تقدم كبير في وسائل منع الحمل.. للرجال

تباينت ردود فعلهم.. بدءا من «سأجربه» إلى «صديقي.. أنت مجنون»

aستيف أوينز أحد المتطوعين لاختبار وسائل منع الحمل للرجال.. وتلك الوسائل تجد اهتماما متزايدا من العلماء ( «نيويورك تايمز»)
TT

عادة ما كان ستيف أوينز يترك مسألة تحديد النسل لزوجته، التي كانت تداوم على استعمال الأقراص، بينما كانت وسائل منع الحمل لدى الرجال تتمثل في قطع القناة الدافقة، وهو أمر لم يكن يرغب فيه، أو الواقيات الذكرية التي وصفها بالقول «الواقي الذكري هو الواقي الذكري».

بعد ذلك تطوع أوينز لاختبار الوسائل المحتملة التي خفضت من عدد حيواناته المنوية إلى حد كبير حتى لا يتمكن من الإنجاب مرة أخرى. لكن قدرته على الإنجاب عادت بعد أسابيع من وقف كل هذه الوسائل وصار أبا لابنة.

وقال أوينز، 39 عاما، إخصائي اجتماعي في مدرسة بسياتل بولاية واشنطن الأميركية: «سأقوم بكل تأكيد بنوع من وسائل منع الحمل الطويلة الأمد».

تلقى وسائل منع الحمل للرجال اهتماما متزايدا من العلماء الذين يعتقدون أنها ستكون آمنة وفعالة ومهمة. وتقول ديانا بليثي، مديرة برنامج تطوير وسائل منع الحمل بالمعهد الوطني لتنمية صحة الإنسان والطفل: «نعمل على عدد من المشروعات، وأعتقد أن الرجال يرغبون في هذا الأمر».

وعلى الرغم من خضوع وسائل منع الحمل لدى الرجال للدراسة من قبل فإن أيا من هذه الوسائل لم تتفق ومعيار الفاعلية والأمن التي تتمتع بها وسائل الحمل لدى السيدات. ولم يتضح أيضا ما إذا كان الرجال سيستخدمونها.

وقد أنتج التقدم العلمي وسائل قادرة على النجاح في الاختبارات. وتشير جماعات الصحة العالمية والأبحاث التي نشرتها مؤسسات المرأة إلى أن الرجال يؤيدون هذه الوسائل، وأن الوكالات الفيدرالية تمول هذه الأبحاث. وسيتم عرض بعض هذه الوسائل في المؤتمر الذي سيعقد في أكتوبر (تشرين الأول) الذي رعته مؤسسة «بيل وميليندا غيتس».

تقول جيني سورينسن، المتحدثة باسم المؤسسة: «وسائل منع الحمل لدى الرجال منطقة حرجة، لكن ذلك لا يعني أن ذلك لن يشمل جميع الأطراف».

كانت أكثر الوسائل خضوعا للدراسة في الولايات المتحدة استخدام هرمونات التستوستيرون والبروجستين التي ترسل إشارات جسدية لوقف إنتاج الحيوانات المنوية. وعلى الرغم من فاعليتها وأمنها لم تنجح مع الجميع ولا تزال هناك شكوك بشأن الأعراض الجانبية لهذه الوسائل. ولذا يقوم العلماء أيضا باختبار الوسائل الأخرى لمقاطعة إنتاج الحيوانات المنوية ونضوجها أو حركتها، فتعمل إحدى وسائل منع الحمل المتوقعة، غاميندازول، المشتق من عقار مضاد للسرطان، على إعاقة نضوج الحيوانات المنوية. ويقول جورجي كوف، نائب رئيس مركز الأبحاث في المركز الطبي لجامعة كنساس الأميركية: «يعمل هذا الدواء على عدم وظيفية الحيوانات المنوية». وقد بدأ المركز مناقشات مع إدارة الغذاء والدواء الأميركية حول العقار، الذي تم اختباره بالفعل على الفئران والقرود.

ويدرس جون أموري، عالم التناسل في جامعة واشنطن، عقارا تم تطويره لعدوى الديدان وتم تجريبه في ما بعد على الرجال لأنه سبب عدم الخصوبة. ويشير أموري إلى أنه اكتشف عند استخدامه الأرانب أن العقار يمنع إنتاج حمض الريتنويك الذي يمثل أهمية كبرى بالنسبة لإنتاج الحيوانات المنوية.

من ناحية أخرى تعمل ديبرا ولغموث، عالمة الجينات في المركز الطبي بجامعة كولومبيا، على اختبار عقار آخر على الفئران يمنع إنتاج حمض الريتنويك دون تفاعل مع الكحول. وقد طورت بريستول مايرز سكويب هذا العقار للأمراض الجلدية، لكنه وجد أنها تسبب تسمما في الخصيتين.

وفي هارفارد، اكتشف الدكتور ديفيد كلابهام، إخصائي البيولوجيا العصبية، أن ذيول الحيوانات المنوية تحتوي على قنوات أيونات الكالسيوم، بذرات مشحونة بالأيونات تشحن الحيوانات المنوية للوصول إلى البويضات. ولذا يعمل الدكتور كلابهام لتعطيل هذه القنوات. وقال: «لا عليك سوى إغلاق المحرك بدلا من تنبيه الأفراد داخل السيارة».

