مصر: بعثة فرنسية تكتشف مئات الكتل الحجرية الملونة عمرها 2900 عام بمنطقة صان الحجر

حواس: قد تكون معبدا أو مقصورة.. والعديد منها يتميز بنقوش وكتابات غاية في الجمال

TT

لا تكف محافظة الشرقية (90 كم شمال القاهرة) عن البوح بأسرارها التي تنتمي للتاريخ المصري القديم. فقد كشفت بعثة الآثار الفرنسية العاملة في منطقة صان الحجر بالمحافظة عن مئات الكتل الحجرية الملونة والمنقوشة بالحفر الغائر التي أعيد استخدامها لبناء جدران البحيرة المقدسة لمعبد الإلهة «موت» بمعابد صان الحجر.

وقال الدكتور زاهي حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار بمصر، إن هذه الكتل الحجرية يرجع معظمها إلى عصر الملك «أوسركون» الثاني من عصر الأسرة الثانية والعشرين (945 - 712 ق.م). ورجح حواس أنها قد تكون معبدا أو مقصورة تم إعادة استخدامها في العصور المصرية المتأخرة والبطلمية.

ولفت إلى أنه بعد انتهاء عمل البعثة واكتشاف باقي الكتل الحجرية التي يمكن أن تبلغ أكثر من ألفى قطعة سيتم دراستها وإعادة تركيب هذه الكتل للتوصل إلى الشكل الذي كانت عليه وقت إنشائها سواء كانت معبدا أم مقصورة.

وبدوره، قال الدكتور فيليب برسو، رئيس البعثة، إن البحيرة المقدسة التي تعمل البعثة على اكتشافها منذ العام الماضي تبلغ مساحتها 30 مترا وعرضها 12 مترا وعمقها 6 أمتار.

وتابع: «بتنظيف 120 كتلة حجرية حتى الآن ظهرت النقوش على 78 كتلة منها، والعديد من هذه الكتل تتميز نقوشها وكتابتها بالروعة». موضحا أن هناك كتلتين ترجعان للملك «أوسركون» الثالث أو «أوسركون» الرابع، وتذكر تلك النقوش لقب «موت سيدة بحيرة إشرو»، في إشارة إلى «موت» والبحيرة التي كانت موجودة آنذاك في عصر الأسرتين 21 و22.

وقال إن أهمية هذا الكشف أنه يؤكد العثور على البحيرة المقدسة بمنطقة معابد صان الحجر مثلما كانت في معابد الكرنك بالأقصر.

من جانبه، رأى الدكتور محمد عبد المقصود، المشرف العام على مكتب الوزير، أن الكشف يضفى أهمية كبيرة على منطقة صان الحجر وسيعيد صياغة هذه المدينة الأثرية الأكثر شهرة في الوجه البحري بما تضمه من آثار ترجع لعصر الرعامسة نقلت من موقع «بررمسيس» عاصمة «رمسيس الثاني» في قنتير الحالية بصان الحجر، التي توصف بأنها «طيبة» الشمال أو «أقصر الوجه البحري».

وأوضح عبد المقصود أن وزارة الآثار بصدد انتهاء عمل البعثة الفرنسية من فك الأحجار الموجودة حول أسوار البحيرة المقدسة للمعبودة «موت» بصان الحجر حتى يمكن إعادة تركيبها وفقا للنقوش الموجودة عليها ومثلما تم من قبل في إعادة تركيب مقصورة الملك «سنوسرت الأول» في المقصورة الحمراء للملكة «حتشبسوت» والموجودة في منطقة معابد الكرنك بالأقصر.

وقال إنه يجرى تنفيذ مشروع ضخم لتطوير منطقة صان الحجر تتكلف المرحلة الأولى منه 50 مليون جنيه، وتشمل ضبط منسوب المياه تحت السطحية والجوفية ومياه الصرف الزراعي الموجودة بالمنطقة السكنية المجاورة، وإقامة مركز للزوار، وتزويدها بكافة الخدمات السياحية. وتحويل المنطقة إلى مزار أثرى وسياحي عالمي بالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء مخزن متحفي متطور يعد الثاني في محافظة الشرقية.

ووصف الأثري إبراهيم سليمان، مدير عام آثار الشرقية، منطقة «تانيس» أو «صان الحجر» بأنها تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الزقازيق على مسافة 70 كيلو مترا، وأنها أقدم المدن المصرية القديمة وتضم عددا من المعابد؛ منها المعبد الكبير للإله آمون، وكانت عاصمة للأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين.

وسبق أن تم العثور فيها على مقابر ملكية عام 1939 بواسطة عالم المصريات الفرنسي بيير مونتييه الذي كشف عن ما يعرف بكنوز تانيس والمعروضة بالمتحف المصري، وكانت تحتوى على آثار ومجوهرات من الذهب واللازورد والأحجار الكريمة والنصف كريمة وأقنعة جنائزية.

يذكر أن الحفائر في صان الحجر بدأت منذ عام 1860 على يد عالم المصريات الفرنسي أوغست مارييت ثم تبعه العالم الإنجليزي فلندرز بترى عام 1884 الذي اكتشف معبد آمون داخل حرم سور المدينة القديمة.

ومنذ عام 1928 وحتى عام 1958 استكملت البعثة الفرنسية حفائرها برئاسة بيير مونتييه الذي اكتشف معبد «موت» ومعبد «حورس» ثم استكملت البعثة الفرنسية مرة أخرى عملها منذ خمس سنوات برئاسة الدكتور فيليب برسو بمنطقة معبد «موت» وقامت بالوصول للنتائج الحالية.