الرياض: معرض «هاي لايتس».. أضواء ساطعة على الفن والأزياء والبصريات

عرض عشرات الأعمال في الفنون البصرية

من أعمال بدور القرعاوي (تصوير: إقبال حسين)
TT

احتضن معهد المهارات والفنون، في العاصمة السعودية الرياض، الذي أسسته الأميرة أضواء بنت يزيد، إبداع شابات في عمر الزهور وأخذ بأيديهن نحو اكتساب وصقل المهارات في تصميم الأزياء والفنون البصرية الحديثة، مما يؤهل طالباته، خريجات الدبلوم العالي، للانخراط مباشرة في سوق العمل.

المعهد شهد مؤخرا معرض «high lights» لخريجات الدفعة الثالثة من طالباته، اللاتي بلغ عددهن 14 طالبة في مجالي تصميم الأزياء، وكذلك الفنون البصرية.

سوزان باتيسون، أستاذة في الفنون البصرية بالمعهد، أشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعهد يدعم توجه الفنان في التعبير عن ذاته بكل الطرق لإظهار المستوى الاحترافي وتنمية الحس الإبداعي في ابتكار أعمال مميزة للطالبة. وتضيف: «نحن نوجههن لاختيار الموضوع الخاص بكل طالبة في بداية كل عام دراسي، ويتطلب الأمر بحثا شاملا في المكتبة والإنترنت، وبعدها تبدأ مرحلة عمل الرسومات المبدئية للأعمال وتصورها بشكل كامل، ثم بدء العمل بها، وكل ذلك يكلف الطالبات نحو 4 - 6 أشهر من العمل المتواصل، وهذا بلا شك أمر غير سهل».

ففي مجال الفنون البصرية، تم عرض ما يقارب 37 عملا فنيا متنوعا، تعبر عن ذات الخريجات الست اللاتي عرضن أعمالهن في قوالب اخترنها كمواضيع تعبر عن كل ركن، فموضوع «الأعذار» كان يمثل انطلاقة لابتسام المطلق «أعمالها تعبر عن الأعذار التي تمنعنا من تحقيق أنفسنا وتحرمنا من أن نكون كما يفترض بنا أن نكون، وقد حاولت أن تظهر للمتذوق سهولة مواجهة المشكلة وإيجاد طريقة لحلها بعيدا عن أي عذر كي يستطيع تحقيق ذاته».

أبرزت ابتسام ذلك في المجسم الحديدي الذي يمثل رجلا يجر خلفه أسلاكا معدنية معقودة تمثل الأعذار التي يتحجج بها الشاب في مقتبل عمره، كقيود المجتمع والمشكلات وغيرهما، مما يجعله يعلق فشله عليها.

طرفة آل سعود، إحدى الخريجات، جعلت «الانطباع الأول» ملهما لها ليكون موضوعا لأعمالها التي تعبر عن الأحاسيس والانفعالات التي يواجهها الفرد في حياته اليومية والتي تثري تركيبة الإنسان. أعمال طرفة اتسمت بالبياض والفراغ الذي تكسوه البقع الملونة في نهايته، والتي يعبر كل لون منها عن رد فعل للانطباع الأول، فالصندوق الزجاجي المعتم كان سببا لاستيقاف الزوار في ركنها، الذي ملأته بالريش الأبيض المتطاير، للدلالة على رقة المشاعر وصفائها، على الرغم من إعتام المشهد كانطباع أولي، تقول طرفة: «أعمالي أرتبط بها وجدانيا خلال العمل بها، أحبها بقدر ما تمثل نقطة الفراغ كبداية لي ثم أشبعها بالألوان الدافئة في نهايتها».

وبعكس ما يوحي الانطباع الأول، فقد يعبر عن الشر أحيانا، فرؤية ريم السبيعي كانت كفيلة بخلق توازن للمشاعر بين الخير والشر داخل النفس البشرية، من خلال لوحاتها التي اعتمدت على فن البورتريه (رسم ونحت الوجوه)، فهو، كما ذكرت، يعبر عنها بشكل صادق وتعتقد أنه من أسرع الوسائل التي تصل بها رسالتها، بحيث ترى أن العينين اللتين ترسمهما هما ما يعبر عن أحاسيسها حول الخير والشر والصراع بينهما. وترى ريدهي مهاتري أن الموسيقى هي الرابط الحيوي الذي يربط الجميع في كل مكان، فاختارتها كموضوع لأعمالها المعروضة كوسيلة تواصل على الرغم من اختلاف اللغات والثقافات، بمجسم تجريدي عملته بواسطة أكواب بلاستيكية على شكل نوتات موسيقية يجاورها مجسم شكلته بواسطة آلات موسيقية منوعة كالكمان والعود والقيثارة.

