الأطفال الرضع يمارسون التمارين الرياضية والأنشطة البدنية

ضمن حملة بريطانية جديدة لمكافحة السمنة

يعرف فرط أو زيادة الوزن على أنه الحالة التي يبلغ فيها نسبة كتلة الجسم 25 أو تتجاوز تلك النسبة، أما السمنة فتعرف على أنها الحالة التي تبلغ فيها تلك النسبة 30 أو تتجاوزها، وتعد هاتان النسبتان مرجعا مهما لتقييم فرط الوزن والسمنة لدى الأفراد
TT

السمنة وزيادة الوزن، من أبرز المشكلات الصحية الشائعة عالميا، التي يعاني منها نسبة كبيرة من الأفراد، وخاصة بين البالغين والمراهقين، وذلك نتيجة للعديد من العادات الغذائية السيئة، مثل الاعتماد المتزايد على الوجبات الغذائية السريعة وقلة الحركة والنشاط والأكل غير المنظم والعزوف عن ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة البدنية، كما أن السمنة وزيادة الوزن ترتبط بالعديد من الأمراض الأخرى مثل السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وغيرها. وتتنبأ منظمة الصحة العالمية بأن نحو 2.3 مليار من البالغين سيعانون من فرط الوزن، وأن أكثر من 700 مليون سيعانون من السمنة، على مستوى العالم بحلول عام 2015.

وتعرف منظمة الصحة العالمية، حالات السمنة وفرط أو زيادة الوزن، على أنها تراكم الدهون بشكل زائد ومفرط، وقد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، ويستخدم مؤشر نسبة كتلة الجسم (BMI - Body mass index) أي الوزن مقابل الطول، كطريقة لتصنيف السمنة وفرط الوزن بين البالغين والأفراد عموما، وتحسب تلك النسبة بتقسيم الوزن (بالكيلوغرام) على مربع الطول (بالمتر المربع) (كيلو غرام/ م2)، أي وزن المريض على تربيع طوله بالمتر.

ويعرف فرط أو زيادة الوزن على أنه الحالة التي يبلغ فيها نسبة كتلة الجسم 25 أو تتجاوز تلك النسبة، أما السمنة فتعرف على أنها الحالة التي تبلغ فيها تلك النسبة 30 أو تتجاوزها، وتعد هاتان النسبتان مرجعا مهما لتقييم فرط الوزن والسمنة لدى الأفراد. وهناك حاليا خطط استراتيجية وحملات وطنية توعوية لمكافحة السمنة وزيادة الوزن، بين كافة أفراد المجتمع، وخاصة بين الأطفال، ومن بين هذه الحملات العالمية، ما قامت به الحكومة البريطانية مؤخرا خلال شهر يوليو (تموز) الحالي، من إصدارها لبعض المبادئ التوجيهية التي تعد الأولى من نوعها وبخاصة بالنسبة للأطفال الصغار، والتي تركز على ضرورة ممارسة التمارين الرياضية يوميا، وذلك للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، بما في ذلك الذين لا يستطيعون المشي بعد. وقالت وزارة الصحة البريطانية، إنه ينبغي على الأطفال دون سن الخامسة والذين يستطيعون المشي، أن يكونوا نشطين بدنيا لمدة لا تقل عن 3 ساعات يوميا، كما يجب على الآباء والأمهات التقليل من مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال في الجلوس لمشاهدة التلفاز على سبيل المثال أو عند وضعه في العربة المخصصة للأطفال، على أن تشتمل الجرعة اليومية للأطفال ومدتها 3 ساعات يوميا، على تمارين رياضية من خلال اللعب، بالإضافة إلى أنشطة بدنية أخرى مثل المشي إلى المدرسة.

وقالت الحكومة البريطانية إنه ينبغي تشجيع الأنشطة البدنية منذ الولادة، وذلك للأطفال الرضع الذين لا يستطيعون المشي بعد، بما في ذلك لعب الأطفال الرضع على بطونهم أو أخذهم إلى دورات السباحة مع والديهم، وأشارت إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار قدرات الطفل الجسدية والعقلية عند تفسير هذه النصيحة.

ويذكر أن هناك عديدا من التمارين الرياضية للأطفال الرضع، والتي ينصح بها أخصائيو العلاج الطبيعي والتأهيل، لتقوية عضلات الرقبة والظهر والصدر والأكتاف والقدم وللمساعدة على الحركة عموما. وقال ماورا غيليسبي، رئيس قسم السياسة والدعوة في مؤسسة القلب البريطانية، في بيان له: «من المهم أن يقدم الوالدان في أوقات المرح والتسلية لأطفالهم، نشاطا بدنيا، للمساعدة في الحيلولة دون إصابتهم بالبدانة، والذين من المحتمل أن يصبحوا في المستقبل من البالغين البدناء، ويكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وبعض أمراض السرطان».

جدير بالذكر أنه، يعاني ما يقرب من ربع البالغين البريطانيين من البدانة، ويقدر الخبراء أنه بحلول عام 2050 سوف يكون نحو 90 في المائة من البالغين بدناء. ووفقا لمسح أجرته وزارة الصحة البريطانية في عام 2008، والذي تم فيه استخدام أجهزة لقياس مدى ممارسة الأفراد للتمارين الرياضية في الواقع، وجد المسؤولون أن 5 في المائة فقط قد قاموا بتلبية الحد الأدنى من مشورة الحكومة حول النشاط البدني والذي يبلغ في المتوسط 150 دقيقة أسبوعيا.

