أخطاء اللبنانيين بالصوت والصورة في حملة «شايف حالك»

أول حملة توعية من نوعها في لبنان والشرق الأوسط

يتنافس اللبنانيون اليوم على التقاط الصور لمواطنين آخرين يقومون بأعمال خاطئة («الشرق الأوسط»)
TT

هل شاهدت نفسك مرة واحدة وأنت ترتكب الخطأ تلو الخطأ أثناء قيادتك للسيارة أو أثناء تعاطيك مع الشخص الآخر أو ارتيادك الطبيعة أو خلال أي عمل قد تقوم به بالعلن وأنت تعتقد أنه لا احد يراك وأنه لا أحد سيحاول ردعك كونه ليس أفضل منك؟

محطة «إل بي سي» أرادت تغيير هذا الواقع من خلال تسليط الضوء بالصوت والصورة على الأفعال المخالفة للقوانين التي يقوم بها اللبناني بكل جرأة أمام أعين الجميع فأطلقت حملة «شايف حالك» لتكون بمثابة الخط الأحمر الممكن أن يضع حدّا للتجاوزات التي يرتكبها اللبناني بحقّه وبحق الآخرين والتي تسمح لملايين من الناس أن يشاهدوها يوميا خلال نشرة الأخبار أو متابعتها عبر المواقع الإلكترونية المخصصة لها والتي شاهدها حتى الآن نحو ثلاثة آلاف شخص.

الفكرة هي ثمرة التعاون الحاصل ما بين تلفزيون «إل بي سي» وشركة Impact BBDO للإعلانات واللذين وضعا خطة عمل طويلة الأمد لهذه الحملة التي لن تقتصر فقط على مخالفات السير بل ستتطرّق مع الوقت إلى مواضيع اجتماعية وحيوية أخرى تكشف عن الأخطاء التي يقترفها اللبناني بكل ثقة بالنفس وبينها الفساد وتشويه سمعة الناس والنظافة والعنصرية والتهكم والاستهتار بالآخر. أما المدة التي سيستغرقها كل موضوع فهي نحو العشرة أسابيع يتم خلالها تسليط الضوء على المشكلة في نشرات الأخبار من خلال لقطات مصورة يقوم بها المواطن اللبناني أينما كان في لبنان ويرسلها عبر موقع «شايف حالك» الإلكتروني ليشاهدها كل من يزور هذا الموقع أو من يتابع المحطة المذكورة.

وفي اتصال خاص مع رئيس مجلس إدارة تلفزيون «إل بي سي» بيار الضاهر أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه آن الأوان أن يتحمّل المواطن مسؤولية قيامه بأي عمل مخالف للقانون دون أن يردع من جهة رسمية ما من قبل رجل شرطة مثلا وأنه ليس علينا الاتكال دائما على الآخر ليدلّنا على الصح والغلط قائلا: «أليس هذا ما علمتنا إياه الثورات العربية التي تحصل أخيرا في المنطقة؟». وأوضح الضاهر أن الحملة هي الأولى من نوعها في لبنان والعالم العربي وأنها ستكون طويلة الأمد وأن المحطّة ستعلن عن خطة العمل المرافقة لها تباعا وأن اللبناني سيتفاجأ بالمواضيع التي ستتطرّق لها لأنها ستضيء على مخالفات أصبحت بمثابة عادات سيئة ترافقه لا شعوريا في تصرّفاته اليومية.

لماذا «شايف حالك»؟ يقول بيار الضاهر: لأن اللبناني بطبيعته يعتبر نفسه دائما الأفضل فيفتخر بأي عمل يقوم به حتى لو كان غلط ويكون شعوره كما نقول باللبنانية «شايف حالو» فأردنا أن يحمل عنوان الحملة هذا المعنى الذي يصيب بنفس الوقت عبارة تعني أن يشاهد الواحد نفسه على الكاميرا لتكون بمثابة المرآة التي تعكس حقيقة أعماله أمامه وهكذا كان.

