لعبة الرغبي في أفغانستان.. رياضة ما زالت في مهدها

تمارس في استاد استخدمته حركة طالبان سابقا لتنفيذ القصاص

يركز الطامحون في لعبة الرغبي في أفغانستان على الأساسيات، حيث تظل التدريبات تركز على كيفية الإمساك بالخصم وتمرير الكرة (أ.ب)
TT

في حقل مليء بالأتربة والغبار، ووسط سماع أصوات طائرات الهليكوبتر العسكرية التي تحلق فوق الرؤوس، دخل مجموعة من الأفغان في تحد جديد، حيث قسموا أنفسهم إلى فريقين للعب الرغبي، وركضوا خلف بعضهم بعضا، وحاول مجموعة من الرجال الإمساك بأقدام الفريق الآخر لكي يتمكنوا من إيقافهم. وبينما يبدو عدد قليل جدا من اللاعبين على هيئة لاعبي الرغبي، يعاني آخرون من النحافة الشديدة ويلعب أحدهم وهو حافي القدمين.

كانت هذه هي بداية لعبة الرغبي في أفغانستان، وهي الرياضة التي لا تزال في مهدها في دولة مزقتها الحروب، حيث يمكن أن يتم إلغاء التدريب بسبب هجمات حركة طالبان، ويتم تفتيش اللاعبين بشكل روتيني حتى يتم التأكد من أنهم لا يرتدون سترات للقيام بعمليات انتحارية.

ويحلم المنظمون والرياضيون باليوم الذي يتم فيه الاعتراف بهم دوليا ويلعبون أمام فرق مشهورة مثل فريق «أول بلاكس» النيوزيلندي و«سبرينغبوكس» الجنوب أفريقي، على الرغم من أنهم يقومون بالسفر إلى الكثير من الملاعب قبل ذلك اليوم. وعلى الرغم من العلاقة التاريخية بين بريطانيا وأفغانستان، فإنه لم يتم نقل لعبة الرغبي إلى هذا البلد، على الرغم من التاريخ الطويل لأفغانستان في الرياضات المسموح فيها بالاشتباك بدنيا.

وفي الصباح الباكر يتم تنظيم مصارعة الديوك ومعارك بين الكلاب، في حين يقوم لاعبو «البوزكاشي» بسحب جثث الماعز منزوعة الرأس من على الأرض وهم يركبون الخيول، وهي النسخة الأفغانية من لعبة البولو. أما الأطفال الأفغان فيلعبون كرة القدم ولعبة أخرى تشبه الرغبي.

وقد أثرت الحروب المستمرة على مدار عقود على أجيال الشباب المستعدين لرمي أنفسهم على الخصم. وقال ستيف بروكينغ في تحقيق لوكالة «أسوشييتد برس»، وهو بريطاني مغترب عمل في السفارة ومنظمات لا تهدف للربح هنا ويقوم الآن بالمساعدة في تنظيم فريق الرغبي «إنهم لا يخافون من الاشتباك البدني أثناء اللعبة».

ولم تكن الأمور صعبة بالنسبة لمنتخب الشباب بسبب الحروب التي تعاني منها البلاد. وفي حين خرج نحو 60 رجلا لممارسة رياضة الرغبي بين فريق العاصمة الأفغانية كابل ومدينة جلال آباد بشرق البلاد، قام المنظمون بإلغاء التدريب بسبب الهجمات التي وقعت في مدينة هرات.

ولا تزال هناك مشكلة في العثور على مكان لممارسة اللعبة في العاصمة كابل، حيث يعاني اللاعبون من حدوث التواء في معاصمهم بسبب سقوطهم على أرض الملعب التي لا توجد بها حشائش إلى حد كبير في إحدى الحدائق بكابول. والآن، يقوم الفريق بالتدريب في حقل للهوكي بجوار الاستاد الأولمبي في كابل، وهي الساحة نفسها التي كانت تستخدمها حركة طالبان لقطع يد السارقين وإعدام المذنبين خلال فترة حكمها التي استمرت لمدة خمس سنوات.

