مزاد قطع أثرية ثمينة تعود إلى الحرب الأهلية الأميركية يثير جدلا واسعا

نظارات أوبرا يعتقد أنها تخص لينكولن معروضة للبيع في المزاد

رسالة من روبرت لي لشقيقه يشرح فيها قراره الاستقالة من الجيش الأميركي والانضمام للقوات الكونفدرالية في فيرجينيا ستطرح في المزاد، حيث من المتوقع أن يصل ثمنها إلى 400 ألف دولار
TT

تبدأ القصة بالعثور على نظارات أوبرا في وسط شارع «تينث ستريت» بعد حمل أبراهام لينكولن، الذي أصيب إصابة أودت بحياته، من مسرح فورد إلى فراش الموت في مبنى «بيترسن هاوس» في إحدى ليالي شهر أبريل (نيسان) عام 1865.

وعلى مدار أجيال، ظلت في عهدة أسرة ضابط الجيش الذي عثر عليها. وفي 1979، تم بيعها في مزاد مقابل 22 ألف دولار، وهو رقم قياسي بالنسبة لقطعة أثرية خاصة بـ«لينكولن». وفي 2002، تم بيعها مجددا مقابل 424 ألف دولار، وهو رقم قياسي آخر.

وفي الأسبوع القادم، سيتم عرض نظارات الأوبرا، التي يعتقد أن لينكولن قد وضعها في الليلة التي سبقت وفاته، للبيع في المزاد العلني، حيث يتوقع الخبراء أنها يمكن أن تباع مقابل مبلغ 700 ألف دولار.

وتعتبر النظارات جزءا من قطع أثرية ستعرض في مزاد «سوثبيز» في 17 يونيو (حزيران) الحالي في نيويورك، الذي سيضم قطعا أثرية ثمينة تعود إلى فترة الحرب الأهلية الأميركية مثل خطاب مكتوب من روبرت لي يناقش فيه استقالته من الجيش الأميركي وعلم من السفينة الكونفيدرالية الشهيرة «سي إس إس ألاباما».

ويأتي المزاد في الوقت الذي تحيي فيه أميركا ذكرى مرور قرن ونصف على الحرب، وهناك درجة كبيرة من الاهتمام بالموضوع.

قال سيلبي كيفر، المتخصص الدولي رفيع المستوى في الكتب والمخطوطات بقاعة المزادات «ليس من الغريب بالنسبة لنا أن نتعامل مع مثل هذه القطع الأثرية التي تقدر تكلفتها بمئات الآلاف من الدولارات، ولكن الغريب هو أن نجد أربع أو خمس قطع منها تتناول الحرب الأهلية».

وتعتبر نظارات الأوبرا الخاصة بلينكولن من بين أكثر العناصر الرمزية المرتبطة باغتياله على يد الممثل جون ويلكس بوث في 14 أبريل 1865.

وقال كيفر يوم الأربعاء: «عندما تحمل هذه التحف الأثرية - وفي حقيقة الأمر، لا نبالغ إذا استخدمنا كلمة «آثار» في وصفها - بين يديك، تنقلك إلى تلك اللحظة التاريخية».

وقال جيمس سوانسون، المؤلف والدارس لشخصية لينكولن، إن لدينا كما هائلا من الآثار المرتبطة بلينكولن السياسي أو الرئيس في زمن الحرب. وقال في رسالة بريد إلكتروني: «الأمر العظيم المتعلق بنظارات الأوبرا هو أنها تستحضر جانبا آخر من جوانب شخصية لينكولن، الرجل المثقف الذي أحب الدراما والمسرح والإحساس بالراحة الذي كان يمنحه له الذي خفف من أعباء العمل المكتبي التي طالما حملها على كاهله».

ووفقا لمزاد «سوثبيز»، عثر كابتن جيمس ماكاملي على نظارات الأوبرا ألمانية الصنع في الشارع. يذكر أن ماكاملي أحد المحاربين القدماء بكتيبة المشاة السبعين في نيويورك والذي كان يعمل حارسا في مدينة واشنطن ليلة اغتيال لينكولن.

وقد هرع إلى المسرح وساعد في حمل لينكولن من شارع «تينث ستريت» إلى «بيترسن هاوس»، حيث توفي الرئيس صباح اليوم التالي.

