هيام يونس: لا أنصح المحترفين بالغناء لغيرهم

قصيدة سعودية تعيدها إلى الساحة وتشكل موضوع أول فيديو كليب لها

هيام يونس خلال تصوير الفيديو كليب الأخير
TT

تصف نفسها بأنها عاشقة الناس وبأنها في كل مرة تعتلي فيها خشبة المسرح يجتاحها فرح الهواة.. فهيام يونس، المطربة اللبنانية المخضرمة التي ذاع صيتها وعرفها الناس من خلال أغان أدتها على مدى خمسين عاما وما زالت تردد حتى هذا اليوم مثل «دق بواب الناس كلها» و«تعلق قلبي في فتى عربية»، لم يسبق أن سنحت لها الفرصة لتصوير ولو أغنية واحدة من سجلها الغنائي لأسباب مختلفة، فأطلت اليوم بأول عمل غنائي مصور لها بعنوان «يا سعيد الحظ» تحت إشراف المخرج روي شكور.

وتعتبر الفنانة اللبنانية هذه التجربة جاءت ناضجة وليست متأخرة رغم مرور كل هذا الوقت قبل تحقيقها، فهي لطالما انتظرت من شركات الإنتاج المهتمة بهذه الأمور أن تدق بابها وتعرض عليها تصوير عمل من أعمالها الغنائية، إلا أن الشاعرة السعودية سارة الهاجري كانت السباقة إلى ذلك عندما سعت للقائها لتقديم عمل يجمعهما معا من خلال الكلمة. وبالفعل استطاعت إقناعها بعدما تأكدت أن الهاجري ترغب في تكريمها على طريقتها ووفق الصورة التي انطبعت في ذاكرة جمهورها في لبنان والعالم العربي، لا سيما الخليجي، فولدت أغنية «يا سعيد الحظ» الخليجية قلبا وقالبا، وهي قصيدة سعودية كتبتها سارة الهاجري، ولحنها هشام بولس، ووزعها مارك عبد النور، فكانت التوليفة المناسبة لتقديمها في أول عمل مصور لها خصوصا أن منتجة العمل شركة «still rolling production» أرادته عملا يليق بمسيرة الفنانة اللبنانية بعيدا عن الأجواء التجارية المستهلكة والرائجة في هذه الأيام، كما تقول صاحبة العمل هيام يونس.

ويحكي الكليب قصة رسام يعيش في خياله ذكريات حب قديم وهو الذي، رغم أهمية هذا الحب بالنسبة له، عرف علاقات أخرى مع نساء أخريات جسدها في لوحات عدة إلى أن حن يوما إلى حبيبته، فراح يرسمها كما يتذكرها وليعلق صورتها دون الأخريات على حائط منزله طالبا منها العودة إليه، إلا أن عنفوانها يدفعها لرفض طلبه لتتركه إلى غير رجعة محتفظة بالذكرى في قلبها. لعب دور الرسام أنطوان سعادة والد المخرج الراحل يحيا سعادة، الذي استطاع أن يؤدي الدور ببراعة، كما تقول هيام يونس، وكان ظهوره هذا بمثابة تحية لابنه الذي رحل قبيل فترة من تصوير الكليب. وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «جاء هذا الكليب بمثابة القضاء والقدر، أي في الوقت المناسب من ناحية، وشبيها لشخصيتي الحقيقية من ناحية ثانية». وعما إذا كانت تشعر أنها تأخرت في القيام بهذه الخطوة، أكدت الفنانة اللبنانية التي لقبت في الماضي بـ«الطفلة المعجزة» كونها بدأت الغناء وهي في الرابعة من عمرها، أن غالبية أغانيها مصورة تلفزيونيا من خلال إطلالاتها في برامج عدة، وأن المسؤولية لا تقع عليها في هذا الموضوع قائلة: «أنا لم أتأخر. هم تأخروا، ولكنني انتظرت ولقيت».