وتوصي الحكومة البريطانية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 18 سنة، بممارسة التمارين الرياضية والأنشطة البدنية لمدة ساعة واحدة على الأقل يوميا، ولكن ينبغي أن تتضمن أنشطة لتقوية العضلات والعظام.

ويمكن الوقاية من حالات السمنة وفرط الوزن، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، عن طريق الحد من تناول الأغذية الدهنية الغنية بالطاقة، وذلك بالتحول من استهلاك المواد الدهنية المشبعة إلى استهلاك مواد دهنية غير مشبعة، وتناول المزيد من الخضراوات والفواكه والبقول والحبوب غير المنزوعة النخالة والجوز والبندق، والإقلال من تناول السكريات، وزيادة النشاط البدني كممارسة الرياضة بانتظام، وبذل جهد متوسط لمدة لا تقل عن 30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع.

وجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت خلال شهر يوليو الجاري، أن تدني مأخوذ الفواكه والخضراوات من بين عوامل الخطر التي تؤدي إلى الوفاة على الصعيد العالمي، ويعد تناول كميات كافية منها، من العناصر المهمة في النظام الغذائي الصحي، والإسهام في توقي الأمراض الرئيسية، وتشير التقديرات إلى إمكانية إنقاذ 1.7 مليون فرد كل عام، إذا ما تم تعزيز استهلاك الفواكه والخضراوات على نحو كاف. كما يوصي تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة في الآونة الأخيرة، بضرورة استهلاك ما لا يقل عن 400 غرام من الفواكه والخضراوات يوميا، لتوقي الأمراض المزمنة مثل السمنة والقلب والسرطان والسكري، وتركز الاستراتيجية العالمية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والصحة على ضرورة زيادة استهلاك الفواكه والخضروات كإحدى التوصيات الغذائية التي يجب مراعاتها لدى إعداد السياسات والتوصيات الغذائية الوطنية لصالح الفئات السكانية والأفراد.

ونظرا لارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن في عالمنا العربي، فهناك حاليا خطط وطنية وحملات توعوية للقضاء على السمنة، وتنمية العادات الغذائية الصحية الصحيحة وأنماط الحياة الصحية السليمة بين أفراد المجتمع، ومن بين هذه الحملات المتميزة في المملكة العربية السعودية وخاصة في الآونة الأخيرة، «الحملة الوطنية لمكافحة السمنة» التي ينظمها كرسي الشيخ علي بن سليمان الشهري لأبحاث وعلاج السمنة بجامعة الملك سعود، بالتعاون مع وزارة الصحة السعودية، بهدف نشر ورفع مستوى الوعي بين كافة فئات وشرائح المجتمع عن طريق توجيه برامج توعوية للتعريف بالسمنة وأخطارها، وكيفية تبني عادات صحية سليمة، وتوفير الخدمات العلاجية المناسبة للمصابين بالسمنة لمساعدتهم على التخلص منها بشكل دائم وفعال، مع إجراء الدراسات والبحوث للمساهمة في إيجاد الحلول الفعالة والواقعية للحد من السمنة والتقليل من أضرارها على المجتمع. ومن بين برامج الحملة، قوافل للتوعية بالسمنة وأخطارها في العديد من الأسواق التجارية ومراكز التسوق في عدد من مناطق المملكة، وذلك من خلال توزيع منشورات ومطويات وكتيبات توعوية وعرض أفلام قصيرة ومهرجانات ترفيهية تثقيفية للأطفال حول السمنة، هذا بالإضافة إلى معرض متنقل مزود بالأجهزة الضرورية لتقديم الفحص والاستشارات المجانية للجمهور ومعرفة مقدار الدهون في الجسم، وتوجيههم للأساليب الصحية السليمة في أنماطهم الغذائية والتمارين الرياضية المناسبة، وتركز الحملة على التذكير بأهمية الرياضة والأنشطة البدنية من خلال تنظيم سباقات رياضية والدعوة لتناول الفواكه والخضراوات.

يبقى القول بأن هناك حاجة متزايدة في عالمنا العربي للمزيد من الحملات الوطنية للتوعية بأخطار السمنة والآثار المترتبة عليها، وأهمية الحاجة لإنشاء مراكز طبية متخصصة في علاج ومكافحة السمنة، وفق المعايير والمواصفات الطبية العالمية، والتوسع في تنظيم ورش تدريبية لتأهيل أطباء مراكز الرعاية الصحية على كيفية التعامل مع مرضى السمنة وتقديم خدمات التشخيص والعلاج المناسبة لهم، وأهمية التوسع في برامج تغيير السلوكيات والأنماط الغذائية السائدة بين الجمهور وخاصة لدى الأطفال، والتأكيد على أهمية التمارين الرياضية والأنشطة البدنية المنتظمة باستمرار، والتركيز على أهمية دور المدارس في تقديم النصائح والإرشادات والتوعية بالطرق الصحيحة لإنقاص الوزن ومكافحة السمنة بين الأطفال، وخصوصا شكاوى الوالدين من أن المقاصف المدرسية تسهم في زيادة وزن الأطفال وعدم قدرتهم على السيطرة على أطفالهم في المدارس.