معرض «تين آرت غاليري».. إدارته والمشاركون فيه من الشباب

أكبرهم في العشرين وأصغرهم في الخامسة عشرة ويعيشون في نيويورك

يقوم مجموعة من المراهقين بتنظيم معرض «تين آرت غاليري» بأنفسهم بقيادة أودري بانكس البالغة من العمر 17 عاما («نيويورك تايمز»)
TT

تبين أن فترة الشباب لا تكون دائما وقتا ضائعا بالنسبة لهم. ويقام في مركز نيويورك المفتوح في مانهاتن يوم الرابع من أغسطس (آب) معرض «تين آرت غاليري» الذي يعرض لوحات وأعمال كولاج وتماثيل وصورا فوتوغرافية لـ38 فنانا. أكبرهم في العشرين وأصغرهم في الخامسة عشرة، ويعيشون جميعا في نيويورك.

ليست المعارض الفنية التي يقيمها شباب أمرا جديدا، ففي يونيو (حزيران) الماضي كانت قاعة العرض في المركز المالي العالمي تعج بأعمال المئات من الفنانين في الصف السابع بينهم 12 من الفائزين بجوائز المدرسية السنوية «سكولاستيك آرت أند رايتينغ» للكتابة والفن. على الجانب الآخر. الأمر الجديد والمختلف في معرض «تين آرت غاليري» هو تنظيم المراهقين له بأنفسهم بقيادة أودري بانكس البالغة من العمر 17 عاما والطالبة في السنة النهائية بمدرسة «بارد إيرلي كوليدج» الثانوية في لور إيست سايد. وأودري رسّامة وأمينة معرض مبتدئة. تقول أودري وهي تقف وسط المعرض المنظم حديثا: «لقد كان ذلك هو هدفي الأول».

وتقول سونجا تسيبين طالبة زميلة لأودري بانكس تبلغ من العمر 17 عاما وفائزة بميدالية «سكولاستيك أورادز» الذهبية: «ما يميز هذا المعرض هو أن إدارته والمشاركين فيه جميعا من الشباب. نحن نضع القواعد والمعايير الفنية. ويسير كل ما نمثله في هذا الإطار».

تتنوع الأعمال في هذا المعرض وتشمل الفن التجريدي وفن التصوير التقليدي والكولاج والفن الوثائقي والتصوير الفوتوغرافي والنحت سواء كان لأشكال واقعية أو خيالية. وتشارك سونجا بلوحة زيتية تصور هيئة إنسانية سريالية بين تكوينات كل منها مكون من أربعة مربعات.

وتشارك سين يي ياو البالغة من العمر 17 عاما بمنحوتة مكونة من كرات تمثل هيئة كائن حي ملتوٍ مصنوعة من حبات أرز منمقة ودبابيس وخيوط، بينما يشارك مورغان داميت، الذي بلغ العشرين من العمر مؤخرا، بتمثال من البرونز لإنسان عارٍ ينتمي للمدرسة الكلاسيكية الواقعية.

ويشارك مات سولنيم البالغ من العمر 16 عاما بصورة فوتوغرافية ملونة لطفل من قبائل الماساي يجلس وحده على سهل واسع رحيب في تنزانيا، في حين يشارك نكي ميرا بينبريدج البالغ من العمر 16 عاما بتكوين لآلة وترية من علبة سيجار ويد مقشة منحوتة تنتمي إلى حركة الدادا الفنية.

وتقول لولا شيبارد، منسقة المعرض: «إن الأعمال مذهلة. سيصبح الكثير من هؤلاء الشباب فنانين بارزين عندما يبلغون العشرينيات والثلاثينيات من العمر. لم أعمل من قبل مع مراهقين وأحببت العمل معهم حقا. تتصدر أودري المشهد، فهي أفضل من البالغين الذين عملت معهم».

وتعد أودري متحفظة وذات صوت رقيق وتميل إلى الهدوء والقيام بأعمال الإبرة حتى خلال إجراء مقابلة ولا يعطي هذا انطباعا بأنها زعيمة مجموعة من المراهقين في هذا المعرض الذي يتسم بالاحترافية. وقالت: «لدي شخصيتان، إحداهما ذات صوت منخفض والأخرى ذات صوت مرتفع، تظهر عندما أحتاج إليها».

وتقضي أودري وقتها بين أبويها المطلقين حيث يعيش أحدهما في إيست فيليدج، بينما يعيش الآخر في ويست فيليدج. وتقول والدتها هيلين سالفين إن أودري كانت تقضي ثلاث أو أربع ساعات يوميا خلال المرحلة الابتدائية في القيام بأعمال فنية. وأضافت: «عندما كانت تخطر ببالها فكرة، كانت تنفذها فورا. لديها قدرة عظيمة على التنظيم».

