«أصيلة» المغربية تحتفي بالكويت.. وتختارها ضيف شرف موسمها الثقافي الـ«33»

محمد بن عيسى لـ«الشرق الأوسط»: سعينا منذ البداية إلى إذكاء النقاش الهادئ والخصب

الجداريات في أزقة المدينة القديمة بمشاركة 16 فنانا تشكيليا من المغرب واليابان وإسبانيا والكويت
TT

بعد المكسيك والبرتغال والإمارات، ستحل الكويت ضيف شرف على موسم «أصيلة» الثقافي الثالث والثلاثين، الذي ستنطلق فعاليته بعد غد السبت وتتواصل حتى نهاية الشهر المقبل، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس. وتشارك في موسم «أصيلة» أكثر من 40 دولة، وأكثر من 400 سياسي وأديب وشاعر وإعلامي وموسيقي وتشكيلي.

وتأسس موسم أصيلة الثقافي الدولي عام 1978، وجرت العادة، منذ أربع سنوات، على اختيار دولة لتكون ضيف شرف. وفي سياق ذلك، قال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى «أصيلة»، إن حضور الكويت هذا العام كضيف شرف في «أصيلة»، من خلال زخم كبير من المعارض والندوات والعروض الموسيقية، وكذلك من النخب الكويتية المتمثلة في فنانين وكتاب وإعلاميين مرموقين، يشكل قيمة إضافية لهذا الموسم.

وأشار بن عيسى لـ«الشرق الأوسط» إلى أن منتدى «أصيلة» اعتبر دائما رعاية الملك محمد السادس لمواسم «أصيلة» الثقافية، قيمة مضافة، مشيرا إلى أن الرسائل الملكية الموجهة إلى المنتدى والمشاركين فيه، تتضمن، كل مرة، زخما من التوجهات والأفكار، تغني وتثري أعماله.

وتحتضن جامعة المعتمد بن عباد الصيفية بأصيلة، في دورتها السادسة والعشرين سبع ندوات، قال بن عيسى إن مواضيعها «تدور حول القضايا الراهنة والملحة، من منظور التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهنا؛ بدءا بالإسهامات الحضارية للهجرة إلى أثر تكنولوجيات الطاقات المتجددة على التنمية، إلى جانب محور اقتصادي يتناول دور الصناديق السيادية الخليجية في النهوض بالتنمية المستديمة في دول الجنوب، والتي كانت دولة الكويت سباقة إلى إحداثها». وندوات «أصيلة» هذا العام هي: الهجرة بين الهوية الوطنية والهوية الكونية (من 2 إلى 4 يوليو «تموز»)، والكويت نصف قرن من العطاء الثقافي العربي (من 5 إلى 6 يوليو)، وتكنولوجيات الطاقات المتجددة والنووية وأثرها على التنمية في عالم الجنوب (من 8 إلى 9 يوليو)، وانحسار النخب في حركات التحديث العربية (من 11 إلى 12 يوليو)، والإعلام العربي والأفريقي: صورة الواحد في إعلام الآخر (من 14 إلى 15 يوليو)، والصناديق الخليجية والتنمية البشرية المستديمة (من 17 إلى 18 يوليو)، والحركات الأدبية في الكويت خلال نصف قرن (من 19 إلى 20 يوليو). كما سيتم تكريم الكاتب والأديب والسياسي المغربي، عبد الكريم غلاب، إضافة إلى تنظيم لقاء حول فن الخط العربي في الكويت (7 يوليو)، ومنح جائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي (الدورة التاسعة)، وذلك يوم 16 يوليو المقبل، ومنح جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب (الدورة الرابعة)، يوم 21 يوليو.

وفي سياق ذلك، أوضح بن عيسى أن برنامج الموسم الثقافي يشتمل على فعاليات تعنى بتقوية جسور الحوار والتواصل بين أفريقيا والعالم العربي في المجال الإعلامي، انسجاما مع المبادئ المؤسسة لمشروع «أصيلة»، بشأن ردم الهوة التي باعدت بين دول الجنوب.

وذكر بن عيسى أنه «تجاوبا مع الحراك المجتمعي الذي تشهده عدد من الدول العربية، ومحاولة لفهمه بموضوعية، ارتأينا تخصيص ندوة تمهيدية لمؤتمر النخب العربية نتمنى التئامه العام المقبل، خاصة أنه تم الربط خطأ أو صوابا، بين الاحتجاج العربي وغياب النخب وانحسارها بما يشبه تخليها عن الاضطلاع بالأدوار الموكولة إليها في مواكبة وقيادة حركات التحديث والتنوير في عالمنا العربي».

