بداية عصر ما بعد الكومبيوتر.. «أبل» تطلق «الحوسبة السحابية»

نقل محتويات الكومبيوتر الشخصي إلى خوادم هائلة ويمكن استخدامها عبر الإنترنت

مركز الخوادم تكلف مليار دولار سيصبح العمود الفقري للحوسبة السحابية ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» للكومبيوتر خلال كلمته بمناسبة طرح خدمة «آي كلاود» (أ.ب)
TT

كشف ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، عن خدمة جديدة تتيح للمستخدمين تخزين ملفاتهم الموسيقية وغيرها من التطبيقات والوثائق وقواعد المعلومات على الإنترنت على شبكة أطلقت عليها الشركة اسم «آي كلاود» وتشغيلها من أي أجهزة إلكترونية أخرى من منتجات الشركة، فيما يعتبر انطلاقة الخدمات الاستهلاكية المعتمدة على الإنترنت، أو كما أشار بعض المعلقين إلى أنه إيذان بانطلاق مرحلة ما بعد الكومبيوتر.

كان جوبز قد دخل مسرح القاعة التي عقد فيها مؤتمر المطورين في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية وسط تصفيق أكثر من 5 آلاف شخص ليعلن الخدمة الجديدة التي تتيح للمستخدمين تشغيل ملفاتهم الموسيقية والدخول إلى بياناتهم من أي جهاز «أبل».

وقد دفع تقديم الخدمة الجديدة في مجال الحوسبة السحابية شركة «أبل» إلى التفوق على منافسيها «غوغل» و«أمازون» اللتين أطلقتا خدمة تعتمد على الحوسبة السحابية، لكنها خدمة محدودة بالمقارنة بالخدمة الجديدة.

وقال جوبز في كلمته: «سنتولى الحد من قيمة الكومبيوتر الشخصي ليتحول إلى مجرد جهاز مثل الـ(آي باد) والـ(آي فون) أو الـ(آي بود تتش). سندفع بالمحور الرقمي، الذي يعتبر مركز حياتك الرقمية إلى السحاب. وسيتم كل شيء بطريقة أوتوماتيكية، وليس هناك من شيء يجب تعلمه».

وذكر المعلقون أن الكومبيوتر الشخصي هو الضحية الأولى لثورة الحوسبة السحابية.

وأضاف أنه في حين يمكن الاستماع آليا إلى كل الأغنيات التي يتم شراؤها عبر «آي تيونز» في النسخة المجانية من «آي كلاود»، فإن الخدمة مدفوعة الاشتراك، وتسمى «آي تيونز ماتش» واشتراكها السنوي 25 دولارا، ستكون مطلوبة إذا كان المستخدمون يريدون الاستماع إلى الأغنيات التي يقومون بتنزيلها من الإنترنت وتخزينها على هذه الخدمة.

وقال ستيف جوبز: إنه منذ نحو 10 سنوات، عرضنا واحدة من أهم أفكارنا، وهي الكومبيوتر الشخصي الذي أصبح محور الحياة الرقمية، لكن هذا النموذج يتحطم مع تزايد حضور وقوة الأجهزة المحمولة.

وخدمة «آي تيونز» السحابية متوافرة الآن، أما باقي الخدمات السحابية فستتوافر في فصل الخريف المقبل، عندما تطرح الشركة نظام التشغيل الجديد لأجهزتها الجوالة.

وقد استكملت شركة «أبل» في الآونة الأخيرة مركزا للخوادم في ولاية نورث كارولينا تكلف مليار دولار، سيصبح العمود الفقري للحوسبة السحابية.

تجدر الإشارة إلى أنه في مجال الحوسبة السحابية يجري تخزين قواعد المعلومات وبرامج الكومبيوتر في أجهزة خوادم - وليس على جهازك - بحيث يمكن للهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى مثل «آي باد» و«آي بود» وغيرهما استخدامها عبر الإنترنت.

وتأمل شركة «أبل» في أن يصبح تعبير الحوسبة السحابية - وهو التعبير المنتشر في أوساط أقسام تكنولوجيا الإنترنت وأوساط العاملين في وادي السيلكون في أميركا – حدثا يوميا بالنسبة لكثير من الناس.

