قصر باكنغهام يغري زواره بفستان زفاف كيت ميدلتون

قاعات القصر الرسمية في كامل تألقها.. ومعرض مجوهرات فابرجيه يروي قصص ملوك وملكات بريطانيا

الملكة إليزابيث تزور معرض فستان الزفاف الملكي برفقة دوقة كمبريدج كاثرين (أ.ف.ب)
TT

قاعات قصر باكنغهام الرسمية لا تفتح أبوابها إلا لزوار الملكة الذين يحلون ضيوفا عليها وتقيم لهم المآدب أو الحفلات الموسيقية، فالقاعات نموذج لمعمار وتراث فني بديع، تزخر جوانبها بالقطع الفنية النادرة ويحمل كل منها تاريخا عريقا يمتد لقرون.

الغرف فتحت أبوابها بالأمس للزوار من الجمهور، فجالوا على السجاد الوثير، وتنقلوا بأعينهم داخل القصر المنيف، بل وتخيلوا أنفسهم ضيوفا لحفل زفاف الأمير ويليام وكيت ميدلتون، حيث مروا بالحجرات نفسها التي أقيم فيها العرس، وشهدوا المكان الذي التقطت فيه الصور التذكارية له. ومنذ الخطوات الأولى وعبر قاعة الاستقبال الرئيسية يحييك العاملون في القصر بابتسامة ودودة، ويشير بعضهم بفخر لبعض الجوانب التي قد تخفى على الزائر، ويزيد من متعة الجولة جهاز الدليل الصوتي الذي يمنح للزوار فهو ينقلهم إلى جو القصر الملكي عبر موسيقى كلاسيكية تحمل الزائر إلى أجواء مختلفة تبعده عن صخب شوارع لندن وتدخله إلى قلب الملكية البريطانية.

القصر الملكي هو أحد القصور الملكية القليلة في العالم الذي يمكن اعتباره المكتب الرئيسي لرأس الملكية، فالملكة إليزابيث تمارس عملها من هذا المكان. وهي أيضا تقضي فيها أوقاتا مع عائلتها، وفي حدائقه تقيم المآدب وتستقبل ضيوفها. وربما يكون من الصعب على الزائر تخيل تلك المآدب أو ما يجري فيها، لكنه سيكتفي بالمرور في تلك القاعات الفخمة، ويطل من النوافذ على أرجاء حديقة القصر المترامية أو يرى غرفة العرش وقاعة الاستقبال الرئيسية.

في قاعة طويلة بسقف زجاجي يتسلل منه الضوء وتلقي أشعة الشمس بخيوطها على جوانبه، توجد مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية لكبار الفنانين العالميين، مثل فيرميير وكاناليتو وروبنز وفان دايك ورمبرانت، كلها ضمن مجموعة الملكة الخاصة من الأعمال الفنية.

وعبر القاعة نجد معرضا آخر لا يقل جمالا أو إبداعا عن اللوحات الفنية في غاليري الصور، فهو يضم مجموعة من المجوهرات النادرة، وبيضات الفصح التي صنعها الصائغ الأشهر فابرجيه. فمن خلال 100 قطعة معروضة في أضواء خافتة تسمح للجواهر الثمينة وبريق الماس بإضاءة الحجرة، يمكن التجول بين تلك المعروضات بحذر خوفا من التعثر في الظلمة أو لمس إحدى نوافذ العرض. لكن الخطوة البطيئة هنا تصبح أمرا مطلوبا وممتعا، إذ إن المجوهرات المتراصة أمامنا صنعت بمنتهى الدقة والحرفية ولا بد من التأني أمامها ومحاولة رؤية تفاصيلها، مثل تلك الباقة من الأزهار الملونة التي صنعت جذوعها من الذهب وأوراقها من الأحجار الكريمة وتحول اللؤلؤ فيها إلى وريقات زهرة صغيرة. الخزانات تضم ما جمعته ستة أجيال من العائلة المالكة من مجوهرات الصائغ الروسي الشهير، من الملكة فيكتوريا إلى الملكة إليزابيث والأمير تشارلز. المجموعة تعتبر أندر مجموعة لمجوهرات فابرجيه في العالم من حيث حجمها وتنوعها.

بالطبع تحتل بيضات الفصح التي اشتهر فابرجيه بصنعها مكانا بارزا في المعرض، وبالنظر إليها نرى لماذا اشتهرت تلك القطع البديعة الصنع، فهي آية من آيات الصياغة وتركيب المجوهرات وتنسيق ألوانها وأشكالها. من صنع فابرجيه أيضا هناك علب سجائر ذهبية ودفتر ملاحظات بإطار ذهبي مطعم بالماس صنع للملكة فيكتوريا، وإطارات الصور وأيضا قطع مصغرة لحيوانات أليفة وأطقم شاي كلها صنعت باليد.

