«سبت السبوتة».. لعبة تاريخية تنافس «البلايستيشن» في نفوس شباب القصيم

تتم على الأرض ويفضلها محبوها أن تكون في مواقع أثرية

سبت السبوتة يمارسها بعض من شباب منطقة القصيم («الشرق الأوسط»)
TT

المناطق والمدن السعودية، كل منها تملك خصوصية لا تمتلكها غيرها، هذا الأمر يسهم كثيرا في تفرد كل منها بأساليب وطرق المحافظة على تلك الخصوصية، التي في الغالب ما تكون نابعة عن الإرث الخاص بالمملكة بشكل عام.

الحديث هنا عن إحدى أهم مناطق السعودية، فالقصيم التي تحتل جزءا لا يستهان به من وسط البلاد (نجد) تعد ضمن أكثر المناطق إرثا تاريخيا، لتلاقي كثير من الثقافات فيها منذ قديم الأزل، خصوصا أن أهالي المنطقة يعتبرون في ذات الوقت من أهم فئات السعوديين حرصا على الموروث والتاريخ السعودي البحت.

فمثلا، «سبت السبوتة».. لعبة تناقلتها الأجيال جيلا بعد الآخر، فقد عرفها الأجداد في تلك المنطقة وكبار السن، لكنها أخذت في اقتحام الجيل الحالي، أو كما يراهم بعض كبار السن، جيل «البلايستيشن» والألعاب الإلكترونية الحديثة.

تتكون تلك اللعبة من فريق يصل عدده إلى 10 أشخاص، اثنان من ذلك الفريق يتفقان على كلمة سر، لا يعرفها سواهما، ويقوم بقية أعضاء الفريق بمحاولة معرفتها، فإن تمكنوا يتم إيقاف الشخصين اللذين وضعا كلمة السر تلك، أو إخضاعهم لعقاب يتم الاتفاق عليه من قبل الأعضاء المتبقين.

تلك اللعبة تتم على الأرض، ويفضلها محبوها أن تكون في مواقع أثرية، ربما لتعود بهم إلى التاريخ الذي تم استقاؤها منه، لتكون ضمن ألعاب تاريخية عدة، تناقلتها الأجيال الحالية، كـ«عظيم ساري»، و«طاش ما طاش»، و«اللحقة»، و«عنبر»، و«المكشوف»، و«الطجمة»، وغيرها الكثير من الألعاب التاريخية السعودية.

والعامل الذي يأخذ بنشاط تلك الألعاب وعودتها من جديد، البرامج السياحية التي تكتنزها منطقة القصيم، ذات الإرث السعودي الخاص، فعلى بعد مئات الكيلومترات من شمال العاصمة السعودية الرياض يشهد عدد من المحافظات والمدن التابعة لها حركة سياحية جاذبة، خصوصا في مواقع التراث العمراني.

فمؤخرا شهدت سوق المجلس في محافظة المذنب التابعة لمنطقة القصيم تفاعلا كبيرا، حيث فتحت أبوابها للزوار ضمن فعاليات مهرجان القصيم، الذي انطلق في محافظات أخرى مثل عنيزة وبريدة.

السوق أيضا شهدت نشاطات متعددة منها الألعاب الشعبية، ومناسبات متعددة فتحت معها المحلات التجارية المتراصة في ساحة سوق المذنب لعرض أنواع مختلفة من القطع القديمة.

المهندس فهد البليهي، المشرف العام على مهرجان صيف المذنب، رأى أن تأهيل سوق المجلس بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار جعل هناك عنصر جذب هاما في فعاليات الصيف، سوق المجلس التي احتضنت فعاليات التراث الشعبي.

واعتبر البليهي تلك الفعاليات جاذبة لكبار السن في موسم الصيف والإجازة السنوية، فأصبح الموقع مصدر سعادة لكبار السن من خلال تفاعلهم بالمشاركة في بعض الفعاليات التفاعلية مع الجمهور.

وشهدت محافظة عنيزة، وتحديدا في سوق المسوكف، فعاليات متعددة ضمن مهرجان صيف في عنيزة، حيث كانت السوق موقعا هاما لفعاليات الصيف لعدد من الفعاليات، من بينها فعالية الأسر المنتجة.

وأخذ يوسف الوهيب أمين لجنة تنمية السياحة في محافظة عنيزة يتحدث عن سوق المسوكف، التي تعتبر أحد أهم المواقع في فعاليات صيف عنيزة لهذا العام، والتي شهدت إقامة الكثير من الفعاليات والأنشطة لتفعيل مثل هذه المواقع وترسيخها لدى الزوار.

وفي محافظة بريدة فعلت لجنة مهرجانات بها مشاركة قصر الدبيخي التراثي ضمن فعاليات الصيف لهذا العام، بعد إكمال تجهيز موقع قصر الدبيخي الذي يعمل كمتحف متنوع في مدينة بريدة ويعرض الكثير من القطع التاريخية والأثرية.

وعد عبد الله المهوس الرئيس التنفيذي لمهرجان صيف بريدة أن وجود مواقع تاريخية ومتاحف في فعاليات الصيف بلا شك إضافة إلى الفعاليات، خصوصا أن روادها كثيرون، لا سيما من كبار السن، الذين يجدون فيها متعة وحرصا على الحضور.

وأكد المهوس على تفعيل الموقع عبر إضافة بعض الأنشطة والبرامج كمسابقات وألعاب شعبية قديمة. ويرى مهتمون بالجوانب التراثية أن إدخال تلك المواقع ضمن فعاليات الصيف يعد حراكا جيدا لدخول هذه المواقع استعدادا لتشغيلها طوال العام. ويعتبر زائر المنطقة أن السياحة تثري المجتمعات، عبر تشغيل مواقع كانت خارج الخدمة وغير مستفاد منها، لتحقق في ذات الوقت فرص عمل غير موجودة أصلا، بالإضافة إلى مشغلين لفعاليات شعبية تدرّ أرباحا جيدة.