أمير موناكو ساحر يخرج «أرانب» غير شرعية من قبعته

أخبار عن شارلين «الرهينة» التي أرادت الفرار بسبب طفل جديد من صلبه أثناء علاقته بها

الأمير ألبير والأميرة شارلين (أ.ب)
TT

قال ميشال روجيه، وزير الدولة في موناكو، الذي يعتبر بمثابة رئيس الحكومة، إن تكاليف زواج الأمير ألبير الثاني بلغت 20 مليون يورو تحملتها، مناصفة، خزينة الدولة مع القصر الأميري. وأضاف الوزير في بيان له، أمس، أن معهد الإحصاء والدراسات في الإمارة ما زال يحصي العائدات الاقتصادية التي جنتها موناكو من توافد السياح عليها ومن بيع تذكارات الزواج وحقوق التصوير والنقل التلفزيوني. وسيصدر تقرير بها في الخريف المقبل.

هل يمكن، بعد كل تلك النفقات وبعد مراسم علنية لزواجين مدني وديني، وبعد الحفلات الفخمة التي دعي إليها العشرات من الملوك والرؤساء، أن تركب أميرة موناكو الجديدة، شارلين، رأسها، وتعود إلى موطنها في جنوب أفريقيا، بسبب خلاف طارئ بينها وبين زوجها الأمير؟ كان من المتوقع أن تنطوي تلك الشائعة منذ أن قالت العروس «نعم» مرتين، بصوت واثق ومسموع، لا سيما أن العروسين سافرا، معا، فيما يشبه رحلة شهر العسل، إلى جنوب أفريقيا لحضور اجتماعات اللجنة الأولمبية العالمية التي يعد أمير موناكو من أعضائها. لكن الصحافة البريطانية تسلمت خيط الخبر الذي كانت قد أطلقته صحيفة «الإكسبرس» الباريسية وأصرت على صحته، ثم عادت وسائل إعلام باريسية إلى الحديث عن الموضوع الذي لم يعد سرا، بل ظهر، هذا الأسبوع، على غلاف مجلة «في إس دي» التي نشرت صورة شارلين، العروس ذات الخمار الأبيض الشفاف الذي كشف نظراتها الشاردة طيلة مراسم العرس، وكتبت تحتها عنوانا صادما كبيرا يقول: «سجينة موناكو».

مرة أخرى، أكدت المجلة أنها استقت معلوماتها من مصادر مطلعة في الجيش والشرطة، ومن شخص مسؤول في القصر الأميري، ومفادها أن العروس أرادت إلغاء كل شيء والعودة إلى وطنها لأنها اكتشفت أسرارا لم تكن تعرفها في ماضي خطيبها، بعد أن تقدمت سيدة جديدة بطلب لمطابقة الحمض النووي لطفلها البالغ عامه الثالث، زاعمة أن الأب هو أمير موناكو. بل أشارت صحيفة فرنسية إلى أن هناك أكثر من طلب، أمام الأمير، يتعلق بوجود أطفال من خارج الزواج الرسمي. ما الذي يضمن للخطيبة أن ألبير لن يعود إلى مغامراته بعد الزواج؟ لذلك، ذكرت الصحيفة أن شارلين شوهدت في بار أحد الفنادق الكبرى في مونت كارلو، ومن هناك توجهت إلى مطار مدينة نيس، جنوب فرنسا، أقرب المطارات العالمية إلى الإمارة، وحاولت أن تجد لنفسها مكانا على أقرب طائرة مسافرة إلى جنوب أفريقيا، ولم تكن هناك رحلة مباشرة ذات توقيت قريب، الأمر الذي جعلها تدور في حلقة مفرغة ولا تعرف كيف تتصرف، كما سمح للقصر بالتدخل لدى سلطات الحدود في فرنسا، ومراقبة محطات القطار والمطارات بحثا عن الخطيبة الشقراء الشاردة.

وبالفعل، تم تأخير إقلاع طائرة كان من المفترض أن تأخذها العروس التي لم يكن قد بقي على زواجها سوى أيام معدودة. وكان بعد ذلك ما كان، حيث سارعت شخصيات من عائلة معروفة قريبة من العائلة الحاكمة في موناكو، وتم ثني شارلين وتستوك عن قرارها بالسفر وإعادتها «إلى رشدها».

