«زمن مفقود» في رام الله يصور حكايات 10 أسيرات فلسطينيات

معرض فوتوغرافي للإيطالي فنتورا فورميكوني

زائرة تتطلع إلى احدى الصور (وفا)
TT

في قاعة «غاليري المحطة» في رام الله، يسلط معرض «زمن مفقود» الفوتوغرافي الضوء على معاناة عدد من الأسيرات الفلسطينيات المحررات من السجون الإسرائيلية وعائلاتهن. كل «بورتريه» علق على جدران المكان، كان يحمل معه قصة مختلفة لـ10 أسيرات التقاهن المصور الإيطالي فنتورا فورميكوني، والتقط لهن صورا مختلفة، ووثق تجربتهن مع الاعتقال وبعده. اختار فورميكوني أن يعبر عن بطلات المشروع الذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية منذ 3 سنوات، بالصورة، وكل صورة كتب إلى جانبها كافة التفاصيل الشخصية والاجتماعية عن الأسيرة، وبعض الجمل التي اختارت كل أسيرة أن تعبر من خلالها عن حكايتها الخاصة.

بنظرة ثاقبة كانت تنظر إلى الحضور فاطمة الزق، من غزة، وإلى جانبها معلومات عن عمرها وتهمتها وعدد أولادها وأيام التحقيق.

تقول فاطمة في شهادتها عن تجربة الولادة في السجن، «ولدت في 1/7/ 2008 يوم خميس، كانت معاناة شديدة وعذابات من قبل الطبيبة كأني وإياها في ساحة حرب وموجهين سلاحنا لبعض، تركتني 4 ساعات وهي طالعة نازلة تتعدى علي وتقولي خلصي.. ولدت.. كانت ولادة طبيعية، حطوا يوسف على صدري، سمعته يبكي وأنسيت كل العذابات راحت مني.. أخذوه، كلبشوني بالسرير 3 أيام».

أراد المصور الإيطالي أن يقرأ كل شخص شهادة الزق وكأنها تنظر وتتحدث إليه شخصيا، ونجح في ذلك مع 9 أسيرات أخريات. وقال فورميكوني، لـ«الشرق الأوسط»: «أردت إيصال هذه القصص الإنسانية إلى العالم، بناء على طلب الأسيرات أنفسهن»، وأضاف «اخترت أن أقوم بذلك عبر البورتريه، وآمل أني نجحت عبر ذلك في خلق حالة كبيرة من التواصل المباشر مع المتلقي».

بعض الأسيرات التي علقت صورهن، حضرن بأنفسهن إلى المعرض، كانت سناء عامر، (23 عاما)، تقرأ ما قالته للمصور الإيطالي، أنا «انسجنت في عمر كثير حساس 16 لـ23.. أنا صار لي تقريبا سنة طالعة. بتكوني محتارة ما بين أنه بدك تكملي بعد سبع سنين وإلا بدي أشيل السبع سنين وابلش من عمر 16»، غير أنها الآن وجدت طريقها نحو المستقبل، وقالت: «اليوم أنا أدرس التسويق، لقد تعلمت من السجن أن أمضي للأمام وها أنا أمضي غير نادمة أبدا».

بعضهن الآخر لم يحضر، وترك للصورة أن تتكلم، مثل سونا الراعي، التي قضت في السجن 12 عاما. تقول في شهادتها: «في سجن الجنائيات، أنا كنت لحالي السجينة السياسية الوحيدة، المخابرات تستغلهن كونهم حشاشات وقاتلات لإيذائنا نفسيا وأنا في السجن طلقني زوجي ومنع ابني عني، الجنائيات يعرفن كل شيء عن حياة الواحد فبقوا يضايقونني في ابني».

وأضافت «التحقيق كان تعذيبا نفسيا، يسمعونني أصوات ناس تتعذب وأصوات ناس مبسوطة وتضحك ويعطون للبعض مالبورو، أنا مدخنة وما أعطوني دخانا».

كانت سونا تختصر تجربة قاسية داخل وخارج السجن، مع مجتمعها أيضا.

وقالت علياء اليسير، مديرة مكتب الأمم المتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية، «ما يحدث خارج السجن مهم أيضا، هناك واقع صعب حتى داخل العائلة نفسها». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» «للأسف، فإنك تجد الأسيرة منبوذة أحيانا من مجتمعها. طيب هذه كانت تقوم بواجب وطني كما يقول المجتمع، إذن لماذا لا نرى رد فعل تجاه الأسيرات توازي رد الفعل تجاه الأسير الرجل» وأردفت «الأسير الرجل يخرج بطلا، أما الأسيرة فتواجه مشكلة في الاندماج عادة، ولذلك أردنا أن نوصل رسالة للمجتمع المحلي بالإضافة إلى الغربي». وتأمل اليسير في تغيير الصورة النمطية المأخوذة عن الأسيرات عبر مثل هذه المعارض. وقالت «نجحنا كثيرا في إسبانيا، ونأمل أن ننجح هنا في بلد الأسيرات أنفسهن».

وكان برنامج الأمم المتحدة للمرأة في الأراضي الفلسطينية، نفذ في يناير (كانون الثاني) الحالي عرضا مشابها في إسبانيا، التي تدعم حكومتها هذا المشروع.

وشاهد الجمهور الإسباني نفس الصور وقرأ بعض شهادات الأسيرات مترجمة للإسبانية.

ويظهر فيديو يعرض في إحدى زوايا «غاليري المحطة» ردود فعل الجمهور الإسباني الذي بدا متأثرا بما شاهد.

وقالت إحدى الزائرات الإسبان «أطالب بدعم الفلسطينيين إلى أقصى حد»، وقال زائر آخر: «هذه معارض تريك حقا إلى أي حد وصل الظلم». ووصفت أخرى ما يجري في السجون الإسرائيلية بأنه «احتجاز للحياة.. حياة النساء والأطفال».

ويقدم برنامج الأمم المتحدة، الذي أشرف على هذا العمل، مساعدات قانونية ونفسيه للأسيرات وعائلاتهن، كما قالت اليسير. وأضافت «هذا جزء من حقوقهن، ولسنا هنا فقط لعرض معاناتهن».

ولا يكتفي المعرض بعرض هذه التجارب وحسب، بل يقدم الشهادات نفسها بصوت الأسيرات، في كل زاوية من زواياه المختلفة، كخلفية، يستمع لها الزائرون الكثر في المكان. كما يقدم تعريفا للسياق الجغرافي لقضية الأسرى وتفاصيل أخرى عن عدد المعتقلين منذ 1967 تقول إنهم وصلوا إلى 700 ألف أسير فلسطيني، بالإضافة إلى تفاصيل عن طرق الاعتقال والاستجواب والاحتجاز والبعد الاجتماعي للسجين.

وقال منذر جوابرة، أحد الفنانين المسؤولين في «غاليري المحطة»، «كما ترى التركيز كان على قضايا إنسانية» وأضاف «أعتقد أننا نجحنا في ذلك، إن الصور تعبر عن الواقع وهذا ما أردناه».

وتعتقل إسرائيل الآن نحو 6000 فلسطيني في سجونها، بينهم 820 أسيرا صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عدة، منهم 5 أسيرات هن: أحلام التميمي، قاهرة السعدي، دعاء الجيوسي، آمنة منى، سناء شحادة. أما العدد الإجمالي للأسيرات فوصل إلى 37 أسيرة، بينما تعتقل إسرائيل 245 طفلا، يشكلون ما نسبته 4.1 في المائة من إجمالي العدد، بالإضافة إلى 15 نائبا، وعدد من القيادات السياسية.