مراحل الحياة والتقلبات التي يخوضها المرء في حياته في كل عمر، الحزينة منها والسعيدة، نحتتها بدور القرعاوي في 3 مجسمات متوازية للجسد البشري، تنتعل المجسمات أحذية بلون أزرق يمثل البرود، والأحمر الذي يمثل الحرارة، واللون الأرجواني كلون موازن بينهما، علقت فوق تلك المنحوتات ما يقارب 100 مجسم مصغر، تعبر عن المؤثرات التي تجعل الإنسان يعلو ويهبط، ويتغير اللون بحسب الحالة التي تعبر عنه، فضلا عن الصور الفوتوغرافية التي التقطتها لأضواء متحركة تمثل خطوط النيون المتعرجة كإيحاء بأن الحياة لا تخطو على الإيقاع نفسه.

وحول نوعية الأعمال الموجودة في المعرض، ذكرت سوزان باتسيسون: «الزائر للمعرض قد يهيأ له في الوهلة الأولى أننا نشجع أعمال الفن التجريدي وحده، وهذا غير صحيح، فهناك تنوع كبير في الأعمال المعروضة، من لوحات بورتريه ونحت وتصوير فوتوغرافي، بالإضافة إلى الفن الرقمي، وكلها لا تدخل ضمن حيز الفن التجريدي، وفي المعهد عموما نترك الخيار للفنانة في التعبير عن ذاتها أيا ما كان الفن الذي يستهويها العمل فيه».

8 خريجات من قسم تصميم الأزياء في المعهد، روت كل منهن قصتها مع تصاميمها وحاكتها في رداء يعبر عنها، تطمح كل منهن إلى البدء والانطلاقة إلى عالم الأزياء، ويفكرن بالوقت ذاته أن يكون لهن في المستقبل علامة تجارية تحمل أسماءهن على غرار دور الأزياء العالمية في فرنسا وإيطاليا.

المعرض الذي شاركت فيه طالبات قسمي الفنون البصرية وتصميم الأزياء بالمعهد، البالغ عددهن 30 طالبة، منهن 14 خريجة قدمن نحو 160 عملا ما بين أعمال الفنون البصرية، وأعمال تصميم الأزياء، إلى جانب معرض أعمال طالبات السنة الأولى؛ حيث ضم معرضهن 48 قطعة، 26 منها تندرج تحت غطاء الفنون البصرية، بينما ضم 22 عملا لتصميم الأزياء.

تنوع كبير شهده المعرض؛ حيث ضم تصاميم مختلفة وثقافات متعددة تمازجت في أزياء تحاكي العصر في 25 زيا معروضا تم إنجازه خلال السنة الدراسية، فمن استخدام الخامات المنوعة كريش الطاووس وحبات اللؤلؤ والنايلون، إلى أنواع أقمشة النسيج من الموسلين والقطن والحرير والصوف، فيجد زائر المعرض أن بعضهن كان جريئا في المزج مع بعض، كالمصممة منال الفارس، التي استوحت تصميمها من الطبيعة من خلال حياكة فستان من نسيج التريكو المحبوك باللونين الأبيض والأسود؛ حيث دمجتهما مع الريش الأخضر، بعكس نورا الحمد، التي كانت تصاميمها تعبر عن المرأة القوية والذكية، فابتكرت تصاميم جريئة تناسبها، من دمج خامات معينة تعبر عن القوة والأنوثة في آن واحد.

ويعتبر معهد المهارات والفنون ASI امتدادا لمعهد معهد بوكس هيل - ملبورن بأستراليا، الذي يؤهل الطالبات - بعد اكتسابهن الدبلوم العالي - إلى سوق العمل في المجال التعليمي وتنظيم صالات المعارض أو الاتجاه إلى العمل الخاص للبدء في المشاريع في جميع الفنون.

وبالمقابل هناك أزياء اتخذت الأنوثة الطاغية معبرا عنها، فاعتمدت تصميما مبسطا وهادئا، كاستخدام قماش الدانتيل والحرير باللونين الزهري والأصفر، بالإضافة إلى عرض لتصاميم فساتين الأعراس التي تعبر عن البساطة والبعد عن التكلف.