اللوفر يرفض طلبا من إيطاليا لاستعارة «الموناليزا»

«السيدة» مسنة وهشة ولا تتحمل اهتزازات السفر

منذ حصول فرنسا على لوحة دافنشي الأشهر والتحاسد قائم بشأنها بين «اللوفر» والمتاحف الكبرى في العالم، لا سيما في إيطاليا التي تعتبرها من ممتلكاتها الثقافية التي سلبت منها («الشرق الأوسط»)
TT

إذا كانت باريس مستعدة لإعارة برج «إيفل» إلى دولة أخرى فإنها لا يمكن أن تفرط في اللوحة الشهيرة التي تبلغ نصف قرن من العمر. وعليه، فقد أعلنت إدارة متحف «اللوفر» في باريس، أمس، أنها لا يمكن أن تستجيب لطلب استعارة «الموناليزا» الذي تقدمت به جمعية فنية إيطالية، لأن اللوحة «هشة إلى أقصى حد» ومن المستحيل التفكير بنقلها خارج بيتها. وتحمل اللوحة توقيع الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي الذي بدأ في رسمها، بالاستناد إلى نموذج حي، عام 1903 واستغرق العمل فيها 4 سنوات.

وكانت اللجنة الوطنية لتطوير الممتلكات الثقافية في إيطاليا، قد وجهت نداء عبر الإنترنت دعت فيه المتحف الباريسي العريق المالك للوحة، تطلب فيه استعارتها منه بغرض تقديمها في معرض مقرر في إيطاليا بعد سنتين. وعرضت اللجنة وضع عدد من اللوحات، بينها واحدة للرسام نفسه، في عهدة متحف «اللوفر»، على سبيل الضمانة. لكن سيلفانو فنتشينتي، رئيس اللجنة، كشف في لقاءات مع وسائل الإعلام أنهم يريدون درس عناصر اللوحة للتأكد من مطابقتها للهيكل العظمي الذي وجدت أجزاء منه في آخر منزل أقامت فيه موناليزا، المرأة التي صورها الرسام في لوحته الشهيرة التي حملت اسم «الجوكنده». ولقي النداء تأييد حكومة إقليم فلورنسا، المدينة التي عاشت فيها.

ونفى فنسان بوماريد، مدير قسم الرسم في «اللوفر» أن يكون المتحف تلقى طلبا رسميا من إيطاليا. هذا من حيث المبدأ، أما من حيث المضمون فقال إن رفض إعارة اللوحة المرسومة بالأصباغ الزيتية على لوح رقيق من الخشب، يعود إلى هشاشتها البالغة التي قد تعرضها، عند النقل، لأعطاب لا يمكن ترميمها. وقد ترك الزمن آثاره على خشب اللوحة الذي أصابه تقعر واضح من الخلف.

ومنذ حصول فرنسا على لوحة دافنشي الأشهر، والتحاسد قائم بشأنها بين «اللوفر» وبين كبريات المتاحف في العالم، لا سيما في إيطاليا التي تعتبرها من ممتلكاتها الثقافية التي سلبت منها. وبالفعل، تمكن مواطن إيطالي من سرقتها من المتحف الباريسي، عام 1911، وظلت مختفية عن الأنظار لحين القبض عليه بعد ذلك بسنتين، بينما كان يحاول بيعها إلى جامع تحف في فلورنسا. وعدا تلك السرقة، لم تسافر «الموناليزا» كثيرا باستثناء رحلتين إلى الولايات المتحدة الأميركية، عام 1963، وإلى اليابان، عام 1974. كما تعرضت لهجوم من زائر أجنبي لمتحف «اللوفر»، الأمر الذي دعا إدارته إلى حمايتها بزجاج مزود بمعدل للحرارة ووضعها في قاعة خاصة بها، تحت حراسة استثنائية بحيث لا يقترب منها الزوار كثيرا.

وطوال السنوات الخمسين الماضية، تلقت إدارة المتحف طلبات عديدة لاستعارة لوحته الأشهر، وكان الرد بالنفي، هو الجاهز، مهما كانت الجهة صاحبة الطلب. والحجة هي أن «الموناليزا» كبيرة في السن ولا تحتمل الحركة والذبذبات والاهتزازات الخارجية. هذا عدا عن أن كل الذين يزورون المتحف، للمرة الأُولى، من مقيمين أو سياح، يتجهون مسرعين إلى قاعتها ويتوقفون مطولا، في حضرتها.