وأشار بن عيسى إلى أنه منذ بداية مسار «أصيلة» «انصب اهتمامنا على تفعيل التعارف والتقارب بين النخب جنوب/جنوب، ذلك أننا في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، ومنطقتنا تشهد عراكا آيديولوجيا بين المعسكرين، كان طريق اللقاء بين النخب في بلدان الجنوب يتم حتما عبر عواصم الشمال. ومن ثمة، نادينا، بدل القطيعة مع الشمال، بتشييد طريق سيار للمعرفة والتعارف في الاتجاهين. لكننا في نفس الوقت، بذلنا وما زلنا نبذل جهدا خاصا لتقوية التعاون جنوب/ جنوب. وجعلنا من مدينة أصيلة فضاء أو ملتقى منتظما للنخب القادمة من الشمال ومن الجنوب».

وأبرز بن عيسى أن مشروع «أصيلة» منذ تأسيسه سعى إلى إذكاء النقاش الهادئ والخصب، والحرص على تنوع الآفاق المعرفية والخلفيات الفكرية للمشاركين في الندوات، وتداخل المواضيع والقطاعات في ما بينها، وذلك في سياق الإخلاص للمبدأ «الذي قاد خطواتنا في موسم (أصيلة)، المتمثل في ربط التنمية بمفهومها الشامل، بالفعل الثقافي، مع إيلاء الأولوية لتنمية الإنسان، بالموازاة مع تطوير البنيات الأخرى، وبالتالي يمكن اعتبار (أصيلة) في هذا المجال بمثابة حديقة تجارب صغيرة ساهمت في تغيير بعض أوجه حياة المجتمع الأصيلي ومحيطه البيئي».

وسيتاح لرواد موسم «أصيلة» زيارة معرض الكتاب الذي يعرض تاريخ الإصدارات الكويتية خلال نصف قرن. كما سيتاح للوافدين على «أصيلة» زيارة معارض فنية وتراثية، والاستمتاع بأمسيات شعرية وبسهرات وحفلات موسيقية كويتية، وهي أنشطة تبرز كلها الحراك النهضوي والحيوية التنموية والسياسية التي تعرفها الكويت. وسيكون للفنون التشكيلية في «أصيلة» برنامج حافل بحيث تم البدء، كما جرت العادة منذ يوم 20 يوليو الماضي، بصباغة الجداريات في أزقة المدينة القديمة بمشاركة 16 فنانا تشكيليا من المغرب واليابان وإسبانيا والكويت، كمل سيتم تنظيم دورة تدريبية في مشغل فن الحفر بقصر الثقافة لطلبة من الكويت والمغرب تحت إشراف الفنان الياباني، أكيمي نوغوشي، والفنان البروفي خوان فلاداريس.

ويشارك في مشغل الحفر هذه السنة 16 فنانا من المغرب واليابان والبيرو والكويت وكولومبيا وإسبانيا وكوبا، كما يشارك في مشغل الصباغة الزيتية، الذي يشرف عليه الفنانان التشكيليان فريد بلكاهية، ويونس الخراز، فنانون من البحرين وسوريا والمغرب والسنغال وبوركينا فاسو وكوبا والكويت، كما ستنظم في إطار فعاليات «أصيلة» ورشة فنون الطرز تشرف عليها الفنانة الفرنسية مارتين دوفيرن. هذا دون نسيان مشغل أطفال موسم «أصيلة» الذي تخرج منه فنانون شباب أصبحوا معروفين في الساحة التشكيلية المغربية، وأيضا مشغل كتابة وإبداع الطفل، الذي تشرف عليه الشاعرة والكاتبة المغربية إكرام عبدي، إلى جانب الناقد المغربي بنعيسى بوحمالة، والروائي المغربي محمد عز الدين التازي.

وسيتم خلال الموسم أيضا تنظيم عرض أزياء مغربي – كويتي، ومعرض للفن التشكيلي الكويتي المعاصر، ومعرض صور منجزات الكويت خلال خمسين عاما، ومعرض للفنانة الإسبانية كارلا كريخيتا روكا (أصيلة طنجة).

وسيعرف الموسم الثقافي كذلك تقديم عروض موسيقية وغنائية يشارك فيها فرقة الفنون الشعبية الكويتية، ومافلدا أرنولث مغنية الفاضة البرتغالية، وفرقة ليالي النغم المغربية بقيادة الفنان عبد السلام الخلوفي، وثلاثي إدريس الملومي (معزوفات على العود)، وفرقة الحضرة الشفشاونية، وعهي فرقة نسوية متخصصة في التراث الصوفي، والفنانة الأوبرالية الكويتية أماني حجي، وفنانة الملحون، ومجموعة أهل «أصيلة» للمديح والسماع المغربية، ليلى المريني، وسيكون ختام الفعاليات الموسيقية في «أصيلة» بسهرة يحييها الفنانان الكويتيان محمد البلوشي وبشار الشطي، رفقة فرقة الكويت الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو أحمد الحمدان.