«آرت كافيه».. مركز لتعلم الفنون التشكيلية بمزيج من التسلية والمتعة

يجمع الهواة والمحترفين ويجذب الأجانب والعرب

الهواة يمارسون هوايتهم في «آرت كافيه» («الشرق الأوسط»)
TT

وسط ضاحية المعادي في القاهرة يقع مركز فني تعليمي يحمل اسم «آرت كافيه»، المكان لا يعد «كافيه» أو مقهى لتناول المأكولات والمشروبات، ولكنه مكان يقدم لمرتاديه كل ما يتعلق بالفنون التشكيلية المختلفة لدراستها، بالإضافة إلى تنظيم المعارض، في حالة فنية تجمع بين الهواة والمحترفين لتقدم مزيج فني متميز، في واحدة من التجارب الفنية المتميزة غير المألوفة في مصر، حيث يندر وجود مثل هذه الأماكن التي يمكن للهواة أن يدرسوا فيها الفنون ويشبعوا حبهم لها.

هدى كمال، صاحبة ومديرة «آرت كافية»، تقول: «أحب الفنون بجميع أنواعها، وبعد أن أنجبت ابنتي الكبرى كنت أشارك معها في الرسم وعمل المنتجات الفنية البسيطة، ثم توسع الأمر قليلا وأصبح يشمل أصدقاءها، ففكرت في جمع الأطفال يومين في الأسبوع في منزلي للقيام بالأنشطة الفنية، ثم توسع الأمر أكثر ليشمل أمهات الأطفال أيضا، وفي مجالات أخرى مثل الخياطة والنحت والأشغال الفنية».

وتكمل: «استمر الوضع على هذا الحال لـ5 سنوات، وجدت بعدها أن الأمر أصبح يتطلب وجود مكان لممارسة هذه النشاطات بشكل أكبر، فجاءتني فكرة تأسيس مكان متخصص لتعليم الفنون والأعمال الفنية بجميع أنواعها على يد متخصصين، وشجعني على ذلك فكرة صعوبة وجود مكان متخصص للراغبين في تعلم الرسم أو الفنون التشكيلية بشكل عام مقارنة بالأماكن التي تعلم الموسيقى والغناء، فأنا عانيت من ذلك في مرحلة من المراحل، خصوصا بالنسبة لبعض الفنون مثل النحت».

تم افتتاح «آرت كافيه» منذ 7 سنوات، وعند بداية الافتتاح تخصص في 4 أو 5 مجالات فنية فقط، ثم بدأ التوسع تدريجيا، وما زال التوسع مستمرا، ففي كل عام يتم إضافة مجال جديد لتعليمه لزوار المكان، بالإضافة إلى نشاط «الغاليري» الذي يقدم خدمة المعارض سواء للدارسين في «آرت كافيه» أو أي شخص من الخارج يريد عرض لوحاته.

عن أهم الأنشطة تقول كمال: «نقدم حاليا أنشطة تتنوع ما بين الرسم والنحت والتصوير وصناعة الشموع وتزيينها والموزاييك وصناعة الحلي والإكسسوارات، بالإضافة إلى الخياطة والرسم على السيراميك وتزيين الكعكات، كما نقدم كورسا يجمع بين كل هذه الأشياء بشكل مبسط ثم يقرر بعدها الشخص ماذا يريد أن يدرس، بالإضافة إلى أنشطة الأطفال مثل الرسم والنحت والأعمال الفنية على اختلاف أنواعها، إلى جانب وجود أنشطة للأم والطفل معا، وكل ذلك يتم عن طريق متخصصين».

تتابع: «بالنسبة للإقبال على المكان فهو جيد جدا بالنسبة لي، فأنا أعلم منذ البداية أن مكانا مثل هذا لن يرتاده إلا المهتمون بالمجالات الفنية أو من لديهم هوايات معينة يسعون إلى تنميتها. وهناك أيضا إقبال من الأجانب والعرب بصورة كبيرة، وبشكل عام أنا أسعى إلى تشجيع الناس على أن يمارسوا هواية في أي سن، لأن هذا له مردود إيجابي كبير على حياتهم وعلى حالتهم النفسية، وحتى على صحتهم، فهناك كثيرون يشعرون أن الوقت قد فات لتعلم أي شيء جديد، وهذا ما نحاول تصحيحه هنا باعتباره فكرا خاطئا تماما».

