«بطحاء الرياض».. متنزه الوافدين الأسبوعي

عدد من الجاليات في السعودية يحرصون على قضاء يوم الجمعة فيها

منطقة البطحاء مزار أسبوعي، وأحيانا يومي، للعمالة الوافدة في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

قلب العاصمة السعودية الرياض، على موعد مع كل نهاية أسبوع مع ثقافات تتلاقى دون سابق موعد، تلك الثقافات ربما تكون من كل بقاع الأرض، فالشرق آسيوي، والأفريقي، والعربي بكل أطيافه، تكون تلك المنطقة مستقرا لهم، بعد عناء أسبوع من العمل.

يوم الجمعة، بالذات في «البطحاء»، يعني الكثير بالنسبة للعمالة الوافدة للسعودية. وهي منطقة تشتهر بالأسواق ذات الأسعار المخفضة، وتوفير جميع احتياجات الأجانب العاملين في السعودية، من ملبوسات وأطعمة، بل وحتى أدق الاحتياجات، كالسجائر الخاصة بتلك الدول، التي تباع بأسعار خاصة لهم.

فالوافدون في السعودية، وفي الرياض على وجه التحديد، ينهون أعمالهم مبكرا ليس لغرض الإنهاء فحسب، بل لزيارة المنطقة التي تشكل مصدرا مهما لشراء مأكولاتهم ومشروباتهم في البطحاء والمناطق المجاورة لها. تلك الرحلة لا يكون هدفها الشراء أو التبضع، بل يقصدونها للترفيه وتقضية وقت فراغهم ولقاء بعضهم البعض.

ومن الأهداف الرئيسية لزياراتها مثلا، اقتناء هواتف متحركة ذات طابع خاص بتلك الفئة، إذ تعد ظاهرة باتت تظهر بوادرها في سوق مخصصة لهم، لاستهدافه شريحة خاصة من المتسوقين ذوي الدخل المحدود من الوافدين.

ويبرز عند تجولك في منطقة البطحاء تخصيص عدد من أنواع البضائع، كالأجهزة الكهربائية، التي تخول عددا آخر من الوافدين للقيام بأعمال السمسرة فيما بينهم وبين كبرى الشركات، للاستفادة من العمولات.

وللخضراوات والفواكه مكان في تلك المنطقة، حيث يرى أحمد شاه، وهو أحد العمالة التي التقت بهم «الشرق الأوسط»، أن الهدف من شراء تلك الخضراوات هي قلة أسعارها في الدرجة الأولى.

وأبرز شاه خلال حديثه الخجول لـ«الشرق الأوسط» زياراته وحرصه على الزيارة بصفة دورية أسبوعية، واعتبرها بمثابة عطلة نهاية الأسبوع التي تتسم بالمتعة وقضاء وقت مع الأصدقاء، الذين بدورهم يلاقون بعضهم البعض في المنطقة ذاتها في موعد بات أساسيا في حياتهم.

من جانب آخر، قال رفيق محمد، الذي يعمل بصفة يومية في إحدى الاستراحات بالرياض، إنه عند بزوغ فجر يوم الجمعة، ينهي عمله مبكرا على غير عادة طوال أيام الأسبوع، وذلك لزيارة منطقة البطحاء.

وأضاف رفيق: «إن يوم الجمعة مخصص بالكامل بعد تعجيل أعماله العالقة لمنطقة البطحاء، فلقاء الأصحاب أمر مهم، كون عمله الرئيسي يحتم عليه عدم مشاهدة أصحابه».

وبالعودة إلى الجولة الميدانية التي قامت «الشرق الأوسط» بها، أفرز عدد من الملفات والقضايا المهمة، لعل أبرزها وجود مناطق عشوائية داخل أزقة بطحاء الرياض، تسمح للوافدين بممارسة عدد من السلوكيات الخاطئة، كان آخرها تمكن بلدية البطحاء خلال جولتها الرقابية بحي منفوحة، من ضبط عمالة تقوم بإعادة تعبئة وتغليف لحوم منتهية الصلاحية وتغيير التاريخ الخاص بها، بالإضافة إلى وضع الملصقات التجارية الجديدة، ويتم ذلك بطرق بدائية وغير مستوفية للاشتراطات الصحية في جميع الجوانب المتعلقة بالعمالة، كونهم يمارسون العمل من دون شهادة صحية، ويستخدمون موقعا للسكن وليس للأنشطة التجارية.

وتبنت دوريات أمانة بلدية الرياض مكافحة تلك المخالفات، عبر القيام بجولات تفتيشية ميدانية مفاجئة، ورصد الباعة المخالفين لأنظمة وتعليمات الإقامة، وجرى تسليمهم إلى الجهات ذات الاختصاص، مع ضبط مخالفات الأنظمة وتعليمات البيع وتسليمها إلى البلديات الفرعية، ورصد مخالفات متعلقة بالصحة العامة أو استغلال مواقع غير مرخصة.

وتقبع منطقة البطحاء في وسط العاصمة السعودية (الرياض)، ويحدها من الشرق الطريق الدائري الشرقي، وتشمل منطقة البطحاء أحياء منفوحة وحي المنصورة، وحي غبيرا، وحي العود، وأجزاء من أحياء اليمامة والديرة والصالحية.

وتقدر مساحة المنطقة بأكثر من 39 كيلومترا مربعا، ويقدر أعداد سكانها بما يقارب 824 ألف نسمة، وفقا لأمانة مدينة الرياض، فيما تقدر الكثافة العمرانية في منطقة قلب العاصمة الرياض بنسبة تتجاوز 81.48 في المائة، وتشمل 21 حيا سكنيا وتجاريا.