أما عن رأيها في مستوى الكليبات الرائجة حاليا على الساحة الفنية، فتقول: «لقد قطعنا شوطا كبيرا وأصبح لدينا سجل غني بالأعمال الراقية في هذا المجال، كتلك التي صورتها ماجدة الرومي وكاظم الساهر وحتى نانسي عجرم، وغيرهم. وفي المقابل، ما زال هناك بعض الأعمال غير الجيدة، وهذا أمر طبيعي موجود دائما على الساحة، كما في أي مجال آخر».

ووصفت الساحة الفنية اليوم بأنها تزخر بالمخرجين المبدعين وأنه رغم ابتعادها عنها، فإنها تراقب عن كثب ما يدور فيها، وقد لفت نظرها الدم الشبابي الجديد الذي يضخ في شرايينها ويثمر أعمالا لافتة، مشيرة إلى أن الراحل يحيا سعادة كان واحدا منهم، وقد لمست تأثر الفريق العامل معه بأسلوبه التصويري لأنه كان المنفذ لعملها «يا سعيد الحظ»، ومؤكدة أن التقنية المتطورة لا شك تدمغ غالبية هذه الأعمال، وأنه لا مانع من التقرب من مستوى الأعمال الغربية، شرط أن تبقى محافظة على أخلاقياتنا الشرقية.

واعتبرت عودة بعض الفنانين إلى غناء القديم خير دليل على المستوى الفني العالي والأصيل الذي كان يسود تلك الأعمال التي كانت تنبع من القلب، والتي يتوفر فيها الشعر الجيد واللحن الجميل، فلم تكن تحضر في ظرف يومين؛ بل تصنع بدقة كما يصنع المجوهراتي قطعه النادرة.

ولم تشأ هيام يونس أن تذكر اسم الفنانة التي تجد صوتها مناسبا لإعادة غناء إحدى أغنياتها، موضحة أن الأمر ليس بالسهل، وهي لا تريد أن تظلم أحدا؛ بل تصر على سماع الأصوات التي قد ترغب في القيام بهذه الخطوة، وبعدها تعطي رأيها وتقوم بخيارها، وقالت: «في الحقيقة، لا أحبذ أن يغني المحترفون أغاني لغيرهم؛ فمهما حاولوا، يبقى الأصل هو صاحب الطابع المميز».

ونصحت القيمين على الأغنية اللبنانية اليوم بعدم الانجراف في الأعمال التجارية؛ فهي مع التحديث شرط أن يبقى المحتوى سيد الموقف وقالت: «في فترة ما خفت على الإبداع بشكل عام أن يجف، لكن وجود بعض الاستثناءات في تلك الحقبة كانت تعطيني الأمل. اليوم صرت مقتنعة أننا نسير على الطريق الصحيح، وعادت الأغنية الأصيلة تترسخ جذورها في أرض الفن من جديد». ولأنها لا تتوقف عند اسم لامع أو شهرة واسعة لأحد العاملين في هذا المجال، فهي تعتبر أن الأغنية الجميلة تحقق النجاح دون ارتباطها بأي عوامل من هذا القبيل، وتقول: «أنا شخصيا لا أتأثر بلحن أو كلمة معينين أو بصوت فنان كبير أو صغير، كل ما يهمني العمل ككل وأن يكون على المستوى المطلوب».

وتتحدث هيام يونس عن أغنيتها «دق بواب الناس كلها»التي تصفها بأنها أغنية عمرها، معلنة أنها ستقدمها في الشهر المقبل في توزيع موسيقي جديد لتتماشى مع الإيقاع الفني الحديث وعن نيتها تصويرها أيضا لاحقا. كما أنها تحضر لأغنية جديدة أخرى بعنوان «إنشا الله تتهنى» من كلمات منير بوعساف وألحان هشام بولس وتوزيع داني حلو، على أن تصورها تحت إدارة المخرج باتريك.

ومن الأغاني التي غنتها هيام يونس ولاقت شهرة واسعة «سافر يا حبيبي وارجع لا تطول والله الغيبة» وهي مزيج من الفولكلور اللبناني والسوري والأردني، وقد كتبها الشاعر اللبناني الراحل شفيق المغربي الذي سبق أن كتب لها «دق بواب الناس كلها» ولحنتها شخصيا، بينما أغنية «تعلق قلبي» من معلقات امرؤ القيس ولحنها لها طارق عبد الحكيم السعودي.