«علاقة عائلية» بين وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومساعدتها هوما عابدين

إنهما أشبه بشقيقة كبرى وشقيقتها الصغرى

صورة أرشيفية لهوما عابدين مع هيلاري كلينتون خلال زيارة سابقة للاس فيغاس عام 2008
TT

قال الرئيس باراك أوباما أمس إنه كان سيستقيل إذا كان في مكان عضو الكونغرس أنطوني وينر الذي اعترف بأنه أرسل صورا جنسية عن طريق موقع «تويتر» إلى بنات صغيرات في السن. وبالفعل هذا ما حدث، فقد قدم وينر استقالته.

وحاليا يبحث المراقبون في واشنطن عن زوجته هوما محمود عابدين، 35 عاما، التي اختفت عن الأضواء، ووصفت بأنها هادئة وخجولة. لكنها قبل الفضيحة لم تكن كذلك، وكانت واحدة من نجمات واشنطن اللامعات، وظهرت، مع صور كثيرة، في مجلة «فوغ» النسائية للأزياء.

هوما عابدين تجيد اللغات الإنجليزية والأوردو والهندية والعربية. والدها مسلم هندي ووالدتها مسلمة باكستانية، هاجرا إلى الولايات المتحدة في سبعينات القرن الماضي. وكان الأب والأم أستاذين في جامعة ميتشيغان، حيث التقيا أول مرة.

ورسميا وحاليا تعمل هوما عابدين نائبة رئيسة موظفي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وتسمى أيضا «بودي وومان» (المرأة اللصيقة)، إشارة إلى قربها اللصيق برئيستها.

ولدت هوما في كالامازو (ولاية ميتشيغان). وعندما كان عمرها سنتين، انتقلت مع عائلتها إلى السعودية حيث عمل والداها أستاذين جامعيين. توفي والدها عندما كان عمرها 17 عاما، وبقيت والدتها، صالحة محمود عابدين، في جدة. تحمل الوالدة شهادة دكتوراه، وهي الآن محاضرة في علم الاجتماع في كلية دار الحكمة في جدة.

قبل 15 سنة، تركت هوما والدتها في جدة، وجاءت إلى واشنطن والتحقت بجامعة جورج واشنطن لدراسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية. خلال دراستها، قبلت في وظيفة مساعدة متطوعة في البيت الأبيض. وكان فيه في ذلك الوقت الرئيس بيل كلينتون والسيدة الأولى هيلاري كلينتون. تطوعت هوما للعمل في «إيست وينغ» (الجناح الشرقي) في البيت الأبيض، وفيه مكاتب السيدة الأولى. (يوجد المكتب الرئاسي البيضاوي ومساعدو الرئيس في «ويست وينغ» (الجناح الغربي).

بعد الجامعة، انضمت هوما إلى طاقم مساعدي ومساعدات هيلاري كلينتون. في آخر سنواتها في البيت الأبيض، وعندما ترشحت لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، كانت هوما مساعدة لمدير الحملة الانتخابية. ثم مساعدة لهيلاري كلينتون خلال سنواتها في الكونغرس. ولعبت دورا كبيرا خلال الحملة الانتخابية التي قادتها هيلاري كلينتون للفوز بمنصب مرشح الحزب الديمقراطي لرئاسة الجمهورية، لكن جاءت النتيجة من صالح باراك أوباما بترشيح الحزب.

غير أن نجم هوما لمع أكثر بعد أن أصبحت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية في إدارة أوباما الجديدة، وانتقلت معها هوما. وفي السنة الماضية وضعتها مجلة «تايم» في قائمة «أقل من 40 سنة» لشابات وشبان «من الجيل الجديد الواعد في العمل السياسي».

ثم لمع نجمها أكثر عندما تزوجها عضو الكونغرس وينر، وأشرف على الزواج الرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، ورتبا حفلا خاصا لهما في منزلهما، وألقى كلينتون خطبته في حفل الزواج الرسمي في «قلعة أوهيكا» الفاخرة خارج مدينة نيويورك.