وقال محمد شور (29 عاما)، وهو بائع للأحجار الكريمة ويساعد في عملية تدريب اللاعبين «لعبة الرغبي هي لعبة جديدة على المجتمع الأفغاني، لكن يمكن لجيل الشباب الأفغاني أن يلعبها». ومنذ سقوط حركة طالبان عام 2001، تم استئناف الرياضة التي كانت محظورة في أفغانستان، ويمكن سماع أصوات اللاعبين الذين يتدربون على فنون القتال على الملعب الأولمبي. ولم يتم هجر رياضة ما بقدر ما تم ترك لعبة الكريكيت، وهي الرياضة التي كانت يوما ما غير مألوفة في أفغانستان، لكن ليس في المنطقة كلها، حيث تعد باكستان والهند من أقوى الدول في هذه اللعبة.

وقد صنعت أفغانستان سمعة عالمية في لعبة الكريكيت بعد فوزها بالقسم الثالث من الدوري العالمي للكريكيت عام 2009 وتأهلها لنهائيات كأس العالم، كما فازت على الفريق الأميركي العام الماضي.

والآن، يأمل اللاعبون أن يحدث ذلك مع رياضة الرغبي، التي شهدت مؤخرا اهتماما كبيرا في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وقد أقامت دبي أكاديمية متخصصة للاعبي الرغبي، وتستضيف بطولات الآن، في حين تم إنشاء اتحادات للكريكيت في الإمارات العربية المتحدة ولبنان وقطر.

وهناك فريق باكستاني للرغبي منذ فترة طويلة، في حين أصبحت إيران عضوا منتسبا في الاتحاد الدولي للرغبي العام الماضي.

وقال بيرنارد لاباسيت، رئيس الاتحاد الدولي للرغبي «هذه أوقات مثيرة للعبة الرغبي في غرب آسيا، وبالتعاون مع الاتحاد الآسيوي للرغبي نستثمر حاليا ما يزيد على 3 ملايين دولار سنويا في برامج التنمية وتحسين الأداء وتنظيم البطولات في آسيا لضمان وجود فرص للجميع لممارسة هذه الرياضة».

ويوجد بالهند الآن ما يزيد على 17000 لاعب مسجل في جميع أنحاء البلاد، جنبا إلى جنب مع أكثر من 50 ناديا للرجال، وفرق للمدارس.

وتشارك دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية بصفة دائمة في بطولة كأس العالم للرغبي، وستكون اليابان أول دولة آسيوية تستضيف البطولة عندما تنظمها في عام 2019.

وتعاني أفغانستان من البطء في اتخاذ خطوات في هذا الإطار، حيث إنها ستسعى للحصول على عضوية الاتحاد الآسيوي للرغبي، وهو ما قد يؤدي لاحقا إلى حصولها على عضوية الاتحاد الدولي للرغبي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي ستتضمن فيه أولمبياد 2016 مسابقة مصغرة للرغبي لأول مرة منذ أكثر من 80 عاما.

وقال دومينيك رومبليس، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الدولي للرغبي «من المثير أن ترى أفغانستان تشارك في مسابقات الرغبي». وعلى الرغم من ذلك، يركز الطامحون في لعبة الرغبي في أفغانستان على الأساسيات، حيث تظل التدريبات تركز على كيفية الإمساك بالخصم وتمرير الكرة. وأثناء التدريبات يصرخ بروكينغ قائلا «عليك أن تركض وراءه»، ويتوقف اللاعبون عن اللعب إلى أن يقوم المترجم بترجمة ما يقوله بروكينغ إلى اللغة الدرية التي يتحدثها الأفغانيون.

وعلى الرغم من ارتفاع منحنى تعلم اللعبة، فإنه التدريبات ما زالت غريبة في هذه الملاعب السيئة ووسط صراخ اللاعبين. وقال اللاعب محمد إدريس، وهو طبيب أسنان يبلغ من العمر 24 عاما «الآن أصبح فريق الكريكيت فريقا دوليا، وبفضل الله سوف يكون مستقبل هذه الرياضة جيدا».