«رويال أسكوت».. 5 أيام من الترف الملكي في بريطانيا

الأحصنة تتسابق على الفوز.. والسيدات يتسابقن على الأناقة في يومهن

المظلات نافست القبعات في يوم السيدات بأسكوت بسبب سقوط الامطار الغزيرة (رويترز)
TT

قد تكون سباقات الخيل التي تجري في «أسكوت» في بريطانيا من الرياضات القليلة التي ترضي الرجال والجنس اللطيف على حد سواء، على عكس مباريات كرة القدم على سبيل المثال التي تنعت عادة بالذكورية، وتتسبب في الكثير من الأحيان في خلافات بين الأزواج. إلا أن سباقات الخيل في أسكوت ترضي النساء بقدر إرضائها الرجال، ففي حين تتسمر أعين الرجال على الأحصنة والسباق والرهانات، ترى عدسات الكاميرات تتسمر على قبعات السيدات وهندامهن، فـ«رويال أسكوت» ويوم السيدات بالتحديد الذي يقع في اليوم الثالث من السباق هو فرصة حقيقية تتبارز فيها النساء على سحب بساط الأناقة من بعضهن بعضا، والعنوان العريض للمناسبة: «أناقة، أناقة.. ثم أناقة».

هذا اليوم تحضر له النساء قبل أكثر من 5 أشهر، فهو أهم من حضور حفل زفاف في بريطانيا، لأن في هذا اليوم تتمكن المرأة من لباس أجمل ما لديها من أزياء وتستطيع وضع قبعة كبيرة ومثيرة لافتة للنظر، ولا تقتصر الأناقة على النساء فقط، بل تمتد لتطال الرجال أيضا الذين يبدون طيلة أيام السباق الخمسة بأجمل مظهر مرتدين بدلة «المورنينغ» الإنجليزية الشهيرة السوداء أو رمادية اللون، مع القبعة «توب هات» على رؤوسهم، وترى الرجال والنساء يتبخترون في باحات «أسكوت» التي يكسوها العشب الأخضر، ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان صورة أصل المناسبة التاريخية التي أطلقتها الملكة آن في عام 1711، ولا تزال لغاية يومنا هذا تحافظ على الأصالة الإنجليزية، خاصة أن الملكة إليزابيث الثانية، ومعظم أفراد العائلة الملكية يحضرون يوميا السباق، وتعتبر الطبقة المخملية البريطانية والمشاهير هذا التاريخ من العام حدثا رئيسيا في التقويم الاجتماعي، وكان يطلق في الماضي على «أسكوت» اسم «إيست كوت» وخطرت للملكة آن فكرة حينها بالاحتفال بسباق الخيل في حدائق مفتوحة قريبة من قصر ويندسور، وفي عام 1813 أقر البرلمان البريطاني نصا يقضي بتحويل أراضي «أسكوت» البور التابعة للعائلة الملكية إلى مضمار لسباقات الأحصنة العامة.

وغلبت أزياء السيدات، أمس، على التغطية الإعلامية للسباق نفسه، إذ كانت أعين العالم كله تركز على القبعات خاصة التي يعتبرها مصمموها فرصة حقيقية لهم للمنافسة على ساحة التصميم لا سيما أن ارتداء القبعات في بريطانيا تقليد قديم آخذ في التوسع، حيث ازدادت نسبة مبيعات القبعات وإكسسوارات الشعر أو ما يعرف بـ«فاسينايتورز» بنسبة تزيد عن 50 في المائة بعد زفاف الأمير ويليام على عروسه كاثرين نهاية أبريل (نيسان) الماضي، ففتح العرس الملكي الضخم شهية البريطانيات على وضع القبعات على رؤوسهن في المناسبات الكبرى، مثل الأعراس والحفلات المميزة.

وفي «رويال أسكوت» يحتم على النساء وضع القبعات والإكسسوارات على الشعر، كما يوجد هناك عدة شروط تتعلق بما يجوز ارتداؤه وما لا يجوز ارتداؤه في هذه المناسبة، خاصة أنها مناسبة ملكية، فعلى سبيل المثال لا يسمح بارتداء الفساتين الفاضحة والقصيرة جدا، ولا يُسمح أيضا بارتداء السراويل غير المنسقة (لونا وخامة) مع الجاكيتات، ولا يسمح بارتداء السراويل القصيرة، كما لا يجوز انتعال الصندل (فليب فلوب) أو أحذية الرياضة، وينصح بعدم وضع القبعات ضخمة الحجم التي من شأنها أن تزعج الحضور وتحول دون مشاهدتهم السباق. ويحق للمسؤولين رفض دخول أي كان في حال لم يتوافق مظهرهم مع الشروط التي ذكرناها آنفا.

في الماضي، كان هذا الحدث مخصصا لأعضاء العائلة المالكة والبورجوازيين فقط، لدرجة أنه كانت تُمنع السيدات المطلقات من الدخول، أما اليوم فتجد هذا الحدث لا يقتصر فقط على العائلة الملكية والأرستقراطيين إنما يشارك فيه أيضا الأثرياء الذين صنعوا ثرواتهم بنفسهم والمشاهير والمصرفيون.

يعتبر سباق «أسكوت» للخيل من أفضل السباقات المماثلة في أوروبا كلها، ويأتي لحضور هذه المناسبة الكثير من مشجعي هذه الرياضة من مختلف أصقاع العالم العربي والغربي، في حين تعتبر السيدات هذه المناسبة فرصة يطول انتظارها كل عام للتباهي والتقرب من أصحاب النفوذ في المجتمع البريطاني.

ينقسم مبنى «أسكوت» إلى 3 أقسام، بعضها مخصص للشخصيات المهمة والأمراء والشيوخ الذين يتابعون السباقات من خلال أماكن كاشفة مخصصة لهم تقدم فيها أشهى المأكولات التي يقوم بتحضيرها أفضل الطهاة في لندن، وتعرف هذه المنطقة بالقسم الملكي، وهي محصنة بقيود أمنية صارمة، ويعتبر الدخول إلى هذه المنطقة من شبه المستحيلات، لأنه يتحتم على الزائر لأول مرة الحصول على عضوية من شخص حضر السباق في هذه المنطقة لمدة 4 أعوام، وتصل الدعوة إلى الحاضرين من قبل مندوب عن الملكة.

وتوجد أماكن قريبة من مضمار السباق مخصصة للأناس العاديين تباع فيها المأكولات في أكشاك صغيرة.

وأمس، ولأول مرة في تاريخ يوم السيدات في «رويال أسكوت»، أعطيت الفرس (أمبر) فرصة التبرج ومنافسة السيدات في أناقتهن، حيث قام المصمم ستيفن جونز بتصميم قبعة من الريش لها بلغت كلفتها 8 آلاف جنيه إسترليني (ما يعادل 12 ألف دولار أميركي). والقبعة مستوحاة من قبعات الممثلة الراحلة أودري هيبورن في دورها في فيلم «ما فير لايدي».

وتجذب مقاطعة باركشير حيث تقام سباقات «أسكوت» أكثر من 300 ألف زائر كل عام، مما يجعل فرصة الإقامة في الفنادق القريبة شبه مستحيلة، وطيلة أسبوع «رويال أسكوت» تلبس لندن حلة الأناقة التي تبدأ من محطة «ووترلو» في وسط لندن التي ينطلق منها معظم زوار السباق، وترى السيدات بلباسهن الأنيق وقبعاتهن يوزعن الابتسامات على الأشخاص الأقل حظا المتوجهين إلى أماكن عملهم، الذين يكتفون بالتقاط الصور لأجمل الصرعات والأزياء.