ميشيل أوباما تتألق في رحلتها للقارة السمراء

قدمت السيدة الأولى الأميركية لمحة نادرة لجوانب أخرى من شخصيتها لا يعرفها الجمهور

ميشيل أوباما وابنتاها ساشا وماليا في حديث مع إيان كيربي من محمية موكولودي البرية (أ.ب)
TT

إذا كانت ميشيل أوباما قد وصلت إلى البيت الأبيض كسيدة أولى على مضض، فإن زيارتها إلى جنوب أفريقيا خلال الأسبوع الماضي كانت خير شاهد حتى الآن على كيفية تلاشي هذا النفور، حيث إنها قد احتضنت وعانقت السلطة التي تتلازم مع الدور الذي تلعبه.

وخلال رحلتها – جزء منها عبارة عن بعثة دبلوماسية رسمية والجزء الآخر عبارة عن رحلة شخصية – قدمت أوباما نسخة من الدبلوماسية الناعمة وظهرت في 20 مناسبة وتوقفت في الكثير من المعالم السياحية الكبرى.

وقد ظهرت أوباما وكأنها أم على المستوى العالمي، حيث عانقت الأطفال الفقراء في بلدة زاندسبروت في ضواحي مدينة جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا. وكمعلمة لطلبة المدارس الثانوية في المجتمعات المحرومة في كيب تاون؛ وكمدافعة عن صحة الأطفال من خلال ممارسة الرياضة مع رئيس الأساقفة السابق ديزموند توتو.

وخلال الأسبوع الذي قضته في جنوب أفريقيا وبوتسوانا – وهي الزيارة الدولية التي قامت بها بمفردها والتي تعد الأكثر طموحا بالنسبة لها – قدمت السيدة الأولى لمحة نادرة لجوانب أخرى من شخصيتها، فهي الأم الصارمة التي أخبرت موظفي التنظيف بالبيت الأبيض أن بنتيها سوف ترتبان سريريهما. وهي أيضا المؤيدة للحركة النسوية في جنوب أفريقيا. وقالت أوباما في خطابها الرئيسي الوحيد خلال هذه الرحلة: «إذا اصطدمت بالمرأة، فقد اصطدمت بصخرة».

وفي مقابلة مع الصحافيين المسافرين معها، وصفت أوباما كونها السيدة الأولى بـ «الضوء الساطع الكبير» وقالت إنها ترى أن دورها الدولي يتمثل في «تمكين قادة المستقبل».

وأضافت: «إذا لم يكونوا مستعدين فسوف يستمر الصراع، ولكننا نعرف أيضا أن الكثير من الشباب في حاجة إلى معرفة أنهم يمكنهم القيام بذلك. إن سماع ذلك في بعض الأحيان من شخص يحظى باحترامهم وإعجابهم يعطيهم دفعة للأمام».

ويحظى نهج أوباما باهتمام كبير هنا، حيث إنها مصدر إعجاب بصفتها «أول سيدة أولى أميركية سوداء» ولأن الرمزية التاريخية لوجود أسرتها الأفريقية الأميركية في البيت الأبيض لم تتراجع – وخاصة في جميع أنحاء هذه القارة التي شهدت احتفالات حماسية كبيرة بعد فوز زوجها في انتخابات الرئاسة الأميركية. وفي عام 2008، تساءلت عناوين الصحف عما إذا كان باراك أوباما، بصفته أول رئيس أميركي من أصول أفريقية، سيكون «البطل الخارق» لأفريقيا.

وبعد رحلة جوية استمرت لمدة 18 ساعة بعيدا عن المعارك السياسية في واشنطن ومتطلبات الحملة الانتخابية – بدأت السيدة الأولى بالفعل في جهودها الدعائية لإعادة انتخاب زوجها – أصبحت أوباما حرة في دفع أجندتها غير المرتبطة بالسياسة الداخلية.

ويبدو أن أوباما تتمتع بشعبية هنا تصل لمستوى شعبيتها في الولايات المتحدة، إن لم تكن أعلى.

وبعد أن أدلت أوباما بتصريحات قصيرة يوم الجمعة الماضي في مأدبة غداء ضمت 23 امرأة شابة في مقهى بإحدى الحدائق المورقة في منطقة غابورون يسمى مقهى الماس الأخضر ببوتسوانا، اقترب الجميع من أوباما من كل حدب وصوب، وحتى النساء اللاتي لم يتمكن من الاقتراب منها بدرجة كافية للمسها قمن بالتقاط الصور معها، وقامت أوباما باحتضان أي سيدة بالقرب منها، ويبدو أن العناق هو الأداة الدبلوماسية لأوباما في الاختيار.