ونشرت مجلة «بيبول» (الناس) الاجتماعية الأسبوعية صور حفل الزواج على صفحتها الأولى. واهتمت المجلة وغيرها بأن الزوجة مسلمة والزوج يهودي. ونقلت المجلة قول هيلاري كلينتون في حفل الزواج إن حياة السياسيين في واشنطن تتعرض لمتابعات الفضوليين بصرف النظر عن الأديان والأعراق.

ونشرت مجلة «فوغ» النسائية للأزياء صورا لها ترتدي أرقى الأزياء. ووصفتها بأنها خلال ساعات عملها (مع هيلاري) عندما تظهر في «فستان (برادا) أسود أنيق مع بشرتها الملساء وشعرها الأسود تبدو كأن صاحبته تقدم إعلانات تلفزيونية لأنواع راقية من الشامبو». وأضافت المجلة: «لكن عقلها مع رئيستها».

بعد حفل عشاء على شرف هيلاري في نيويورك، قالت: «كنت متوترة جدا، وسالت دموعي. كانت (مشاهدة هيلاري) مثل مشاهدة الأم لابنها وهو يدخل رياض الأطفال لأول مرة. كانت (هيلاري) رائعة».

وقبل حفل عشاء آخر على شرف هيلاري، كانت هوما قلقة أيضا: «أين اللافتات التي عليها اسم هيلاري؟»، «أين شعارات العشاء؟» وهي تستعمل جهازي تليفون «بلاكبيري». وقالت: «تريد أن يكون كل شيء مثاليا».

وقال أوسكار دي لا رنتا، من عمالقة عارضي الأزياء: «هيلاري وهوما من نوع الناس غير العادي الذين يدمنون العمل».

وكان قد استضاف الاثنتين في منزله الشتوي في جمهورية الدومينيكان في البحر الكاريبي. وقال: «البريد الإلكتروني عندهما لا يتوقف أبدا. وأنا أقول لهيلاري: هذه ليست إجازة». وأضاف: «هيلاري وهوما محظوظتان لأنهما وجدتا بعضها البعض».

وقالت الممثلة ماري ستيفبيرغر، صديقة هيلاري، عن هيلاري وهوما: «لا أعتقد أنهما مثل الأم وابنتها. إنهما أشبه بشقيقة كبرى وشقيقتها الصغرى». وأضافت: «هذه بالتأكيد علاقة عائلية».

وقالت ماندي غرونوولد، مستشارة كلينتون: «لست متأكدة من أن هيلاري يمكنها الخروج من الباب من دون هوما». وأضافت: «إذا كان تكييف الهواء باردا جدا، تسرع هوما وتحمل معطفا. هوما تفكر دائما ثلاث خطوات قبل هيلاري».

وقال بوب بارنيت، محامي كلينتون الشخصي: «هوما تقدر على أن تسير القطارات كلها في مواعيدها». وأضاف: «هناك الكثير من الناس الذين لهم وظائف مع شخصيات عامة رئيسية يميلون إلى خلق المشكلات للآخرين، حماية للذين يعملون معهم. هوما عكس ذلك. هوما تجعل الناس يشعرون بالرضا حتى عندما تقول لهم: لا».

وقال مايك فيلدمان صديق هوما: «الوزيرة وهوما تربطهما علاقة فريدة من نوعها. مشاهدتهما معا تشير إلى هذا التواصل غير اللفظي بينهما». وأضاف: «أحيانا يكون التواصل في أقل من لمحة».

وكتبت عن هذه «العلاقة الخاصة» أيضا صحيفة «نيويورك أوبزيرفر». ووصفت هوما بأنها «سلاح هيلاري السري». وأشارت، في عبارات غامضة، إلى أن هوما «هوت» (مثيرة).

رفضت هوما الحديث إلى الصحيفة المشهورة بنشر الإشاعات. وقالت إنها لم ترض عن بعض ما جاء في الصحيفة. لكن، تحدث إلى الصحيفة جيمس كارفيل، مستشار الرئيس كلينتون وزوجته. وقال: «هل رأيت هوما؟ إنها تجعلك تتوقف عن التنفس».

