الكائنات البحرية النازحة مشكلة عويصة في الولايات المتحدة

حل المشكلة إدخالها في قوائم الطعام

تناول الكائنات النازحة في وجبات الطعام هو جزء من عملية السيطرة على انتشارها («نيويورك تايمز»)
TT

بخطوطها الحمراء الداكنة والسوداء والزعانف المرقطة والأشواك السوداء السامة، تصلح سمكة التنين لأن تشارك في أفلام الرعب. لكن ربما نجد سمك التنين المخلي وفطيرة سمك التنين على مائدة الأميركيين قريبا.

وتعد سمكة التنين من الأسماك النازحة التي توطنت في مناطق غير مناطقها الأصلية وتعيش في الشعاب المرجانية على طول ساحل فلوريدا وبحر الكاريبي. ويبحث عدد كبير من علماء البيئة في الولايات المتحدة ومنظمات حماية المستهلك والعلماء حلا جديدا للسيطرة على هذا النوع المفترس من الكائنات البحرية والحد من عدد الأسماك في المحيط. إنهم يريدون من الأميركيين أن يتجهوا إلى تناول كميات كبيرة من الكائنات البحرية النازحة.

ويقول فيليب كارمر، مدير برنامج الكاريبي للحفاظ على الطبيعة «إن البشر هم النوع الأكثر استغلالا وشراسة على وجه الأرض. وبدلا من تناول بعض الأطباق مثل حساء زعانف القرش، لما لا يتناولون الكائنات النازحة التي تتسبب في أضرار كنوع من الإسهامات الإيجابية؟».

لقد باتت الكائنات النازحة البحرية مشكلة تثير الكثير من الضيق في الولايات المتحدة، نظرا لتزايد أعداد سمك الشبوط الآسيوي الذي يزخر به نهر الميسيسيبي والسلطعون الأخضر الأوروبي الذي يملأ السواحل. في ظل وجود بعض الكائنات النازحة في أميركا الشمالية، ازدهرت هذه الكائنات سريعة التكاثر في المياه الأميركية وأخذت تتغذى على كائنات هذه المنطقة البحرية وتنافسهم على الغذاء والمساكن.

ويقول الخبراء إنه رغم عدم النظر إلى هذه الأنواع البحرية النازحة عادة باعتبارها طعاما، يعود ذلك للترويج لهذا الأمر. تخيل قوائم طعام يحل فيها الشبوط الآسيوي محل البياض التشيلي المهدد بالانقراض أو يحل سمك التنين محل سمك القادوس الذي يتعرض للصيد الجائر.

وتقول وينونا هاوتر، المديرة التنفيذية لمؤسسة «فود أند واتر واتش» التي أوصى دليل الأسماك الذي أصدرته بتناول السمك النازح كبديل آمن للأنواع المتناقصة: «نعتقد أن وجود مثل هذا السوق ممكن». وكان الهدف من إصدار هذا الدليل هو تشجيع الصيادين والأسواق على توفير مثل هذه الأنواع. وأضافت «ما الذي تحتاجه هذه الكائنات حاليا هو أن يكون لها سجل أفضل وأكثر جاذبية والمزيد من الطهاة الذين يعرفون كيفية استغلال مثل تلك الأنواع». ووضعت وينونا قائمة بأسماء مشاهير الطهاة للترويج لتناول تلك الأنواع.

ويؤكد العلماء على أن تناول البشر لتلك الأنواع من الأسماك ليس إلا جزءا من إجراءات ضرورية للسيطرة على الكائنات البحرية النازحة وإعادة انتشار أنواع السمك الوطنية إلى بيئتها الطبيعية. ويجب أن تتضمن الخطة الشاملة الوافية إعادة الأعداء الطبيعيين لتلك الكائنات وإقامة حواجز لمنع انتشار المزيد من الكائنات النازحة.

