فنان فلسطيني ينفذ تصميمات مستوحاة من التاريخ على خشب زيتون

اضطر كثيرون إلى ترك الحرفة بسبب الواردات الصينية التي تباع بأسعار زهيدة

TT

في مدينة الخليل بالضفة الغربية يستخدم رجل أشجار الزيتون التي يعتز بها الناس في المنطقة لصناعة منحوتات خشبية مصممة بطريقة معقدة ومستوحاة من التاريخ الحافل للمنطقة. وفي صباح أحد الأيام، توجه محمد إدريس، البالغ من العمر 75 عاما إلى متجره، متبعا نفس النظام اليومي للحياة منذ 46 عاما. توجه إدريس إلى ورشته واستعد للعمل اليومي، وقال: «عندي طموح للشغلة هذه».

وإدريس هو واحد من بين عدد قليل من السكان المحليين الذين حافظوا على هذه الحرفة التقليدية التي تقوم على صناعة المنحوتات الخشبية باستخدام أشجار الزيتون، واضطر كثيرون إلى ترك هذه الحرفة بسبب الواردات الصينية التي تباع بأسعار زهيدة في السوق. ويأمل إدريس في أن يجتذب إصراره على مواصلة هذه الحرفة التقليدية الزبائن إلى ورشته للنظر إلى منحوتاته، وإبداء التقدير لشجرة الزيتون، المادة الخام لهذه الحرفة.

وتمثل أشجار الزيتون عنصرا قويا في التراث الفلسطيني، وعلى الرغم من أن الشجرة تعد رمزا عالميا للسلام، فإنها أصبحت عنصرا للصراع في هذه المنطقة. وتقتلع السلطات الإسرائيلية الكثير من أشجار الزيتون الفلسطينية لإفساح الطريق لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وجعل هذا من شجرة الزيتون رمزا لتراجع التراث والتقاليد الفلسطينية. ويأمل إدريس، من خلال عمله في إحياء هذه التقاليد من خلال الاستخدام الرمزي لشجرة الزيتون.

وقال: «ربنا، سبحانه وتعالى، خلق عرقا بقلب الزيتون يجمله، يعني كل ما أنه كبرت الزيتونة وعرق الزيتون كل ما كان فيه عروق حلوات ومناظر جميلة بنفس العرق، فنحن نقول هذه الشغلة تعني أن الزيتون هو الأصل في الشغل».

ويقول إدريس إنه يأمل في أن يسهم عمله في إنعاش الاقتصاد المتداعي في الخليل، وقد اعتبر مركز مدينة الخليل السابق مدينة أشباح بعد إغلاق متاجر وأعمال فلسطينية كثيرة، بسبب الصراع بين سكان المدينة الفلسطينيين من جهة والمستوطنين اليهود والجنود الإسرائيليين المتمركزين هناك لحمايتهم من جهة أخرى. ويدير الرجل متجرا صغيرا يبيع فيه تصميماته. ويتلقى طلبات تتعلق بتصميمات دينية معينة. وقال «والله، هذه صنعة (كويسة) من ناحية سياحية ومن ناحية دينية وتراث، كثيرا ما يطلبون منا الحرم الإبراهيمي هذا الوقت، يعني تقريبا (ماشين) في مجسمات الصخرة».

وتنتشر المستوطنات اليهودية في الخليل التي تنقسم إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية والفلسطينية، وتشكل صورة مصغرة للضفة الغربية المحتلة حيث يعيش الفلسطينيون في ظل حكم ذاتي على أراض منعزلة كالجزر تحيط بها مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية.

ويعيش نحو 800 مستوطن يهودي بين 30 ألف فلسطيني في أجزاء من المدينة القديمة التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية.