مهرجان الفنون الشعبية في مراكش اختتم دورته الـ46.. وسط تساؤلات حول مساره

وهجه يخبو.. على الرغم من تصنيف «اليونيسكو» له ضمن التراث العالمي اللامادي للإنسانية

جانب من العروض التي احتضنها فضاء «قصر البديع» الأثري بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

تحول «المهرجان الوطني للفنون الشعبية»، بمراكش، في السنوات الأخيرة، إلى مناسبة لطرح تساؤلات حول حاضر ومستقبل الفنون الشعبية في المغرب، خاصة في ظل دعوة ملحة لإصدار قوانين تحمي الطرق الشفهية والفنون اللامادية من التشويه.

شكلت الدورة 46 للمهرجان، فرصة لعدد من المهتمين للمطالبة بضرورة وضع تقييم موضوعي يرصد إيجابيات وسلبيات الطريقة التي يتم بها تنظيم هذه التظاهرة من جهة، والحسم في طريقة التعامل مع مضمونها الفني من جهة ثانية، وإن كان تنظيم المهرجان بمراكش يهدف أساسا إلى خدمة الرواج السياحي.

ورغم أن «المهرجان الوطني للفنون الشعبية» من أقدم الأحداث الفنية في المغرب، والتظاهرة الوحيدة، التي تسلط الضوء على التراث الشعبي، النابع من مختلف مناطق وجهات المغرب، فضلا عن أنه يشكل مناسبة لتثمين الموروث الفني المغربي، فإنه لم يستطع، في رأي كثيرين، تحقيق الإشعاع المطلوب، في الوقت الذي استطاعت فيه مهرجانات أخرى أكثر حداثة منه أن تضمن لنفسها صيتا ومكانا متميزين على مستوى المتابعة والحضور الجماهيري والترويج الإعلامي، من قبيل «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي تحتضنه مدينة الصويرة منذ 1998، فقط.

وكان «المهرجان الوطني للفنون الشعبية» بمراكش قد انطلق، في دورته الأولى، عام 1960، وفي دورته الأربعين صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) ضمن التراث العالمي اللامادي للإنسانية. وكان يسمى، في سنواته الأولى، «مهرجان الفولكلور»، ومن أهدافه تكريم التنوع الموسيقي الذي يزخر به المغرب، وسرعان ما تغير اسمه ليصبح «المهرجان الوطني للفنون الشعبية».

ويرى عدد من المتتبعين أن المهرجان قد تحول، على مر السنين، إلى موعد يدافع عن الثقافة المغربية التقليدية، قبل أن يتعرض للتهميش لصالح الاتجاهات الفنية الجديدة، غير أنه يبقى واجهة لاستعادة الموروث اللامادي للبلد، وتقديم العروض الفنية الوطنية، الهادفة إلى توفير مساحة للتعبير عن جميع الفرق التي تعمل في حقل الفنون الشعبية، وأيضا من أجل الحفاظ على هذه الكنوز الفنية الثمينة. وشدد المنظمون، في تقديمهم للدورة الـ46، على أن «جوهر المهرجان هو الحفاظ على هويته، التي ظلت مصدر شهرته»، فيما يتمثل التحدي الأكبر في «احترام منحى المهرجان الفني والوصول إلى جمهور جديد من الشباب، الذين لا يجدون أنفسهم في ما كان المهرجان يقترحه من ثقافة وتراث من قبل»، حيث «كان المهرجان يستهدف الجمهور التقليدي والكبار، فحسب، لينفتح، اليوم، على جميع الفئات بفضل التصور الجديد، مع مرافق جديدة وفضاءات جديدة، لجماهير أكبر وأكثر تنوعا».

واحترم المنظمون، على مستوى البرمجة، الوفاء لـ«قصر البديع» الأثري، كفضاء لاحتضان أقوى لحظات المهرجان، وخاصة ما ارتبط منها بعروض الفرق الشعبية الشهيرة، من قبيل أحيدوس والكدرة والهيت وأولاد سيدي حماد وموسى وتازاويت وأحواش تيسنت وعيساوة والمنكوشي والركبة وتيسكيوين وهوارة وكناوة وعبيدات الرمى وأحواش والدقة المراكشية، فيما شكل إعداد «قرية المهرجان» في غابة الشباب القريبة من «حدائق أكدال» فرصة لتأكيد رغبة التنويع في العروض الفنية والانفتاح على مختلف الأجيال، انطلاقا من كونها ستشكل فضاء للتفاعل الفني والتشارك الثقافي، باحتوائها على خشبات للعروض، مع برمجة ورشات تربوية ومعارض وندوات لضمان تواصل جيد وتفاعل فني وثقافي في مستوى تطلعات الجمهور الذي كان بإمكانه التواصل المباشر مع فنانيه على امتداد 5 أيام.

وعلاوة على الاستعراض الفني الذي تميز بمشاركة مختلف الفرق الشعبية، والذي انطلق من حي جيليز، وصولا إلى ساحة جامع الفنا، مرورا بشارع محمد الخامس، والعروض الشعبية التي احتضنها فضاء «قصر البديع»، برمج المنظمون عروضا لفنانين وفرق شعبية، مثل الرايسة تاشنويت وعبد الرحيم الصنهاجي وأولاد البوعزاوي وجيل جيلالة وروسيلوا فيدجي وتامبورس لبرندي وغجر لرجستان (الهند) وسعيد موسكر والداودية وحميد القصري وعبد العزيز الستاتي.