وجاء في بيان صادر عن المزاد: «بينما كان يتم نقل لينكولن، سقطت نظارات الأوبرا - التي من المحتمل أنها كانت لا تزال بين يديه، وربما اشتبكت بملابسه - في الشارع». بعد ذلك، أورد مزاد «سوثبيز» شهادة خطية كتبتها الأسرة تفيد بأن ماكاملي «التقطها ووضعها في جيبه. وظل بجانب الجثمان إلى أن تم نقله إلى البيت الأبيض، ووقتها عاد إلى منزله واكتشف أن النظارات بحوزته».

وظلت النظارات بحوزة أسرته على مدار ثلاثة أجيال، وفقا لما جاء في بيان «سوثبي».

وفي 1968، أخبرت دائرة خدمات المناطق المفتوحة حفيد ماكاملي الذي يجري أبحاثا حول هذه القصة أن النظارات تتوافق مع جراب نظارة أوبرا تم «ضمه إلى صندوق لينكولن»، ثم نقل بعد ذلك إلى مجموعة القطع الأثرية الخاصة بمسرح فورد والموجودة بدائرة خدمات المناطق المفتوحة.

وأكدت دائرة خدمات المناطق المفتوحة يوم الأربعاء الماضي أنها ما زالت تمتلك ذلك الجراب المصنوع من الجلد الأسود والمطرز بخيوط ساتان لونها أحمر.

غير أن غلوريا سويفت، المسؤولة عن حراسة الغابات والمسؤولة السابقة عن القطع الأثرية الخاصة بلينكولن، ذكرت أن الجراب يعتقد أنه كان خاصا بزوجة لينكولن، ماري تود، التي عثرت على نظارات أوبرا خاصة بها أيضا في الصندوق، ومملوكة الآن لجهة خاصة.

وقالت إنها متشككة في قصة ماكاملي، مشيرة إلى أن لينكولن كان قد خضع لفحص الأطباء في المسرح ورأت أن النظارات من المفترض أنها كانت معه أثناء نقله من الشارع.

قالت: «لا يعني ذلك أن هذا لم يحدث. ولكنها ربما تكون نظارات أي شخص».

وقال كيفر، من دار «سوثبيز» للمزادات: «مع قطعة تذكارية تاريخية قيمة، من الصعوبة بمكان الوصول إلى دقة بنسبة 100 في المائة. لكن.. في رأيي، يعتبر هذا أقرب تفسير يمكن الوصول إليه».

وأضاف أن النظارات قد تم «فحصها مرتين في سوق (تجار الآثار القديمة)، الأمر الذي ربما يكون صعبا، ولكن في كلتا المرتين، نجح الأمر ببراعة».

وفي 1979، تم بيع النظارات من قبل جامع تحف كان قد اشتراها من أسرة ماكاملي. وكان السعر المقدر للنظارات قبل أن يتم بيعها هو 4 آلاف دولار. وقد تم بيعها بخمسة أضعاف هذا المبلغ إلى الناشر مالكولم فوربس، بحسب كيفر. وفي 2002، تم بيع النظارات مرة أخرى مقابل مبلغ اعتبر بمثابة رقم قياسي.

وفي 2005، نشر شخص ما إعلانا في صحيفة «نيويورك تايمز» يشير فيه إلى أنه اشترى النظارات من مجموعة فوربس ويعرضها للبيع مقابل مبلغ 2.5 مليون دولار.

ورفض كيفر تحديد هوية البائع الحالي، غير أنه وضح أنه كان الشخص الذي اشترى النظارات من فوربس. وفي 2008، أشار بروفايل منشور في صحيفة «شيكاغو» إلى المحامي بولاية إلينوي وجامع التحف الأثرية ويليام كابر بوصفه مالك النظارات والشخص الذي اشتراها من فوربس. وقد تعذر الوصول إلى كابر يوم الأربعاء.

وقال كيفر إن النظارات توحي بإحدى أعظم لحظات «ماذا لو» التاريخية الأميركية.

وقال: «ماذا لو كان لينكولن لم يمت؟ ماذا لو كان بوث قد تراجع؟ كيف كان من الممكن أن تسير عملية إعادة الإعمار بشكل مختلف؟ وكيف كان من الممكن أن تتطور الدولة بصورة مغايرة؟».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»