ممثلة أفغانية تفر إلى المنفى خوفا من متشددين

مينا أماني امتنعت عن الظهور علنية

TT

عندما أدت مينا أماني دورا مسرحيا صغيرا، في المدرسة، لم تكن لديها فكرة أن مثل هذا الدور الصغير سيفتح أمامها فرصا ويتسبب في عدد هائل من التهديدات لحياتها.

وكان من بين المشاهدين في هذا اليوم قبل خمس سنوات مضت في عاصمة إقليم هيرات غرب أفغانستان مجموعة من صناع السينما الإقليميين وممثلون يستميتون في البحث عن ممثلات في إقليم هيرات المحافظ، حيث يعتبر كثيرون أن تمثيل المرأة مخالف للشريعة الإسلامية، بينما لا يسمح معظم الآباء لبناتهن بالذهاب إلى المدرسة.

وسرعان ما دخلت التلميذة وكانت آنذاك تبلغ 17 ربيعا إلى صناعة كانت محظورة في حكم طالبان وبدأت في الظهور في أفلام وعروض تلفزيونية وإعلانات تجارية كما عملت مذيعة في برنامج «نجم أفغانستان»، وهي النسخة الأفغانية من برنامج «أميركان أيدول». وأصبحت أماني نفسها نجمة ومعشوقة للجماهير في أنحاء البلاد. بيد أن شهرتها وعروضها العامة وتحديها للتقاليد الأفغانية القديمة في أن تتخفى المرأة بعيدا عن أعين الناس، أثارت حنق المحافظين في بلدتها، والذين اعتبروها عارا على مجتمعهم. ودفع غضبهم أماني وزوجها أن يضعا مصيرهما في أيدي مهربين لمساعدتهم في الفرار من أفغانستان.

وقالت أماني: «بدأت أتلقى مكالمات من أشخاص طلبوا مني الاعتزال لأنه ليس من ثقافتنا أن تظهر فتاة في التلفزيون، وقالوا إذا لم أفعل فسوف أتحمل العواقب». وأضافت أنها في أول الأمر لم تعر أي اهتمام للتهديدات، معتقدة أنها «تحذيرات فارغة». وأردفت قائلة إنها في أحد أيام هذا العام، تتبعها رجلان كانا يغطيان وجههما ويركبان دراجتين بخاريتين. وقالت: «من حسن الحظ كنت قريبة من البيت وباب منزلي كان مفتوحا.. هرعت للداخل، وإلا كان يمكن أن أتلقى طعنات أو يلقى على وجهي مادة كاوية».

ومنذ ذلك الحين، اختبأت وتوقفت عن الظهور علنية إلا وهي تغطي كامل جسدها بالبرقع. وانتقلت الممثلة الشابة (22 عاما) إلى منزل جديد، وألغت كل عروضها المقررة كما رفضت توقيع عقود جديدة.

لكن اختفاءها عن أعين الناس لم يفلح في إيقاف حالة الغضب ضدها. فعلى سبيل المثال، قال إمام مسجد في خطبة الجمعة يوم 24 يونيو (حزيران) الماضي إن الممثلة جلبت العار لهيرات وطالب مئات المصلين باتخاذ موقف حيالها، وفقا لما ذكرته أماني ورجل كان حاضرا في المسجد. كما تلقى زوجها، والذي طلب عدم ذكر اسمه، تهديدات تتعلق بحياته.

ويقول الزوج (26 عاما) في أحد مطاعم مدينة هيرات حيث وافق الزوجان على إجراء حوار، إنه «قبل الزواج، كانت الحياة طبيعية بالنسبة لي.. لكن الآن، كل يوم يأتي الناس ويسألونني عن سبب تركي لزوجتي تمثل ولماذا لا أعمل بنفسي وأطعمها».

وليست أماني هي الممثلة الوحيدة التي تتلقى تهديدات بالقتل، حيث تلقت المغنيتان فريدة ترانا وسيتارة حسين زادا، من هيرات شاركا في برنامج «أفغان ستار»، تهديدات بالقتل. وتركت المرأتان هيرات ويعيشان بعيدا عن الأضواء بكابل. وترغب أماني في أن تجري مخاطرة، وتقوم برحلة مخالفة للقانون عبر إيران وتركيا ومنها إلى أوروبا للفرار من بلادها.

وقالت أماني، التي غادرت بعد يوم من المقابلة: «ما لم أغادر البلاد فسيتم استهدافي بلا شك». يذكر أن رحلات مماثلة أودت بحياة عشرات آخرين من الأفغان. وأضافت «أقسم بالله، أنا مستعدة للموت في الطريق، لكن لن أبقى هنا».