وأوضح كارمر قائلا: «لن يكون بمقدورنا تناول كل كميات الأسماك النازحة لحل المشكلة، لكن يمكن لهذه الطريقة أن تكون خطوة مفيدة في إطار الاستراتيجية». وتعمل الهيئة الأميركية للأسماك والحياة البحرية على تحديد متى وأين تكون هذه الطريقة مفيدة. وتشير النماذج إلى أن الصيد التجاري للشبوط الكاريبي في الميسيسيبي سيساعد في الحد من تكاثره هناك «في إطار برنامج متكامل لمكافحة الحيوانات غير المرغوب فيها» على حد قول فاليري فيلوز، المتحدثة باسم المؤسسة، وعمليا لم يتضح بعد ما إذا كان الضغط الذي يمثله الصيد التجاري يمكن أن يكون بالقدر الذي يحدث تأثيرا ملموسا. وأنفق سلاح المهندسين في الجيش الأميركي ملايين الدولارات لإقامة حواجز إلكترونية لمنع الشبوط الآسيوي من الانتقال من نهر إلينوي إلى البحيرات العظمى.

هناك خطر من احتمال أن يزيد ذلك إقبال الأميركيين على تلك الأنواع، فالترويج لتناول الكائنات البحرية النازحة يمكن أن يزداد ويدفع الناس إلى «تربية أو إطلاق سراح السمك» في أماكن لا توجد فيها بالأساس مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة على حد قول فاليري.

دخل سمك البلطي أميركا اللاتينية في البداية لمكافحة الأعشاب البحرية والحشرات، لكن ساعد التسويق التجاري للعملية في انتشار ذلك النوع من الأسماك لحد أكبر من اللازم.

يشعر كارمر بالقلق من أن يزيد الترويج لسمك التنين عدد المصايد على الشعاب المرجانية، التي ربما يقع بها أنواع أخرى تعيش في الشعاب المرجانية.

لا تذكر كتب الطهي الكثير عن كيفية عمل سمك الشبوط الآسيوي المخلي الذي له هيكل عظمي غير عادي. حتى إذا بدأت تستسيغ مذاق حساء السلطعون الأخضر الأوروبي، لن تجد مكانا لشراء المكونات الرئيسية لهذا الطبق رغم كثرته في البحار.

لزيادة الطلب على تناول تلك الأنواع من الكائنات البحرية، وحدت مؤسسة «فود أند واتر واتش» جهودها مع مؤسسة «جيمس بيرد» وكيري هيفرنان، الطاهي في مطعم «ساوث غيت» في مدينة نيويورك، لابتكار وصفات تدخل فيها هذه الكائنات البحرية. ومؤخرا في اختبار تذوق كان هناك طبق للشبوط الآسيوي وطبق سمك التنين المخلي المغموس في صوص الزبد البني.

وقد اتضح أن سمك التنين مذاقه رائع رغم قبح شكله. على المؤسسة الاستعانة بصيادين لصيد كائنات ينظر لها كآفات. وقال هيفرنان إنه يفكر في إدراجها على قائمة الطعام ويتطلع إلى الحصول على بعض السلطعون الأخضر الأوروبي لاستخدامه في وصفات السلطعون ذي القشرة الخارجية الناعمة.

الصيف الماضي كان برنامج الكاريبي للحفاظ على الطبيعة هو الراعي لمهرجان سمك التنين في جزر البهاما الذي تم خلاله تقديم فطائر سمك التنين إضافة إلى أطباق أخرى. لقد كانوا يشترون سمك القادوس من الصيادين مقابل 11 دولارا للرطل وكانوا يحصلون على كميات وفيرة منه. وانتقل سمك التنين من موطنه الأصلي في المحيط الهندي وجنوب المحيط الهادي إلى بحر الكاريبي في بداية التسعينات وينتشر بسرعة كبيرة، وهو من الأسماك الشرهة التي تأكل حتى صغار السمك.

وسمك التنين مثل القادوس يمكنه أن يتسبب في الإصابة بتسمم الأسماك المدارية الذي من أعراضه القيء واضطرابات في الجهاز العصبي، لذا لا ينبغي أن يتم الحصول عليه من المياه حيث يوجد الميكروب الذي يفرز السم. ويجب إزالة الأشواك السامة لهذا النوع من الأسماك قبل بيعها، رغم أنها لا تمثل عائقا يمنع تسويقها والترويج لها.

ويقول ميتشل ديفيس، نائب رئيس مؤسسة «بيرد فاونديشين» إن الأنواع الأخرى من الأسماك أصبحت مرغوبا فيها في أطباق الأميركيين مثل الهندباء البرية في طبق السلطة، بعد أن ظلت منبوذة لفترة من الزمن.

* خدمة «نيويورك تايمز»