فضائيات شعبية تكتسح حفلات الزواج ببث مباشر في السعودية

البعض يراها وجاهة.. وآخرون يرونها بذخا

الفضائيات تدخل مجال حفلات الزواج في السعودية
TT

البث المباشر على شاشات المحطات الفضائية لم يعد مقتصرا على تلك المتخصصة في نقل الأخبار، أو المؤتمرات، أو الأحداث بكل أشكالها خصوصا الساخنة منها، ففي السعودية كُسرت القاعدة، بعد أن لجأت محطات شعبية مهتمة بالشعر الشعبي في توجهها، إلى بث حفلات الزواج في بعض المناطق السعودية على الهواء مباشرة على شاشاتها.

حضور القنوات الشعبية والشعرية الفضائية لبعض المناسبات في السعودية، أصبح وفق نظر البعض ضرورة اجتماعية شكلية لدى أغلبية المجتمع السعودي، لتطال مبالغها سقف الـ70 ألف ريال، أي بما يقارب 19 ألف دولار، وهو ما يصنفه البعض كنوع من البذخ والمبالغة وحب الظهور.

«الشرق الأوسط» كان لها حضور في إحدى حفلات «الزواج»، التي وجهت دعوة لإحدى القنوات الشعبية المهتمة بعرض حفلات الزواج كاملة، وبمبلغ مالي معين يتم الاتفاق عليه مسبقا. وعند سؤال «الشرق الأوسط» ليوسف العائض، والد العريس، عن سبب دعوته لتلك القناة، ومدى تأثيرها على ميزانية الحفل ومصروفاته، قال «تختلف المبالغ من قناة لأخرى، ومن طلب لآخر. تكلفة البث المباشر لحفل الزواج قد تتجاوز الـ60 ألف ريال، بينما تقل التكلفة في حال تسجيل الحفل فقط، إلى جانب أن الشعراء المشاركين والتابعين للقناة يؤثرون في الأسعار المطروحة ويرفعون قيمة الدفع، بالإضافة إلى الإضاءة وعدد الكاميرات المصاحبة للقناة وتجهيزات الصوت».

وحول ما إذا كانت تلك الظاهرة تعد من وجهة نظره ضرورة ملحة أم لا، فإنه يرى أنها ليست بضرورة ملحة، لكنها أصبحت تشكل مظهرا يضفي على حفل الزفاف شيئا من التفرد والتميز، وذلك حسب قدرة واستطاعة مقيمي الحفل، فارتفاع التكلفة المضافة إلى عبء المهر والتحضيرات الجانبية، بالإضافة إلى سعر القاعة المخصصة للاحتفال، قد يثقل على العريس وأسرته كثيرا، لكن حب الظهور بشكل مختلف يدفع الكثير إلى التحمل ودفع المبلغ المطلوب.

وفي الإطار ذاته استوقفت «الشرق الأوسط» أحد المدعوين، وهو راشد العوفي، لتستطلع رأيه في ما يراه حول الأمر، فلم يجد العوفي أي جدوى من تلك المظاهر المنطوية على خسائر مادية، قد تساعد الزوج في حال توفيرها على تأمين مستقبله وسداد ما عليه من ديون لحقت به عند استعداده لإقامة حفل الزفاف، كما أن متطلبات السكن من إيجار وتأثيث وخلافه أحق كما يرى بما سيدفع لتلك المحطات، لا سيما أن بعض تلك القنوات تبث مقاطع لا تتعدى الدقائق العشر للحفل، بعد أن توهم الطرف الآخر الذي يكون قد أبرم عقدا معها ببث الحفل كاملا.. وهذه المواقف تتم مصادفتها كثيرا، من خلال روايات وأحداث وقعت لبعض الأشخاص، وهو الأمر الذي يعود بأثر سلبي على الوضع النفسي والاقتصادي لداعي تلك القناة.

مروى السعيدي، شابة سعودية لا تزال طالبة بإحدى الجامعات، تقول إن تلك القنوات ووجودها في حفل الزفاف، لا يُضيف شيئا للعروس، التي تسعى هي بدورها إلى توفير جو من التميز، يختلف تماما عن التخطيط المسبق للزوج ليلة حفل الزفاف.

وطبقا لما جاء على لسان مروى «لا أرى لتلك القنوات أي أهمية، فالتصوير بالكاميرا الشخصية يغني كثيرا عن تلك القنوات، ودعوة الشعراء المميزين تفي بالغرض عن اللجوء إلى القنوات الشعبية المكلفة، والتي تدّعي أنها توفر للطرف الآخر أمهر وأبرع الشعراء، وفي حقيقة الأمر، وفي أحلك الظروف، يتم الاعتذار من أصحاب الحفل في اليوم نفسه، وبعد قبض العربون، ليضعوهم أمام الأمر الواقع».

ومن وجهة نظر أخرى مؤيدة، لفتت سمية العمري إلى أن المنطقة الجنوبية تهتم اهتماما بالغا بحضور تلك القنوات وإقامة الأمسيات الشعبية الطربية الشعرية، والتي تسمى بـ«اللعب أو العرضة على الطريقة الشعبية الجنوبية»، وهذا يعتبر عادة قبلية تراثية ليست بجديدة على المجتمع السعودي الجنوبي، إنما جاء دور تلك القنوات كإضافة فقط، من دون المساس بأصالة تلك العادات والموروث الشعبي، فلا تعتبر عادة الحفلات الشعبية في ليلة حفل الزواج ظاهرة جديدة.

وأشارت العمري إلى أن التحضير لحفلات الزواج تلك والرابط بينها وبين العرضات والأشعار المصاحبة، يتم منذ وقت مبكر، قد يسبق يوم حفل الزفاف بأشهر. وخلال استطلاع رأي طرحته «الشرق الأوسط»، عد الاختصاصي الاجتماعي محمود بن جلال ظاهرة حضور القنوات الشعبية في حفلات الزواج تشكل بأنها أعباء اقتصادية إضافية على أسرة ومقيمي الحفل، خاصة أن المبالغ التي تطلبها تلك المحطات مرتفعة جدا، قد تفوق في بعض الحالات مبلغ المهر بـ20 في المائة.

وأضاف بن جلال «كثيرة هي الالتزامات المادية التي تطال الزوج بعد تلك الليلة الصاخبة، الزوج أو العريس يجد أن قائمة من الديون والسداد في انتظاره من المحتمل أن يقضي باقي عمره في سدادها، والقنوات الشعبية جاءت لتضيف حملا جديدا لا يعبر إلا عن البذخ والتبذير والمظاهر الخادعة».