وفي حال ثبت أن للأمير طفلا غير شرعي، فإنه سيكون الثالث في سلسلة علاقاته العابرة التي لم يراع فيها التزامات منصبه. لذلك فإن شارلين لم تحاول الهرب تخلصا من الضغوط وخوفا من عجزها عن القيام بالواجبات البروتوكولية المنتظرة، بل لأنها شعرت بأنها «رهينة» في الإمارة، لا دور لها سوى إنجاب ولي شرعي للعهد، بعد أن تجاوز الأمير سن الخمسين، من دون رغبة في الزواج، خصوصا أن دستور الإمارة لا يجيز اعتلاء العرش للأبناء المولودين خارج فراش الزوجية؛ ماذا سيكون مصيرها بعد تأمين الطفل المنتظر؟ وهل سيبقى زوجها مخلصا لها ووفيا لواجباته كزوج وأب؟

في حديث سابق أدلى به ألبير قبل سنوات، اعترف بأنه يواجه باستمرار قضايا من هذا النوع تتقدم بها نساء يحاولن الإيقاع به وابتزازه، زاعمات أنهن كن على علاقة به وكان من نتيجتها ولادة طفل أو طفلة، لهذا كان محاموه يتكفلون بتفنيد تلك المزاعم واتخاذ الإجراءات اللازمة. ولم يحاول ألبير أن ينكر طفلا أو طفلين، لكنه أكد أنه كان، في كل مرة، ضحية لمؤامرة مدبرة ذات أهداف مادية. ولم يكن الإنكار ممكنا منذ أن نشرت مجلة «باريس ماتش» الباريسية، في صيف 2005، مقابلة مع مضيفة جوية أفريقية من توغو، تدعى نيكول كوست، كشفت فيها أنها وضعت طفلا من ألبير دو موناكو.

وعززت المجلة المقابلة بصور يبدو فيها الأمير وهو يحمل الطفل الخلاسي بين يديه، الذي كان، آنذاك، قد تجاوز الثالثة من العمر. وروت المضيفة أنها تعرفت على والد طفلها أثناء رحلة جوية عادية وطلب رقم هاتفها، حيث تكررت مقابلاتهما التي أثمرت طفلا. وأضافت أن ألبير لم يقطع علاقته بها أثناء فترة حملها، بل كانا يلتقيان كلما سمحت الفرص، وقد وعدها بألا يتنصل من مسؤوليته عن الجنين، وسيسجله باسمه في السجل المدني. ولما ولد الطفل، سمته والدته ألكساندر. وقالت إن الأمير طلب من محاميه وصديقه المقرب تييري لاكوست أن يحرر وثيقة الاعتراف بنسب الطفل وتسجيلها لدى الكاتب بالعدل، لكنه رفض إعطاء الأم نسخة منها.

ثم مرض أمير موناكو السابق رينيه، والد ألبير، وانشغل هذا الأخير بمرض أبيه، وكذلك بعلاقات علنية مع حسناوات شهيرات، أبرزهن عارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر، التي رشحتها الصحافة لأن تكون أميرة موناكو الجديدة. ثم غابت كلوديا لتظهر في الصورة بطلة للسباحة من جنوب أفريقيا، هي شارلين، التي بدا الأمير الشاب مغرما بها.

وهنا، شعرت المضيفة السابقة بالخطر على مصير ولدها وبدأت تبحث عن وسيلة تجبره على الوفاء بالتزاماته المالية تجاهه، وكانت الوسيلة هي بيع سرها وصورها الخاصة للمجلة الواسعة الانتشار، وقد أثارت الصور هزة أرضية في الإمارة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها على ثمانية آلاف، وحاولت مصادر القصر تكذيب مزاعم صاحبة المقابلة، خصوصا أن الأمير كان يمر، وقتها، بفترة الحداد على والده الذي رحل تاركا له حكم موناكو. ويبدو أن رحيل الأب حرر الابن من الحرج، فقام بخطوة مثيرة؛ حيث أصدر بيانا يعترف فيه بوجود ابن غير شرعي له، ويقرر أنه يمنحه اسمه ويكفل به، دون أن يكون للطفل الحق في ولاية العهد.

وفيما بعد، اشترى الأمير منزلا جميلا واسعا، في جنوب فرنسا، ليكون مسكنا لألكسندر ووالدته، وخصص لهما مرتبا شهريا. وبالمقابل، كانت الوالدة على قدر من النزاهة، فخرجت تماما من حياة ألبير واعترفت، في مقابلة لاحقة، بأنها وقعت ضحية لاستغلال صحافيين تاجروا بحكايتها بشكل أساء لأمير موناكو، وهي لا تبحث عن إرث منه لأن ليس هناك طفل يتمنى موت أبيه.

أما مجلة «باري ماتش»، التي كانت قد دفعت غرامة مالية باهظة، بقرار قضائي، لإدانتها بنشر معلومات تتطرق للحياة الخاصة لشخصية معروفة، فقد سارعت تدافع عن نفسها وعن معلوماتها، باعتبار أن من حق الصحافة تناول قضايا تمس الحياة الخاصة للشخصيات العامة، طالما أنها تتعلق بميلاد طفل يمكن أن يكون الوريث الوحيد للأمير.