ومن معرض فابرجيه تستمر الجولة إلى غرفة الموسيقى، حيث يوجد بيانو ضخم، وهي حجرة نصف دائرية تطل على حدائق القصر أقامت فيها الملكة عددا من الحفلات الموسيقية المصغرة، كما اعتادت على إقامة مراسم تعميد أطفالها وأحفادها هناك.

لكن لزوار القصر هذا العام هناك عامل جذب إضافي، فسيصبح في مقدورهم رؤية فستان زفاف كيت ميدلتون وكعكة عرسها عن قرب. هذا العرض الصغير ربما سيكون أكبر عامل جذب هذا الصيف، فالاهتمام الذي لاقاه زفاف الأمير ويليام وكيت ميدلتون لم يلقه أي حدث آخر منذ عرس الأميرة ديانا.

قبل دخول الزائر للقاعة المعروض فيها الفستان هناك مقدمات لتحضيره، فعبر حجرة العرش نرى صورا ضخمة لويليام وكاثرين التقطت لهما في الحجرة ذاتها، وبهذا يمكن للزائر التخيل ولو لدقائق ما جرى داخل القصر خلال حفل الزفاف، وقبل أن يرى الفستان الشهير الذي صممته سارة بيرتون من دار ألكسندر ماكوين، هناك فيلم يعيد لنا ذكريات حفل الزفاف ونرى فيه العروس في كامل بهائها، ومن تلك القاعة ندلف أخيرا إلى مكان عرض الفستان. طريقة عرض الفستان جاءت غريبة بعض الشيء، فهو قد وضع على منصة مغطاة بالمخمل الأحمر وسلطت عليه أضواء من أعلى، وغابت الإضاءة في جوانب الحجرة فكانت شبه مظلمة. وفوق الفستان ببضعة سنتيمترات علق التاج وطرحة العروس، فجاء تأثير ذلك مزعجا بعض الشيء، فكأن هناك شبحا يرتدي الفستان. ذلك التأثير لم يغب عن الملكة إليزابيث التي حرصت على التجول في المعرض قبل افتتاحه للجمهور وسمعها البعض وهي تقف أمام الفستان برفقة دوقة كمبريدج كاثرين وهي تتمتم قائلة «هذا فظيع جدا»، وبالطبع لم تعن الملكة الفستان لكنها أشارت إلى الطريقة التي تم بها العرض وجعل التاج الملكي يستقر على فستان من دون رأس. أما كيت التي قضت وقتا مع مسؤولي القصر في التحضير للمعرض فقالت «الأمر يبدو سرياليا الآن، غريب جدا».

الفستان لم يوضع خلف خزانة زجاجية وذلك لإعطاء الجمهور الفرصة لتأمل تفاصيله ووردات الدانتيل عليه. وعلى الجانب الآخر، يعرض فيلم وثائقي تشرح من خلاله مصممة الفستان سارة بيرتون مراحل خياطة الفستان ونوع القماش والتطريز الذي زينه. وتشير المشرفة على المعرض كارولين غيتوت في حديث لشبكة «سي بي إس» إلى أن الفستان يعد «قطعة فنية.. العرض يظهر للجمهور براعة التصميم البريطاني خلف الفستان وأيضا الكعكة». إلى جانب الفستان، عرض في خزانة صغيرة الحذاء الذي ارتدته العروس مع الأقراط الماسية التي أهداها إياها والدها ووالدتها، إضافة إلى باقة من الزهر صنعت على هيئة الباقة التي أمسكت بها كاثرين. كما تم أيضا عرض كعكة الزفاف المكونة من 8 طبقات والتي علقت الملكة عليها مازحة «هل أكلنا من هذه؟». الكعكة المكونة من ثماني طبقات احتفظ ويليام وكيت بالطبقتين الأولى والثانية منها، بينما تم تقطيع الطبقة الثالثة حيث قدمت لضيوف حفل الزفاف، ولوضعها في المعرض قامت صانعة الكعكة فيونا كيرنس بإعادة صنع تلك الطبقات الناقصة لاستكمال الكعكة. يقطع الزائر في جولته هذه نحو 450 مترا تنتهي به في حديقة القصر والبحيرة التي تمتد على أطرافها وتعود إلى القرن التاسع عشر، وحسب آخر الإحصاءات فقد تم بيع 140 ألف تذكرة مقدما للمعرض الذي يستمر لعشرة أسابيع، ومن المتوقع أن تبلغ عوائد التذاكر 13 مليون جنيه إسترليني.