وتستطرد: «كما أشارك في بعض المشاريع الخيرية فأسعى إلى تعليم الأطفال في بعض الجمعيات الخيرية بعض الأعمال الفنية التي قد يحبون ممارستها والتي قد تعود عليهم بعائد إذا أتقنوها وأنتجوا أشياء يمكن بيعها بعد ذلك، كما أقوم أحيانا بتوفير التدريب للمدرسين ليقوموا بتعليم هؤلاء الأطفال، كما نشارك في الأنشطة الفنية التي يقوم بها مسجد مجاور لنا في المنطقة وهو دور يجب علينا القيام به ونسعى إلى أن نتوسع فيه مستقبلا».

وعن تصميم «آرت كافيه»، تقول صاحبته: «اتجهت إلى البساطة الشديدة ليشعر الموجودون في المكان بالراحة والحميمية، خصوصا أنهم يقضون ساعات طويلة في الرسم أو في ممارسة هواياتهم، كما نوفر لهم بعض الأشياء البسيطة التي قد يحتاجونها مثل القهوة والمشروبات والعصائر، ونسمح لهم بطلب الطعام إذا احتاجوا ذلك، وإن كان البعض يفهم من اسم المكان أنه كافيه أو مقهى في الأساس لتناول المأكولات والمشروبات فإن هذا غير صحيح بالمرة». ويبين خالد زيتون، وهو فنان تشكيلي وأحد مدرسي الرسم في «آرت كافيه»، أن مثل هذه الأماكن بدأت تنتشر في مصر، ولكن بشكل لا يزال غير كاف، وهي تستقطب كل الأعمار للمشاركة في الأنشطة الفنية على اختلافها، وبالطبع هذا له الكثير من المميزات فهي ترفع من الوعي الثقافي عند الناس وتستثمر أوقات فراغهم وتعمل على تنمية المواهب إذا تم التدريس فيها بطريقة علمية سليمة، فتكون أولى خطوات الإبداع بالنسبة للدارسين، خصوصا الصغار، أما بالنسبة للكبار فهي تخرجهم من الضغوط العصبية المحيطة بهم، كما أن الانخراط في مثل هذه الأنشطة يعتبر طقسا علاجيا بجعل الناس يندمجون في المجتمع ويكوّنون صداقات ويتفاعلون مع آخرين لهم نفس الاهتمامات، كما أن هناك أشخاصا ينظرون إلى الأمر من جانب استثماري بتعلم أحد الجوانب الفنية والاعتماد عليها كمهنة بعد ذلك.

وأضاف زيتون: «هذه الأماكن مثل (آرت كافيه) يمكن أن تقوم بدور كبير في حياة الأشخاص بل يمكن أن تغيرها تماما، فربما يأتي البعض للتسلية ليس أكثر، ويتقن نوعا من الفن ويصبح هو حياته بعد ذلك، وبالتالي يكون فيه استثمار للوقت وعدم هدر للطاقة في أشياء غير مفيدة، كما أن من أهم أدوار هذه المراكز التعليمية أنها ترتقي بالذوق العام في المجتمع، لذا أتمنى انتشارها في كل المحافظات المصرية». أما شادية فاضل، وهي إحدى ممارسات هواية الرسم في «آرت كافية»، فتقول إنها بدأت في الرسم منذ 4 سنوات، وقد اختارت تعلمه تحديدا لأنه علاج للنفس من كل ما يحيط بالإنسان من تلوث، فهو يعطيه طاقة إيجابية تعينه على التحمل وتنعكس على حالته النفسية والصحية على السواء. وعن المكان تقول: «هذا المكان من أجمل الأماكن التي أمضى فيها وقتا رائعا، ففيه راحة، والجو العام بين الناس به الكثير من الحب والتعاون والمشاركة والعلاقات الطيبة».