لم يكن ألكسندر هو الوحيد ولا «باري ماتش» هي الوحيدة. فبعد فترة بسيطة لاحق أمير موناكو مجلة «فواسي» الباريسية لأنها نشرت تقريرا حول وجود ابنة غير شرعية لأمير موناكو، ولدت من علاقة قديمة له مع نادلة أميركية تعرف عليها عندما كانت تمضي إجازة على شواطئ جنوب فرنسا. وجاء في التقرير أن اسم الطفلة هو ياسمين غريس غريمالدي، وقد رأت النور في الرابع من مارس (آذار) 1992، وجاء في شهادة الميلاد أن الأم هي تمارا روتولو والأب هو ألبير ألكسندر لويس بيير غريمالدي، المولود في موناكو عام 1958. والحقيقة أن القصة لم تكن جديدة لأن الأم كانت تخوض معارك قضائية في لوس أنجليس وباريس، منذ سنوات، لدفع الأمير إلى الاعتراف بأبوته لطفلتها، وقد فتح اعترافه بطفله الأفريقي الباب أمام اعترافه بطفلته الأميركية التي كانت والدتها من الذكاء بحيث إنها سمتها على اسم جدتها المفترضة، الأميرة الراحلة غريس كيلي.

ويبدو أن التاريخ السري لأمير موناكو يعيد نفسه، أو أن الأمير عنيد ولا يتعلم من أخطائه؛ فقد سارع محاميه إلى تكذيب ما ورد في المجلة، وتقدم بدعوى ضدها أمام القضاء، ثم اضطر، في صيف 2006، إلى الإقرار بأن موكله توصل إلى اتفاق مع صديقة سابقة هي تمارا روتولو، يقضي باعترافه بأبوته للطفلة ياسمين غريس وتحمل مسؤولياته المادية تجاهها، وأن يترك لها حرية الخيار بين الإقامة في الولايات المتحدة أو في موناكو. وفي السنة نفسها، جاءت البنت ووالدتها لقضاء عطلة عيد الميلاد في جنوب فرنسا، وكانت الزيارة فرصة لكي تلتقي ياسمين غريس مع والدها الأمير. وقيل إنها أخبرته برغبتها في أن تصبح ممثلة، مثل جدتها التي كانت نجمة سينمائية في هوليوود والبطلة المفضلة للمخرج هيتشكوك، قبل أن تتزوج أمير موناكو.

وخلال ذلك المسلسل المثير من الفضائح والأسرار، كان على شارلين أن تقبل وتتفهم وتغفر وتسامح. وهي قد رضيت بما فات لأنه تم قبل لقاء الأمير بها، وواجهت الأمر الواقع الذي يشير إلى وجود ولد لألبير، في السادسة من عمره حاليا، وابنة في التاسعة عشرة من العمر. أما بعد لقائها به ونشوء قصة حب بينهما، فقد توقعت أن يكون الأمير لها وحدها، خصوصا أنهما سيتعهدان بالإخلاص الزوجي، في مراسم العرس الكنسية. فهل سيخرج أرنب جديد من قبعة أمير موناكو، وهل يكون قد فعلها وخانها مع امرأة غيرها، أثناء فترة استعدادهما للخطوبة؟ لقد تطوع عدد من أصدقاء الأمير لتفنيد الشائعة، ومنهم النجم التلفزيوني ستيفان بيرن، الضيف الحاضر في كل الحفلات الملكية حول العالم، الذي قام بالتعليق على النقل الحي لمراسم العرس في التلفزيون الفرنسي. فقد أكد بيرن أنه اتصل هاتفيا بالقصر الأميري، وقد أكدوا له أن محاولة هروب شارلين لم تحدث، وما الشائعة سوى «محاولة بشعة لتشويه سمعة العائلة الحاكمة في موناكو»، بل إن القصر، أصدر بيانا نفى فيه ما نشرته الصحف، ذلك أن المهمة الأبرز لكل المتحدثين الرسميين، على مر العصور، هي النفي والتكذيب. والوحيد الذي تعلم الدرس هو محامي الأمير الذي تراجع عن تهديده برفع دعوى ضد مجلة «الإكسبرس» التي كان موقعها الإلكتروني أول من نشر الخبر. فهل تراجع لأن الخبر لا يقبل التشكيك وقد يضطر، فيما بعد، للإقرار به؟

بينما تغلي موناكو، ومثلها باريس، بالأخبار المتواترة، كان العروسان يتمتعان برحلتهما إلى فراديس جنوب أفريقيا، لاهيين عن شوارد الدنيا، تاركين للصحافيين أن يختصموا بشأنهما. وبعد القبلة الخاطفة والباردة التي تبادلاها في نهاية عرسهما، تناقلت الوكالات صور قبلة ثانية، أخطف من سابقتها، جرت أمام أهالي ديربان، في جنوب أفريقيا، حيث أقام الأمير حفل استقبال فخم في بلد عروسه، دعي إليه 500 ضيف، وجرت وقائعه في قصر يطل على المحيط الهندي. إن شارلين تلعب الآن على أرضها وبين جمهورها، وبعد أن سالت دموع الشجن من عينيها، بغزارة، وهي تضع باقة عرسها بين يدي السيدة العذراء في كنيسة «سانت دبفوت» في مونت كارلو، حان الوقت للضحك والنسيان، طالما أن أي طفل سابق وغير شرعي لن يكون مؤهلا، قانونا، لولاية عهد الأمير، الموقع المحجوز للطفل الذي تأمل أن ترزق به، سواء أكان ذكرا أو أنثى.