وكان وينر عقد مؤتمرا صحافيا في الأسبوع الماضي، وصف بأنه «واحد من أغرب المؤتمرات الصحافية»، اعترف فيه بأنه أرسل إلى طالبة جامعية في ولاية أوريغون جزءا من صورته اقتصر على وسطه وملابسه الداخلية، من دون رجليه ومن دون النصف الأعلى من جسمه. وكان وينر نفى ذلك منذ أكثر من أسبوع. وعقد سلسلة مؤتمرات صحافية كرر فيها النفي. وقال إن الصورة التي أرسلها عن طريق موقع «تويتر» ليست صورته، وإن الملابس الداخلية في الصورة ليست ملابسه الداخلية، وإن واحدا من «الهاكرز» (لصوص الكومبيوتر) دخل على موقعه، ووضع الصورة، وأرسلها إلى الطالبة الجامعية.

وتفاقم وضع وينر أكثر خلال تلك المؤتمرات الصحافية لأنه أساء إلى كثير من الصحافيين، وقال إنهم يتعمدون تشويه سمعته.

لكن، في المؤتمر الصحافي أمس، اعتذر وينر للصحافيين. وأيضا، اعتذر لزملائه في الكونغرس، ولمواطني دائرته الانتخابية. وأيضا اعتذر لزوجته التي لم تحضر المؤتمر الصحافي. وعندما سئل عن ذلك قال: «أود أن أؤكد لكم بأني أحبها، وأنها تحبني». غير أنه قال إنه لم يقل الحقيقة لزوجته إلا يوم المؤتمر الصحافي. لكنه أضاف: «إنها تحبني وتفهمني، وأنا أحبها وأفهمها».

كما كشف بأنه اتصل عن طريق «تويتر» بـ6 نساء غير الطالبة الجامعية. ولم يكشف عن طبيعة الاتصالات، لكنه قال إنها كانت «غير مؤدبة». لكنه لم يقل إنه أرسل صورا أكثر إباحية، كما كشف موقع في الإنترنت أول من أمس. وزاد نشر الصور الجديدة من دعوات قادة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي له ليقدم استقالته. حتى بعد أن أعلن أنه سيذهب إلى منتجع علاجي للتخلص مما سماه «إدمان الاستعراضات الخاصة». وقال مراقبون في واشنطن إن التاريخ السياسي في واشنطن يوضح أن دور الزوجة هوما عابدين هام في تحديد مصير زوجها، وذلك لأكثر من سبب؛ أولا: جرت العادة على أن يعتذر السياسيون عن أخطاء ارتكبوها في مؤتمرات صحافية، حيث تقف زوجة السياسي إلى جانبه تأكيدا على أنها تدعمه. بعض الزوجات يتحدثن للصحافيين عن ذلك، وبعضهن يكتفين بالصمت. في سنة 1998، عندما ظهرت فضيحة الرئيس السابق كلينتون مع سكرتيرة البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، وقفت زوجته، وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون، إلى جانبه وأعلنت: «أنا أقف إلى جانب رجلي».

ثانيا: غياب الزوجة، أو عدم إصدارها بيان تأييد يعطي الشعب الأميركي، ناهيك عن قادة الكونغرس، إحساسا بأن الزوجة لا تريد الدفاع عن زوجها. وفي هذه الحالة، يصبح صعبا جدا أن يؤيد الشعب الأميركي الزوج. ويتحول الوضع إلى أسوأ إذا اختفت الزوجة عن الأنظار. وربما هذا ما تفعله زوجة وينر في الوقت الحاضر.

بسبب هجوم قادة الحزب الجمهوري، دعت زعيمة الأقلية الديمقراطية، نانسي بيلوسي، إلى إجراء تحقيق من قبل لجنة الأخلاق في مجلس النواب. وقال رئيس اللجنة الديمقراطية في الكونغرس زميله النائب ستيف إسرائيل إن وينر «أحرج نفسه وأسرته، ومجلس النواب». ثم حسم الرئيس أوباما موقف قادة الحزب الديمقراطي عندما قال: «لو كنت في مكانه لقدمت استقالتي». وفسر ذلك بأنه دعوة واضحة لوينر ليقدم استقالته.