النمسا تشيع أوتو فون هابسبورغ آخر ولي عهد إلى مثواه الأخير

في مراسم تقليدية حضرها عدد من الرؤساء وأعضاء الأسر الأوروبية المالكة

الملك كارل غوستاف والملكة سيلفيا ملكة السويد أثناء حضورهما جنازة أوتو فون هابسبورغ، آخر وريث لامبراطورية الهابسبورغ (إ.ب.أ)
TT

صبغت النمسا مراسم وداع جثمان أوتو فون هابسبورغ، آخر وريث لإمبراطورية الهابسبورغ، يوم أمس، بكل مظاهر الهيبة والاحترام، وبتشييع رسمي تقدمه الرئيس هاينز فيشر، يصحبه الملك السويدي كارل غوستاف وعدد من رؤساء حكومات دول الجوار وأعضاء الأسر الأوروبية المالكة، وتم الدفن بالمقابر الملكية بالعاصمة فيينا.

ومنذ ساعات مبكرة تم تطويق أنحاء قلب فيينا الإمبراطوري القديم، كما تم في حدث نادر إغلاق محطة قطار الأنفاق شتيفان بلاتز التي تتوسط المنطقة، حيث جرت مراسم انتقال الجثمان الذي لف بعلم الهابسبورغ، كما لف بجانبه ودفن في الوقت ذاته جثمان زوجة المتوفى التي ماتت العام الماضي.

وكانت سجلات العزاء قد ظلت مفتوحة في النمسا وأكثر من دولة من دول الجوار بل وحتى في المكسيك والسويد والولايات المتحدة الأميركية حيث يعيش عدد من أبناء المتوفى الذي كان يعيش بألمانيا حيث مات عن 98 عاما (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1912 - 4 يوليو/ تموز 2011).

ويحمل أوتو فون هابسبورغ تاريخيا اسم جوزيف أوتو روبرت ماريا كارل أنطون ماكس هاينريش سيكنوس كزافنيه فيليكس لودفيغ هون غايتان بيدس اغناتيوس هابسبورغ.

وكان جثمان أوتو هابسبورغ، كما يناديه النمساويون، اختصارا لذاك الاسم الطويل وبعيدا عن أي ألقاب، قد وصل الأربعاء الماضي إلى فيينا قادما من ألمانيا التي عاش فيها آخر سنوات حياته معززا مكرما ومحبوبا.

وصل الجثمان بصحبة جثمان زوجته التي توفيت عاما قبله، ليدفنا مع عدد محدود ومختار من بقية أقربائهما من أباطرة الهابسبورغ الذين حكموا النمسا والمجر وكرواتيا وبوهيميا وعددا آخر من الدول في إمبراطورية لم تغب عنها الشمس لقرابة أكثر من 600 عام حين ألغت النمسا الإمبراطورية 1919 عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى التي اندلعت شرارتها بسبب اغتيال عمه الأكبر الارشيدوق فرانس جوزيف 1914.

عندما تأكد خبر إلغاء النمسا للإمبراطورية تسلل الإمبراطور تشارلز والد أوتو وأسرته هاربين ليلا إلى سويسرا، فتم تجريدهم من كل المخصصات الرسمية بما في ذلك الألقاب النبيلة، حتى لفظ «فون».

بعد وفاة والده وهو في التاسعة من عمره، تم تنصيبه من قبل الأسرة وريثا للعرش الذي أعلن عام 1961 تخليه عنه، فسمح له بعدها بزيارة موطنه بعد هجرة سنوات ما بين بلجيكا حيث تخرج في جامعة من جامعاتها، وفرنسا، وواشنطن، عندما أصدر النظام النازي أمرا بتوقيفه. ومن ثم استقر به الأمر في ألمانيا وقام بالانضمام لعضوية الحزب الاشتراكي، مما أدى لانتخابه لأكثر من 20 عاما ممثلا لولاية بافاريا بالبرلمان الأوروبي.

وبينما انشغلت فيينا ما إن وصلها خبر الوفاة بالتدريبات والاستعدادات والبروفات لمراسم الدفن باختيار قائمة الحضور وتحديد خط سير الجثمان والموسيقى المصاحبة التي اختيرت فواصلها من الموسيقار هايدن، كان التدريب الأهم على المراسم التي قام بها أقرب أصدقاء المتوفى.

كان على الصديق المكلف أن يطلب من الحرس الواقف على باب المقبرة المسدود السماح لجثمان أوتو بالعبور بعد أن يطرق بوابة المقبرة الفخمة (التي أضحت مزارا سياحيا مهما كغيرها من مخلفات الهابسبورغ من قصور ودور تدر الملايين للخزينة) بمطرقة خاصة طالبا السماح بدخول أوتو فون هابسبورغ، تاليا قائمة طويلة بألقابه وأسماء البلاد التي ضمتها إمبراطورية الهابسبورغ، فيأتيه رد حازم وصارم من الحارس بأنه لا يعرف مثل هذا الشخص. فيعاود الصديق الطلب راجيا السماح بمرور أوتو، السياسي والمفكر، عضو البرلمان الأوروبي حامل الشهادات الجامعية والفخرية، عضو الأكاديميات، فيرد الحارس بأنه لا يعرفه.

ومن ثم يطلب الصديق السماح بعبور أوتو الإنسان الخطاء الذي كغيره يمكن أن يموت، وحينها فقط تشرع البوابة ويسمح للجثمان بالدخول، في إشارة دينية تؤكد أنه لا كبير على الموت.