فائزة مبارك.. أول فنانة من الإمارات تعرض أعمالها في مدينة الفنون بباريس

دوائرها عبارة عن مكعبات منقوشة.. وكتبها مغلقة بأقفال وتعاويذ وطلاسم

TT

بدت التشكيلية الإماراتية فائزة مبارك، في الساعات الأخيرة لإقامتها الفنية في فرنسا، وكأنها تريد أن تشرب باريس بعينيها لكي ترسمها، فيما بعد، في أبوظبي. كانت تقف وسط الصالة البيضاء التي عرضت فيها أعمالها، ذات الواجهة الزجاجية العريضة المطلة على نهر السين، قبالة «جسر ماري»، تتأمل النهر الذي جاورته طوال شهرين، محتضنة بكلتا ذراعيها «الكاتالوغ» الأنيق المطبوع عنها، والذي وصلتها نسخ منه للتو. إنها تستقبل آخر الزوار، أو تودعهم وتتبادل معهم أحاديث سريعة وعينها على الباب، في انتظار ظهور السيارة التي ستقودها إلى المطار بعد شهرين من الاستضافة في المدينة العالمية للفنون.

لا تنبع سعادة فائزة من نجاح معرضها الباريسي الأول فحسب، بل من أنها، أيضا، أول فنانة من الإمارات تمر بالتجربة الاستثنائية للإقامة والعمل في مدينة الفنون العالمية هذه. وتكتسب التجربة أبعادا إضافية حين تكون المقيمة فتاة جاءت، وحدها، من مجتمع محافظ لكي تمثل الفن الإماراتي وتقدم لزملائها الفنانين الآتين من مختلف القارات، وللفرنسيين والزوار الكثيرين المارين بهذا الحي السياحي، لوحات تنبع من ثقافة مختلفة.

ولعل مفردة لوحات لا تنطبق تماما على الأعمال المعروضة. إن فائزة مبارك تشتغل على المساحات المسطحة، مثلما تشتغل على المكعبات والمجسمات والمواد الصلبة البارزة التي تجعل من بعض المعروضات أقرب إلى القطع النحتية منها إلى الرسم. فهناك جداران تشغلهما مجاميع من المكعبات الخشبية البارزة التي يحمل كل مكعب منها، على واجهته، رسما أو نقشا أو تلوينا أو خطا عربيا كلاسيكيا أو صورا مقطعة وملصقة. إن كل واحدة من المجموعتين تشكل عملا واحدا متآلفا تطلق عليه صاحبته اسم الدائرة. لماذا؟ ترد بأن الدائرة هي الشكل الذي يتكون، تلقائيا، من وضع مجموعة من المربعات فوق بعضها. وهي كانت قد «رسمت» دائرتها الأولى في أبوظبي. وبعد ذلك أنجزت هاتين الدائرتين الأخريين أثناء عملها في باريس.

تعرض الفنانة الخليجية كتبا تشبه مجلدات الأولين وقراطيس الطلاسم الشرقية المعتقة التي تغري الفرنسيين بالدوران حول منصة العرض، بحثا عن مفتاح الألغاز. وهناك، على غلاف أحد «كتب الأسرار» التي تجمل توقيع فائزة، يجثم قفل حديدي صدئ ذو سقاطة، من النوع الذي تقفل به، عادة، أبواب البيوت التراثية القديمة. وهناك لوحات بالأسود والأبيض فقط، تعمدت الفنانة فيها أن يتجاور اللونان المتضادان للدلالة على الإلهام الذي تستمده من أبوظبي مرة، ومن باريس مرة تالية. لهذا جاء معرضها هذا بعنوان «أبوظبي على ضفاف السين».