مهرجان قرطاج الثقافي يساعد التونسيين على هزيمة القلق بعد الثورة

برنامج حافل تضمن فرق موسيقى ورقص ومسرح من تونس وفلسطين وصربيا وإيطاليا وإسبانيا وسوريا

فرقة من رومانيا تعزف في مهرجان قرطاج («الشرق الأوسط»)
TT

مع افتتاح مهرجان قرطاج الدولي للمرة الأولى دوت موسيقى الراب والريغي بين جنبات ميناء حلق الوادي القديم منذ التغيير الذي شهدته تونس قبل ستة شهور. في هذه الضاحية من المدينة يغني شبان تونسيون ويرقصون بعيدا عن التوترات والمخاوف الممتدة منذ أشهر، التي أعقبت اندلاع أحداث التغيير في بلادهم. واكتسب المهرجان الذي يقام حول أطلال قرطاج القديمة قرب العاصمة تونس شهرة بوصفه واحدا من أهم الأحداث الثقافية في البلاد وبات مصدرا رئيسيا لجذب السائحين الذين يزورون البلاد.

وفي حين أشعلت «ثورة الياسمين» نارا امتدت إلى أنحاء عدة في العالم العربي، ما زال التونسيون منذ ذلك الحين يواجهون ارتباكا سياسيا ومظاهرات لا تبدو أن لها نهاية وخوفا من الجريمة، لكن وفي ذات الحين أطلقت مجموعات من الموسيقيين الشبان أحدث نسخة من مهرجان قرطاج ببداية حماسية، وفي وقت سابق هذا الشهر قال وزير الثقافة عز الدين بالشاوش إنه يأمل أن يبث المهرجان البهجة والسعادة في قلوب التونسيين الذين لم يتمكنوا من الابتهاج بعد قيام ثورتهم. ويحجم الناس عن الخروج في الليل مثلما كانوا يفعلون وتغلق المتاجر في وسط العاصمة تونس أبوابها مبكرا. وتزايدت المخاوف من الجريمة بعد حوادث هروب من السجن في حين أن وجود الشرطة في بعض الأحياء ضعيف. وفي محاولة لإدخال السعادة على نفوس الناس أعدت وزارة الثقافة برنامجا متنوعا للمهرجان في مجالات الموسيقى والرقص والمسرح من تونس والأراضي الفلسطينية وصربيا وإيطاليا وإسبانيا وسوريا.

في حلق الوادي قدم مغني الراب الشاب حمادة بن عمر المعروف أيضا باسم «الجنرال» أغنياته عن الحرية والثورة أمام مئات الشبان. وأصبح الجنرال صوت آلاف الشبان التونسيين المحرومين قبل الثورة حين كان يستغل أغانيه لانتقاد بن علي الذي ألقاه في السجن. وفي ديسمبر (كانون الأول) قبل قيام الثورة بقليل أصدر أغنية على الإنترنت بعنوان «ريس البلاد شعبك مات» التي تتناول مشكلة البطالة بين الشبان والتي كانت عاملا رئيسيا وراء قيام الثورة. وقالت فتاة ترقص وتغني بين الجمهور لـ«رويترز»: «هذه لحظات رائعة.. نسينا كل خوفنا وخرجنا لنحتفل. سئمنا البقاء بالمنزل بسبب الخوف الذي نعيش فيه منذ شهور». وفي ظل وجود أمني مكثف كانت الليلة هادئة ولم ترد تقارير عن وقوع حوادث. وقال المغني سفيان صفطة للصحافيين إن من الممتع الغناء للناس في الشارع وإدخال بعض الفرحة على قلوبهم وعبر عن سعادته لأنه رأى الفرحة والبهجة في عيونهم. وتابع أنه يغني مجانا لمن لا يملكون المال لشراء التذاكر. وغنت شابات وشبان ورقص الجميع على أنغام أغنية لتونس وهم يلوحون بالعلم في تعبير عن الفخر بأن ثورات «الربيع العربي» بدأت من تونس.

وقال شاب يدعى أيمن ناصري «الاحتفال بالنصر شيء جيد. ذكرى انتصارنا على طاغية لن تمحى من التاريخ». وأضاف «لا نشعر بالخوف اليوم. نسينا الخوف حين أسقطنا بن علي.. وبينما ننتظر تطهير البلاد من أفكاره فلنسترح قليلا ونحتفل بانتصار عظيم أبهر العالم كله».

وكانت المناسبات الفنية في السابق تقام في أماكن مغلقة تحيطها أعلام تونس وصور الرئيس السابق وزوجته بينما كان يطلب من المغنين إدراج فقرات ضمن برامجهم الفنية تشيد بالتنمية الحديثة في تونس. والآن تقول وزارة الثقافة إن المهرجانات بعد الثورة ستعطي فرصا للفنانين الذين كانوا مهمشين في السابق. ويواجه التونسيون مستقبلا غير واضح.