حتى الآن رصدت كاميرات المواطنين عشرات الصور وأشرطة الفيديو التي التقطت تجاوزات يقوم بها اللبنانيون أثناء قيادتهم السيارة أو الموتوسيكل أو الشاحنات فمنها ما أظهر جهل بعض الأشخاص فيما يخص السلامة العامة كالذي صوّر ودون أن يعلم صاحبه وهو يقود سيارته وقد وضع ابنه في حضنه أو كسائق الدراجة النارية الذي يحمل أكثر من راكب معه في حمولة تفوق تلك المخصصة للدراجة ودون أن يضع خوذة الرأس. أما الإعلانان اللذان بثهما تلفزيون «إل بي سي» في هذا الصدد حتى اليوم فأحدهما تناول جسر المشاة الذي يجده اللبنانيون مفيدا ويستعملونه لأشياء كثيرة إلا للمشاة أما الثاني فقدّم نماذج حقيقية عن سائقي الدراجات النارية الذين يسيرون عكس السير ويقفزون فجأة أمام سائقي السيارات فيتسببون في حوادث سير كثيرة ومع ذلك ينتقدونهم ويقدمون لهم وبكل ثقة بالنفس تعليمات خاطئة وبأخذ التوخي والحذر منهم.

داليا غاوي المسؤولة التنفيذية في شركة Impact Bbdo للإعلان تحدثت عن هذه التجربة الجديدة من نوعها في عالم الإعلام اللبناني لـ«الشرق الأوسط» فقالت: «أردنا أن يحمل الإعلان صيغة جديدة تحكي حقيقة ما يفكّر فيه اللبناني بينه وبين نفسه ولذلك نجده يحمل في مضمونه رسالة محددة تدعو المواطن للتوعية بأسلوب انتقادي طريف تجعله يتنبّه لما يقوم به. وتضيف: «نحاول من خلال هذه الحملة أن نساهم في بناء المجتمع اللبناني ونقدّم الأطر الأساسية التي يجب أن يدور في فلكها المواطن الصالح».

وأشارت داليا فغالي إلى إمكانية تطوير برنامج الحملة في الأيام المقبلة ليتضمن تفعيلا مباشرا ما بين المواطن وبينها وكذلك في نقل هذه النشاطات إلى المدارس والجامعات والهيئات التربوية على أن يكون لفريق العمل في تلفزيون «إل بي سي» دور فيها كما سيتم تكثيف تمرير الحملة عبر برماج المحطة المذكورة والتي تقف وراء هذا النشاط.

يذكر أن عددا من الجمعيات اللبنانية المهتمّة بالحد من حوادث السير أمثال «كن هادي» و«اليازا» وغيرهما يدعمان هذه الحملة من خلال تزويد المعنيين فيها بكل المعلومات والإحصاءات التي بحاجة إليها.

ويتنافس اللبنانيون اليوم على التقاط الصور لمواطنين آخرين يقومون بأعمال خاطئة الأمر الذي دفع ببعض منهم للتلفت يمينا ويسارا للتأكد من عدم وجود عين مراقبة لهم علّهم ينفذون بفعلتهم دون أن يراهم أحد. وتقول نيللي حلو وهي موظفة في مصرف في بيروت إنها صارت تجد لذّة في الوقوف في زحمة السير وسط المدينة وهي ذاهبة إلى مقر عملها أو عائدة منه تبحث عن اللقطة التي تلفتها فتصوّرها بواسطة جهاز الخليوي الذي لا يفارقها.

أما نبيل بعينو وهو مهندس ميكانيكي فاعتبر أن هذه الحملة الإعلامية يجب أن تؤدي إلى نتائج مثمرة خصوصا أن اللبناني بشكل عام «شايف حالو» ولن يرضى بأن يصبح موضوع تهكم من قبل معارفه إذا ما صوّره أحدهم وهو يتصرّف بشكل خاطئ.

كامل إبراهيم أمين عام جمعية اليازا للحد من حوادث السير رأى أن حملة «شايف حالك» هي نوع من الانتقاد الذاتي الذي يمارسه اللبناني على نفسه بطريقة غير مباشرة مما سيدفعه لتحمل مسؤولية تصرفاته بشكل أكبر خصوصا أن للإعلام المرئي وقعه الخاص على المواطن الذي يفضل أن يطل على الكاميرا وهو فخور بنفسه وليس ممسوكا بالجرم المشهود مما سيقلص من قيامه بأفعال مخالفة للقانون خوفا من البهدلة. وأشار إلى أن جمعية اليازا رحبت بهذه الحملة ولكنها فضلت لو يتخللها العقاب لأنه وبعد الخبرة تبين أنه الوحيد الذي يعطي نتائج سريعة لأي حملة توعية تقام في لبنان وأن قانونا صارما يردع المخالفات المرتكبة من شأنه أن يفعّلها بشكل أفضل.