وتروي خالتها أن أودري كانت رسّامة عندما كانت في الصف التاسع حتى إنها أرادت إقامة معرضها الفني الخاص. وتقول أودري: «لقد أخذت خالتي تقهقه وتقول لي إنني أستطيع القيام بذلك. فخطرت ببالي فكرة أن أقوم بذلك قبل أن أبلغ الثامنة عشرة. لقد سمعت من كبار كل تلك القصص عن أشخاص كانت لديهم أحلام ومواهب كبيرة وهم صغار، لكنهم فقدوا الأحلام حين كبروا ونسوا كم كانوا يعشقون الرسم أو الكتابة. أريد القيام بكل ما أستطيع الآن واستغلال الفرصة».

العام الماضي، اختارت أودري التدريب على مهارة تولي مهمة أمين المعرض في مؤسسة «نو لونغر إيمتي» التي تحول المناطق الخالية وواجهات المحال قبل تأجيرها إلى معارض فنية بشكل مؤقت. وتقول أودري: «لقد أردت أن أعرف كيف تدار الأمور في المعارض الفنية وكان علي التعلم سريعا».

وبدأت أودري في تنظيم المعرض خلال العام الدراسي السابق وأوضحت قائلة: «لقد نشرت دعوة على موقع (فيس بوك) ودعوت كل أصدقائي للحضور وطلبت منهم دعوة أصدقائهم أيضا».

وسرعان ما وصل عدد المشتركين في صفحة هذه الفعالية إلى 5 آلاف. وتضمنت الصفحة دعوة للفنانين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عاما لتقديم أعمالهم التي يودون الاشتراك بها في المعرض. وكلّفت طلبة في المرحلة الثانوية بتوزيع منشورات دعائية في أنحاء المدينة واتصلت بمعلمي الفنون وبرامج الشباب في المتاحف مثل متحفي الفن الحديث وبروكلين.

وتلقت أكثر من 700 طلب من 300 فنان. وقالت: «كان من الصعب تضييق الدائرة. فأنشأت مجموعة خاصة على موقع (فيس بوك) لدراسة تقييم 14 صديقا». كانت سانجا من أعضاء هذه المجموعة. وتروي أودري: «أتذكر عندما بدأنا دراسة الطلبات، وجدنا أن الكثير منها لا يحمل بيانات أو حجم صيغة (جي بي إي جي) للأعمال غير صحيح أو من دون عنوان وكانت هناك فوضى كبيرة، حيث إنهم مجموعة كبيرة من المراهقين».

وقالت أودري إنها اختارت في البداية 100 عمل بناء على مستوى المهارة الفنية، ثم اختارت من بين هذه المجموعة أعمالا شعرت أنها مفعمة بالطاقة والحيوية والتألق.

شاركت كل من أودري وسونجا في صف خلال فصل الصيف في معهد سان فرانسيسكو للفنون لدراسة الرسم. وقال جيف إيزنبرغ، معلمهم في ذلك الصف، عن المعرض: «ما يثير إعجابي هو إقدامهم على مثل هذه الخطوة. نحن نعيش في عصر يتسم بالانتقاد، وإقامة مثل هذا المعرض بعيدا عن هذا الاتجاه. إنه تجسيد للحماسة والالتزام وحب الفن. أتوق لمعرفة كيف سيكون حالهم خلال خمس سنوات من الآن». عثرت أودري من خلال والدتها على مزارع محترف تطوع بخدماته. وقال سولنيم الطالب بالسنة النهائية في مدرسة «هانتر كوليدج» والذي يبلغ 16 عاما: «إنه ليس معرضا مبسطا للأطفال، بل جاد للغاية. إن أروع ما فيه أن أشخاصا في مثل سننا يديرونه. سيتعامل شباب في مثل سننا بشكل أكثر جدية مع الناس».

كانت بداية داميت نحت ألعاب على هيئة جنود، ثم سجّل اسمه في صفوف في اتحاد طلبة الفنون، ويدرس حاليا في أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة في فيلادلفيا. ويقول: «عرض أعمالي في نيويورك خطوة كبيرة».

وعثرت أودري على مكان في ويليامزبيرغ في بروكلين لإقامة المعرض الجماعي الثاني عام 2012. وتعتزم أودري فتح باب تقديم الأعمال أمام الفنانين المراهقين في مختلف أنحاء البلدة. ويقول جوناثان ليفن، صاحب قاعة عرض في تشيلسي: «سيحقق لها استمرارها في هذا الطريق الكثير في المستقبل». اتخذ جوناثان أيضا طريق الاعتماد على الذات في مشواره المهني، حيث بدأ وهو في السابعة عشرة من العمر عندما صنع مجلات هواة في قبو مسكن والديه في ترينتون.

أدى هذا إلى تنظيمه أول معارضه الفنية في نوادي الروك مثل «سي بي جي بي» و«ماكسويلز» خلال التسعينيات قبل افتتاح معرضه الخاص عام 2005. وأوضح قائلا: «عندما يكون المرء في السابعة عشرة من العمر، يكون في أوجّ ذكائه وحماسه. عندما تقوم بأمر ناجح خلال تلك الفترة وتدرك أنك تستطيع النجاح يصبح ذلك مصدر قوة لك فيما بعد».

* خدمة «نيويورك تايمز»