرة. ولكن ذلك ليس كل ما يتميز به النجولي، فهو أيضا أول طالب أجنبي يفوز بجائزة أفضل لاعب بدوري الجامعة لكرة السلة. بالإضافة لانفراده بكونه الأجنبي الأطول في الجامعة.

حضر محمود النجولي إلى الصين برفقة أسرته لإتمام دراسته العليا بجامعة فودان في ديسمبر (كانون الأول) عام 2010، ولكنه اضطر لقضاء عام دراسي كامل من أجل دراسة اللغة الصينية وإتقانها. وربما ما يبدو أكثر صفاته مدعاة للدهشة هو رأيه في اللغة الصينية، التي يعتبرها، على خلاف تصورات الكثيرين، لغة سهلة وممتعة.

سيلتحق النجولي، بداية من العام الدراسي المقبل، بقسم العلوم السياسية في برنامج الدراسات العليا، لدراسة السياسة في الصين، وخاصة الدبلوماسية الصينية. ويصف النجولي التعليم في الصين بأنه تجربة مختلفة عن كل ما خبره من أنماط التعليم في بلاده. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أدركت، وربما متأخرا جدا، ما الذي تعنيه قيمة التعليم في تقدم الأمم والشعوب منذ أن بدأت في دراستي بالصين».

وكغيره من المغتربين، عانى النجولي كثيرا من نفس المشكلة التي تؤرق كل الذين يعيشون بعيدا عن أوطانهم؛ تبدأ مشكلاته من القمم المحلقة للعادات والتقاليد، حتى سفح المشكلات اليومية البسيطة. «ليس من السهل أن تجد نفسك مضطرا لتبرير سلوك كنت تحسبه طبيعيا، بداية من الامتناع عن شرب الخمور وحتى توفير لحوم حلال ومذبوحة على الطريقة الإسلامية»، هذا ما يؤكده النجولي الذي يتابع بقوله: «كان زملائي يظنوني متكبرا لرفضي تناول الطعام أو الشراب معهم».

يضيف أنه كان يجتهد مستهلكا قسطا كبيرا من وقته لجعلهم يتفهمون أنه يتبع تعاليم دينه، «لكن لاحقا أصبح زملائي هم الذين يطلبون لي طبق المأكولات البحرية، فقد أدركوا أنه الطبق الذي لا يثير مشكلات ثقافية».

عاش النجولي، خلال الشهور الماضية، تجربة ربما لا تتكرر؛ أن يشاهد من الجانب الآخر للشرق بلده ينتفض بثورة شبابية غير مسبوقة، «كان موقفا شديد الصعوبة، أن تشاهد أصدقاءك وأهلك وشعبك يشيدون تاريخا دون أن تستطيع المشاركة، لكن في الوقت عينه ترى قيمة ما ينجزه هؤلاء عبر عيون الآخرين».

يتابع النجولي: «قالت لي صديقة روسية إنها تحسدني لأنني مصري.. لا يمكن وصف هذا الشعور، المسألة ليست إحساسا بالتفوق. إنه أمر مختلف تماما».

يعلم النجولي الإحساس بالتفوق، فقد ساعد فريق الأجانب في كليته في الفوز لأول مرة ببطولة كرة السلة، بعد أن كان متوقعا طول السنوات الماضية خروجه من الأدوار التمهيدية، يقول إن «الشعور بالفخر له مذاق آخر، ولقد ذقته في عقب ثورة 25 يناير».

«المسألة في الصين مختلفة عن مصر تماما»، هذا ما يؤكده النجولي فيما يتعلق بالاهتمام بالبطولات الرياضية، فالفرق الجامعية يتم تمويلها من خلال رعاة يوفرون للفريق كل ما يحتاجه من معدات وأدوات وحتى زجاجات المياه، هذا ما يعطي لفوز معاني مختلفة». بدت رحلة البطولة درامية بامتياز؛ فالفريق الذي لم يكن مدرجا بالمرة على قوائم التوقعات نجح في تجاوز حامل اللقب للسنوات الأربع الماضية، بل وسحقه بفارق كبير، ليصل إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه. وقد حملت المباراة توتر المشاهد الأخيرة، بعد أن تراجع فريق النجولي بفارق كبير، قبل أن ينجح في استعادة التوازن وتقليص الفارق، حتى يحقق النصر في اللحظات الأخيرة.

يتوج النجولي كأفضل لاعب في البطولة، وهي المرة الأولي التي يظفر فيها لاعب أجنبي باللقب الفردي الرفيع، بعد أن لعب دورا أساسيا في وصول فريقه للمباراة النهائية والفوز باللقب.

لم يعد أمام النجولي إلا انتظار اللحظة التي سيستقل فيها الطائرة من أجل العودة للوطن، يقول: «لا يشعر بقيمه بلاده إلا المغترب؛ فما بالك وقد تركت بلدا مكبلا لتعود إليه بعدما صار حرا عزيزا؟!».