المتحف البغدادي يفتتح ذاكرة بغداد بالشمع الأخضر

يستقبل الزوار مجددا ابتداء من عيد الفطر

خزاف يضع اللمسات الأخيرة على «البستوكة» في باحة المتحف البغدادي («الشرق الأوسط»)
TT

مثل سواه من المواقع والأبنية التي تحتل أهمية خاصة في الذاكرة البغدادية خاصة، ولدى العراقيين عامة، فقد خضع المتحف البغدادي لتدمير منظم بعد عام 2003، حاله في ذلك حال المتحف العراقي الذي يختزن الآثار العراقية على مدى الحقب الزمنية المختلفة للحضارات العراقية منذ ما قبل التاريخ.

وبعد نحو خمس سنوات من الخراب والتدمير تمت إعادة افتتاح المتحف البغدادي عام 2008، ولكن ليس مثلما كان الأمر عليه سابقا. ولأن المتحف بما يحتويه من تماثيل شمع تمثل مختلف مراحل وجوانب الحياة البغدادية، فقد قررت أمانة بغداد إعادة تأهيله من جديد لكي يبدأ خلال عيد الفطر المقبل استقبال زواره كجزء من حاجة العراقيين إلى متنفس للتغيير.

المدير العام للعلاقات والإعلام في الأمانة، حكيم عبد الزهرة، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول أهمية إعادة تأهيل هذا المتحف، إن «المتحف البغدادي معلم مهم جدا من معالم بغداد، ومن منطلق الاهتمام بتوفير شتى صنوف الراحة للمواطنين، لا سيما أن هذا المتحف يحتل أهمية خاصة في الذاكرة البغدادية، فقد حرصنا على إعادة تأهيله من جديد بإضافة قاعات جديدة، بالإضافة إلى توفير كل المستلزمات التي تحتاجها البنية التحتية له من تزيين للجدران والأرضية وغيرها من القضايا التي يمكن أن تضفي جمالية للمكان». وأوضح عبد الزهرة، أن «المتحف البغدادي سبق أن تعرض للتدمير، ولكنه أعيد ترميمه وتأهيله، وأصبح جاهزا لاستقبال الزوار، ولكننا وجدنا أن هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى إضافات وتوسعات، وهو ما قامت به دائرة المشاريع بالأمانة ومن المؤمل أن يصبح جاهزا لاستقبال الزوار خلال أيام عيد الأضحى المبارك».

وكان المتحف البغدادي قد افتتح لأول مرة عام 1970 من القرن الماضي ويقع في جانب الرصافة من بغداد بالقرب من نهر دجلة ليس بعيدا عن المدرسة المستنصرية. ويحتل أحد المباني القديمة التي يعود تاريخ إنشائها إلى عهد الوالي العثماني مدحت باشا. عبد الزهرة أكد أيضا أن «أعمال الترميم شملت أيضا عمل شناشيل وأبواب بغدادية قديمة وعمل فوانيس تراثية لقاعة الوفود ونافورة في الساحة البغدادية على هيئة (بستوكة) خزفية متدرجة».

ويضم المتحف البغدادي المعالم الحياتية للمجتمع البغدادي على شكل تماثيل من الشمع بحيث تظهر المعالم الحقيقية للشخصية البغدادية مثل المقهى البغدادي أو الحمامات البغدادية القديمة أو التنانير التي كانت تستعمل في الماضي (تنانير الطين). وخلال العقود الماضية خضع هذا المتحف لعمليات تطوير وتوسيع شملت إضافة قاعات ومشاهد جديدة ثم أقيمت بداخله السوق البغدادية لكي تقترب أكثر من الحياة اليومية للبغداديين، وخاصة القدامى منهم الذين يمثلون الآن الأقلية في بغداد، وخصوصا بعد أن خضعت العاصمة لعمليات هجرة كبيرة خلال العقود الخمسة الماضية مما أفقد اللهجة البغدادية والنكهة البغدادية ونمط الحياة البغدادية الكثير من خصوصياتها. أحد سكان بغداد القدامى الحاج كريم فندي (80 سنة) قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «حين دخل لأول مرة إلى المتحف البغدادي أوائل السبعينات من القرن الماضي ووجد مجموعة من الناس يجلسون في المقهى وتسمع رنين أصوات ملاعق الشاي تصورتهم بشرا واقعيين وهو ما جعلني أحييهم بتحية الإسلام: السلام عليكم.. لكن أحدا لم يجبني عندها تفرست جيدا بهم فوجدتهم مجرد تماثيل من الشمع». ومن بين القضايا التي اهتمت بها الجهات الرسمية على صعيد الاهتمام بهذا المتحف ومثلما يقول مدير العلاقات والإعلام حكيم عبد الزهرة هي «المكتبة التي يحتويها المتحف، والتي تضم 4440 عنوانا تمثل خلاصة تاريخ بغداد عبر ما كتب عنها من كتب ودوريات وغيرها وتضم كل ما احتوته الذاكرة البغدادية من قصص وحكايات وأنماط معيشة وتقاليد».