وشكلت إيلاني ليزنر، مديرة مشروع معلومات وسائل منع الحمل لدى الرجال، مؤسسة لتطوير وسائل أخرى، كان من بينها «التثبيط العكسي الموجه للحيوانات المنوية»، والمعروف اختصارا باسم «ريساج»، أو يتضمن حقن مادة هلامية في كيس الصفن لتثبيط الحيوانات المنوية. وهناك أخرى تتضمن تسخين الخصيتين لفترة وجيزة باستخدام الموجات فوق الصوتية القادرة على وقف إنتاج الحيوانات المنوية لشهور. وتقول: «يمكنني أن أتخيل عالما يمكنك فيه أخذ سيارتك كل ستة أشهر إلى محطة الوقود لتغيير الزيت والقيام بعملية الموجات فوق الصوتية في المكتب المجاور مقابل 50 دولارا».

وسيواصل العلماء الأميركيون حالة التشكك التي تصيبهم ما لم تظهر الأبحاث أن التثبيط العكسي الموجه إلى الحيوانات المنوية يمكن عكسها، أو فاعلية الموجات فوق الصوتية.

وبطبيعة الحال ينبغي على النساء أيضا الثقة في أن أزواجهن الذين يستخدمون وسائل منع الحمل كما يفعل الرجال الآن. وهناك طريقة واحدة على الأقل هي التي تعطي النساء أمانا أكثر، والتي يتم فيها زرع هرمون أسفل الجلد، والذي يمكن رؤيته بوضوح على ذراع الرجل. ويقول أموري: «الشباب يحبونها لأنهم قادرون على إظهارها، لتكون دليلا على أن الرجل يستخدم حبوب منع الحمل».

لم تتبنَّ شركات الأدوية أيا من هذه الطرق، وتنتظر هذه الشركات وسيلة آمنة مثل حبوب منع الحمل لدى السيدات والخالية من الخطر لإعطائها للرجال الأصحاء.

على الرغم من أن الهرمونات - المزروعة أو الحقن أو المواد الهلامية أو الأقراص - ليست مفضلة في النهاية نتيجة الشكوك بشأن الآثار بعيدة المدى، قد تنال الموافقة الأولية. تحقق هذه الوسائل في الوقت الراهن نتائج إيجابية لدى 95 في المائة من الرجال، لكن لم يتضح السبب في عدم استجابة الباقي لهذه العلاجات. وباستخدام هرمون البروجستين يرسل المخ إشارات إلى الخصيتين لوقف إنتاج هرمون التستوستيرون ومن ثم وقف إنتاج الحيوانات المنوية. وإعادة تزويد الشخص بكمية محدودة من التستوستيرون تعيد إليه الشهوة الجنسية والكتلة العضلية.

(كشفت دراسة صينية عن أن التستوستيرون دون البروجستين يحول دون إنتاج الحيوانات المنوية. لكن بالنسبة للأسباب غير الواضحة فإن الوسائل المعتمدة على التستوستيرون وحده فاعلة في غير الآسيويين).

ويمكن للهرمونات أيضا أن تتسبب في حدوث تأثير معاكس على القلب أو مستويات الكولسترول والجلد والحالة الذهنية، كما هو الحال بالنسبة لتحديد النسل بالنسبة للسيدات. ويشير دوغلاس كولفارد، نائب مدير البرامج في كونراد، إلى التقارير الخاصة بالاكتئاب التي صدرت مؤخرا دفعت منظمة الصحة العالمية لوقف تجربة كبيرة رعتها مع كونراد، منظمة غير ربحية في فيرجينيا. وسيتم تحليل النتائج الخاصة بالصحة وعدد الحيوانات المنوية والحمل في حال اختلاف الجرعات أو التركيبات التي قد تعمل بشكل أفضل.

وتجرى اختبارات أخرى على تستوستيرون صناعي وطرق نقله بحيث يتجاوز الكبد، لخفض مخاطر إصابة البروستاتا. ويقول مايكل ليمان، وهو مصمم معماري في سياتل، 39 عاما، إنه عانى من بعض الآثار الجانبية البسيطة من عمليات زرع الهرمون والمواد الهلامية إلى جانب حب الشباب، وربما ازدياد الرغبة الجنسية، وأنه هو وزوجته منذ أن رزقا بطفلين لا يرغبان في إنجاب المزيد من الأولاد، ونظرا لأنها توقفت عن تناول الأقراص فليس هناك خيار أفضل من استعمال الواقي الذكري.

ويبدي أوينز كراهيته لاستخدام جيل التستوستيرون، الذي وضع على كتفيه وطلب من زوجته وابنته عدم ملامسته لساعات لمنع تعريضها للضوء. ويقول: «أنا لا أحب وضع الأشياء المطاطية على أي جزء من جسدي».

ويعتقد أنها جعلته يبالغ في رد فعله تجاه الإحباطات. ويقول: «أنا لا أود أن أطلق عليهم اسم نوبات غضب، لأنني بالفعل إنسان مرح. لكني قد أثور فجأة، وقد تساءلت في البداية: لماذا أتصرف على هذا النحو؟»، بيد أنه يحب زراعة البروجستين، الذي لا يسبب أيه أضرار جانبية. على الرغم من أن ذلك قد يشكل إحباطا بالنسبة له، إذ لم تنجح دفقات التستوستيرون في مساعدته في الفوز بسباق البالغين للدراجات، إلا أن زرع الهرمون جعله شهيرا بين أقرانه.

تباينت ردود فعل الرجال تجاه وسائل منع الحمل لدى الرجال بدءا من «سأجربه» إلى «صديقي، أنت مجنون! كيف أتأكد من أن عدد الحيوانات المنوية سيعود كما كان؟».

* خدمة «نيويورك تايمز».