«ترويض الروح».. الهروب من العالم إلى آفاق الروحانية

معرض مشترك للفنانتين لولوة الحمود وهالة آل خليفة

لولوة الحمود (تصوير حاتم عويضة)
TT

* إضافة إلى التحضير لمعرض «نبط» تقدم لولوة الحمود هذه الأيام معرضا مشتركا بعنوان «ترويض الروح» يقام في لندن، تعاونت فيه مع الفنانة هالة آل خليفة. وعبر المعرض نلمح حوارا فنيا مشتركا يعتمد على أسلوبين مختلفين أحدهما يجنح إلى التجريد واستخدام الأشكال الهندسية والآخر ينقل عبر الفرشاة والألوان صورا لرغبات وأمنيات ومشاعر تسعى إلى التحليق والانطلاق ولكن هناك ما يحد من حركتها.

اللوحات معبرة بشكل وادع عن التوق إلى الافلات من عالم مادي بحت تصبح فيه الرغبات والمشاعر الإنسانية هي الدافع الأول ولكن لولوة الحمود وهالة آل خليفة تقدمان البديل لذلك بفكرة تهذيب النفس عبر الروحانية التي تحلق بالروح في عالم لا نهائي بلا بداية ولا نهاية، مثل عمل «المكعب اللامحدود» للفنانة لولوة والذي يتخذ مكانا بارزا في المعرض.

الفنانة هالة آل خليفة تركز على فكرة الأجنحة في لوحاتها فهي تيمة رئيسية في كل الأعمال ولكن أجنحتها هنا غير مشرعة، دائما منكسة وبعضها يحمل آثارا للدماء، ما الذي يمكن أن يجعل الرغبة في الحرية والانطلاق تنكسر على نفسها وتقنع بالأرض بديلا عن السماوات؟ من عنوان المعرض نرى أن ذلك يرجع إلى فكرة تهذيب النفس وتحجيم رغباتها.

تعلق لولوة الحمود على مدى انطباق العنوان على الأعمال المشتركة: «أعمال هالة عنوانها (أجنحة الرغبة)، والعلاقة بين هذا العنوان والعنوان الرئيسي للمعرض وهو (ترويض الروح) تمثل مفتاحا لفهم الرسالة الرئيسية وهي كيف نتحكم في أجنحة الرغبة؟ وهنا تتمثل العلاقة بين عملي وعملها وكل المجموعة فالروحانية شيء أساسي هنا. فبالنسبة لي أنا أتحدث في أعمالي ليس عن الرغبة ولكن عن التأمل وعن نظرة أعمق للخلق ليس من الخارج ولكني أبحث عن اللغة الخفية التي وضعها الله في كل مخلوقاته سواء كان ذلك في الإنسان أو في الزهرة أو في الأشكال الهندسية وأرى فيها لغة ثانية يمكن للإنسان أن يتعبد بها».

لولوة تعتمد في أعمالها على الأشكال الهندسية وعلى الحروف أيضا، عالمها لا يوجد به أشخاص وإنما هو عالم مجرد، يعتمد على الأساسيات، تعلق: «أنا لا أفضل التمثيل في أعمالي الفنية ولكن ما يعبر عني هو الأسلوب التجريدي فهو يعبر عن أفكاري بشكل أكبر ويمنح العمل أبعادا أوسع. أعبر من خلاله عن العلاقة بين المحدود واللا محدود، والعلاقة بين الخلق والخالق، وهو على حدود العلم والفن، فهو ليس فنا خالصا».

العالم عند لولوة الحمود يتجاوز البشري واليومي إلى معان أعمق ولكن هل تتخطى الفنانة الواقع بهذه الطريقة أم أن له تأثير قد لا يظهر للمشاهد؟ تقول: «يؤثر في بالطبع فأنا إنسانة أعيش الواقع ولكنه عندي يترجم إلى شكل آخر، لا أجعله يتحكم في بل أخزنه وأحوله إلى خبرة تظهر تأثيراته بعد ذلك في أعمالي».

الفنانة هالة آل خليفة ترى أن التعاون الثنائي في المعرض خلق تجربة فنية ممتعة: «الجميل في الأمر هي نتيجة التعاون التلقائي بين أعمالنا واللوحات المشتركة والانسجام الذي ظهر فيها، فقد عملنا على بعض الأعمال معا، فقمت برسم الاسكتشات بالأبيض والأسود ثم أضافت إليها لولوة رسومات الخط العربي».

التجربة أثبتت قدرة الفنانتين على تخطي ذواتهما ومشاهدة تجربة مزدوجة تتحور أمامهما لتخلق إبداعا جديدا، «استمتعت بالتجربة جدا لأن في العادة قد يكون الفنان متعلقا بعمله وحريصا عليه، ولكن في حالتنا هذه كنت أنا ولولوة مستمتعتين بالعمل معا ومترقبتين للنتائج التي ستنتج من التعاون. أرى أن هذا الحوار ما بين الفنانين شيء جميل لأنه يأخذ العمل إلى اتجاهات جديدة وتصبح مشاهدة العمل مرة أخرى تجربة جميل، تضيف إليها روحا جديدة».

تشير هالة إلى أن عنوان المعرض كان بناء على اقتراح من لولوة: «كنا نتحدث عن الروحانية، فعملها ينضوي تحت هذه الراية، بينما يمكن رؤية أعمالي من هذا المنظور، فالعنوان تماشى مع أعمالي، أحسست أنه من المهم أن نصل إلى ترويض ونظام لدواخلنا فالسيطرة والتهذيب للنفس أمر مثالي خاصة في هذا الزمان».