مهووس بالموسيقى حتى النخاع الشوكي، بشكل يومي يتابع كل جديد منذ عام 1972 وحتى اليوم. بين المئات والمئات من الاسطوانات والأقراص المدمجة، يتنقل رمزي مرجان، 50 عاما، مدركا تماما مكان كل واحد منها وأي أغنيات تتضمن. مكتبة موسيقية تحوي 7 آلاف أسطوانة، وما يزيد على 11 ألف CD (قرص مدمج)، تغطي كافة أنواع موسيقى البوب والجاز والبلوز والروك بأنواعه المختلفة يمتلكها ابن بلدة الهلالية في مدينة صيدا جنوب لبنان.
«بدأت في تجميع الأسطوانات عام 1972 ولغاية 1992، السنة التي توقف فيها إصدار الأسطوانات بشكل تجاري، وأصبحت الإصدارات الفنية تظهر على شكل CD، منذ عام 1992 ولغاية اليوم» يقول مرجان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وهو يجلب أحد إصدارات فريق البيتلز العائد لعام 1967 من مكتبته، ليضعه على مشغل الأسطوانات. فريق يعتبره العمود الفقري لموسيقى الروك، حيث إن جميع إصداراته موجودة على أسطوانات منذ عام 1962 ولغاية انفراط عقده عام 1970، وحتى إصدارات كل عضو بعد الانفصال، متوافرة بكاملها. مرجان الذي يعمل صيدليا لا يهتم بجمع أو بسماع الموسيقى الكلاسيكية ولا العربية، موقف تخترقه كوكب الشرق أم كلثوم، وسفيرة النجوم فيروز على سبيل الطرب.
دعوة إلى الاهتمام بالموسيقى المعاصرة عمرها عشرات السنوات، يوجهها للمهتمين شارحا نظرته «لا أقصد تلك التي يسمعها جيل اليوم الهيب هوب أو الراب، أو الأغاني التجارية مثل موسيقى ليدي غاغا بل ذلك النوع المغيب، لجهل القيمين على الإذاعات بالموسيقى والاهتمام بها، معتبرا أنه لو سلط الضوء على ما هو جيد من الموسيقى المعاصرة، لساهمنا في صقل أذواق أولادنا من خلال فن راق، ينمي الناحية الفنية والإنسانية من شخصياتهم».
«الموسيقى غذاء الروح وهي ملجأ للنفس البشرية، سواء في حالات الفرح أو الحزن، ولها الأثر الأكبر في تكوين شخصية الإنسان، لأنها ترافقه مدى الحياة» نظرة ثلاثية الأبعاد، لطالما آمن بها عاشق الموسيقى ودافع عنها. البداية كانت عام 1972 مع أسطوانة «العصافير»، آنذاك كان سعر الأسطوانة الصغيرة 18 ل.ل، أما سر تعلقه بالموسيقى الأجنبية، فيعود إلى تعلق والدته بإذاعة أجنبية كانت وحيدة في لبنان آنذاك.
حب الاستماع تحول إلى هواية عند مرجان، يمارسها بشغف بمعدل 4 ساعات يوميا، معتمدا على الانترنت والأصدقاء الذين يسافرون باستمرار، ويشكلون مصدرا رئيسيا لمكتبته، بعد انخفاض محلات الموسيقى في لبنان، حيث لم يبق إلا القليل بحسب قوله.
ويجزم الصيدلي الموسيقي، بأن بعض أسطواناته نادر الحصول عليها من أي مكان في العالم، نظرا لحالتها الجيدة وهنا تكمن قيمتها الفنية.
وحول كيفية جمع مرجان مكتبته الفريدة، يجيب: «قمت بشراء معظم الأسطوانات ذات القيمة الفنية العالية من المحلات المتخصصة، بعدما تحولت إلى محلات لبيع الأقراص المدمجة، قبل أن يقفل معظمها بسبب الخلاف على إنزالها، وهي تتلقى كامل العناية والاهتمام، وبعضها لا يزال مغلفا بالنايلون».
اسطوانات شبه جديدة، أو ما يعرف في عالم الموسيقى بـMINT CONDITION، نظرا لأن استعمالها محصور بصاحبها، ويمنع على أفراد العائلة الاستماع إليها، كذلك على الأصدقاء استعارتها.
هذا القانون الذي يسري على الأقراص المدمجة يشعرك بأن اسطوانات فترة الستينات وكأنها صادرة اليوم، فيما الاسطوانة «المجروحة» لا مكان لها في المكتبة.
وفي معرض حديثه عن المحافظة على الاسطوانات يضيف: «لدي نحو 50 إبرة (لقراءة الاسطوانات) من أفضل الأنواع حيث يبلغ سعر الواحدة أكثر من 50 دولارا لأنها من الألماس».
نحو 4000 أسطوانة وقرص مدمج، لم يتسن لمرجان الاستماع إليها، على الرغم من تخصيصه 4 ساعات يوميا لسماع الموسيقى ليلا.
الإصدارات كاملة فلا نقص لإصدارات أي فرقة موسيقية أو مطرب، فمثلا تجد إصدارات فريق DEEP PURPLE منذ عام 1968 وحتى اليوم. أما الفنانون والفرق المفضلة لدى عاشق الموسيقى فمنها GORDON LIGHTFOOT 1973 ,WISHBONE ASH 1972 ,CAMEL 1974 ,BEATLES 1966 ,LED ZEPPELIN 1971 ,PINK FLOYD 1973.
«الجواب صعب»، يرد مرجان على سؤال حول القيمة المادية لمكتبته الموسيقية، متابعا «دفعت نحو 300000 دولار تقريبا، وبعض الاسطوانات أصبح سعرها خياليا، لأنها تعود لفنانين مغمورين لم يبق لهم أي أثر موسيقي، وأخرى يصعب الوصول إليها، حتى عبر الإنترنت».
مرجان الحريص على ثروته الفنية، قام بتوزيعها في المكتبة الضخمة، وفي الخزائن المحيطة بها داخل غرفة الاستقبال، بأسلوب منظم تبعا لتاريخ الشراء، فيما ترى التيرن تيبل متأهبا دائما، ينتظر من صاحبه تشغيله لدقائق أو لساعات، مستعيدا مرجان بذلك حالة من الهدوء والراحة.
وعلى الرغم من قلة حالات السفر لديه، فإنه عازم على السفر قريبا إلى لندن، بغية الحصول على اسطوانات نادرة، يملكها أحد سكانها.
ويختم عاشق الموسيقى: «أقدر أن قيمة مكتبتي تفوق المليون دولار في حال قررت بيعها، هي من أجمل ذكرياتي، إذ لكل اسطوانة ذكرى تبدأ من يوم ومكان شرائها، وصولا إلى اليوم».
تجدر الإشارة إلى أن مرجان يطمح لدخول كتاب غينيس، لاعتقاده أنه يملك أكبر مجموعة من الاسطوانات والأقراص المدمجة (قديمة وجديدة الإصدار) في لبنان والشرق الأوسط، معتبرا أن قيمة الأخيرة ستتضاعف بعد سنوات، لاحتمال حصر تحميل الأغاني عبر الإنترنت فقط، وهو أوصى أولاده بالاحتفاظ بهذه المكتبة والمحافظة عليها.