وفي كنيسة ريجينا موندي، التي تعد معلما لمكافحة الفصل العنصري في سويتو حيث تحدثت أوباما إلى 2000 شخص يوم الأربعاء الماضي في أكبر حشد لها أثناء الرحلة، كانت أوباما محاطة بعدد كبير من الأشخاص أيضا.

وقالت زودوا باكاد (35 عاما)، التي جلست مع الحشد الموجود، إن السيدة الأولى قد قامت بإجراء اتصال من نوع خاص، وأضافت: «لديها طاقة كبيرة، طاقة فردية وإنسانية. إنها مصدر إلهام للنساء، كما أنها تهتم بالناس وبنا».

وقامت غراسا ماشيل، زوجة رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا والشخصية المحبوبة في جنوب أفريقيا، بتقديم أوباما قبل خطابها الرئيسي في سويتو على أنها «الابنة التي عادت إلى الوطن» والشخصية التي «تعيد تعريف الأنوثة في القرن الحادي والعشرين».

وأضافت ماشيل: «إنها سيدة عصرية. إنها لا تضحي بمهنتها، كما لا تضحي بأمومتها أو بزواجها».

وقد اهتمت الصحف بتغطية العلاقة الجيدة والألفة بين السيدة الأولى وبين الشعبين الجنوب أفريقي والبوتسواني، حيث قالت إحدى الصحف في جوهانسبورغ إن أوباما كانت تقوم بنطق أسماء الكسوزا والزولو (لغات في جنوب أفريقيا) التي استخدمتها في خطابها بطريقة مثالية. وقال أحد المراسلين: «إنها رائعة» بينما كانت أوباما تسير في بهو مؤسسة نيلسون مانديلا لالتقاط صور تذكارية.

وسمح الرئيس السابق نيلسون مانديلا لعائلتها بزيارة نادرة لمنزله، ووصفت أوباما هذه الزيارة على أنها نوع من التجمع العائلي مع وجود الكثير من أبناء العمومة.

وكانت العائلة هي السمة المميزة لرحلة أوباما التي سافرت مع ابنتيها ماليا (12 عاما) وساشا (10 سنوات)، بالإضافة إلى والدتها ماريان روبنسون وأبناء إخوتها ليزلي روبنسون (15 عاما) وآفري روبنسون (19 عاما). وكانت ابنتا أوباما، اللتان نادرا ما تظهران في المشهد العام في الولايات المتحدة، جزءا من دبلوماسية أوباما هنا.

وبينما كانت أوباما تعمل وهي جالسة على الموائد المستديرة التي نظمتها وزارة الخارجية الأميركية للنساء اللاتي يناقشن التحديات التي توجه القارة السمراء، كانت ساشا تلعب مع ليزلي. وفي إحدى مراكز الرعاية النهارية في بلدة زاندسبروت قدمت أوباما نفسها وبناتها وأمها وقالت للأطفال بصوت مرتفع: «انظروا، لقد أحضرت أمي معي».

ثم قامت بالتواصل مع الأطفال كل على حدة، وأثناء وجودها في مركز الرعاية النهارية، قامت بنتاها بقراءة قصة للدكتور سيوس بعنوان «القط داخل القبعة»، وفي يوم آخر قامتا بمساعدتها في رسم صورة زيتية جدارية.

وفي النهاية قاموا برحلة سفاري عائلية في الأدغال في جنوب أفريقيا، حيث شاهدوا الفيلة والحيوانات البرية وغيرها من الحيوانات.

وفي جولة خاصة في مركز أرشيف مانديلا، نظرت أوباما لساشا وقالت: «أريد أن أتأكد من أنك تشاهدين وتستمعين، فسوف أقوم باختبارك في هذا الشأن».

وقالت كريستينا سكاك، وهي مديرة الاتصالات الخاصة بميشيل أوباما، إن أوباما قد أوضحت أن «إحدى الأمور المهمة لبنتيها في هذا العمل هو انفتاحهما على تجارب من هذا القبيل».

وقد بدا أن أوباما أيضا تريد أن تفتح عالمها على الناس الذين التقت بهم.

وكما تفعل في كثير من الأحيان مع المراهقين، قالت لطلاب المدارس الثانوية المحرومين والذين نقلوا إلى جامعة كيب تاون للقيام بجولة إن جذورها الاجتماعية والسياسية كانت شبيهة بجذورهم، وقالت إنها ترى فيهم نفس الأمل الذي تراه في بنتيها.

وأضافت: «هذا هو ما يؤدي إلى استمرار دوافعي. عندما أراكم فكأنني أراهما وعندما أراهما فكأنما أراكم».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»