وقد تزايدت الحاجة إلى خدمات سحابية مع تزايد استخدام الناس لأجهزة الهاتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر اللوحية ذات إمكانات التخزين المحدودة.

في الوقت نفسه، يدمج نظام التشغيل الجديد لأجهزة «ماك» و«آي فون» و«آي باد» كل شيء من برامج معالجة الكلمات إلى النتائج الرقمية إلى الصور في نظام «آي كلاود»، وهو ما يتعدى ما فعلته الشركات الأخرى.

وستتولى خدمة أطلق عليها اسم «آي تيونز ماتش» مسح القرص الصلب الخاص بالمستخدم بحثا عن الأغاني والموسيقى وتوفيرها عبر «آي كلاود». وبالمقارنة يجب على مستخدمي شبكة «آي كلاود» الخاصة بـ«غوغل» و«أمازون» تحميل كل الأغاني بأنفسهم.

ويرتبط إطلاق «آي كلاود» بشدة بطرح نظام التشغيل «آي أو إس 5» الجديد للأجهزة المحمولة مثل «آي فون» و«آي تاتش» و«آي باد». وقد باعت «أبل» نحو 200 مليون جهاز من الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آي أو إس 4»؛ حيث قام مستخدموها بتنزيل نحو 14 مليار تطبيق من تطبيقات «أبل»، بحسب ما ذكره سكوت فورستال، أحد مسؤولي «أبل».

ومن التحديثات الرئيسية في برامج الأجهزة المحمولة الجديدة مركز إخطار حديث يتيح لمستخدمي هذه الأجهزة الاطلاع على أحدث محتويات مواقع الصحف والمجلات التي يشتركون فيها. وقال فورستال: «ربما كانت أبرز خصائص (آي أو إس 5) أنه يقوم على أساس العمل المباشر مع (آي كلاود) في ثورة عالم ما بعد الكومبيوتر الشخصي التي تقودها (أبل)».

كما عرضت «أبل» الإصدار الثامن من نظام التشغيل «ماكينتوش» (ماك أو إس إكس ليون)؛ حيث يحتوي على 250 خاصية جديدة. وسوف يتم توفير هذا الإصدار الجديد للمستخدمين ابتداء من الشهر المقبل، ويحتوي على خاصية التشغيل باللمس وبرنامج جديد للبريد الإلكتروني وخيار الحفظ الآلي مع إمكانية إعادة تشغيل الجهاز مع استمرار وجود الملفات المفتوحة كلها عند إغلاقه.

ووصف آفي غريغارت، المحلل المتخصص في مجال الكومبيوتر، أن دخول «أبل» عالم الحوسبة السحابية «حدث في غاية القوة».

تجدر الإشارة إلى أن خدمة «آي كلاود» ليست مصدرا كبيرا للدخل في الوقت الراهن، ومن الصعب التكهن بتأثيرها على المدى الطويل. إلا أنها تضع حجر الأساس بالنسبة للمنتجات المستقبلية التي ستعتمد وتستفيد من الحوسبة السحابية. كما يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الطلب لأجهزة «آي فون» و«آي باد»، في الوقت الذي تسهم فيه في زيادة الطلب على شراء الموسيقى عبر خدمة «آي تيون».

ويقول محللون إن «آي كلاود» يمكن أن يقدم نموذجا جديدا للتعامل مع المواد الإعلامية؛ حيث يتيح إمكانات الحوسبة السحابية - التي اعتادت عليها الشركات بالفعل - على أجهزة المستهلكين. ويمكن أن ترفع هذه الخدمة الطلب على أجهزة تتراوح من «آي فون» إلى «آي باد».

تجدر الإشارة إلى أن ظهور جوبز على المسرح يوم الاثنين هو المرة الثانية التي يظهر فيها منذ حصوله على إجازة مرضية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، للعلاج من إصابته بسرطان البنكرياس. وقد تولى عدد من كبار التنفيذيين في الشركة عرض المميزات الجديدة في نظم تشغيل «آي فون» وأجهزة الكومبيوتر، في محاولة لإعطاء الانطباع أن العمل في الشركة يتم بطريقة جماعية ولا يعتمد على فرد واحد.